عبد الحميد أفندي البرديسي الرجل المعتز بكرامته، والملك المهذب

كان هذا الرجل مدرسا للغة العربية بإحدى مدارس طنطا، ولسبب من الأسباب وفي ملابسات لا يعرفها راوي القصة وقع عليه الاختيار الملكي لتعليم الخط للطفل فاروق ابن الملك فؤاد ملك مصر والسودان، فانتقلت إقامته من بلده إلى قصر عابدين وكان يجالس الأمير الصغير يوميا ليعلمه قواعد الكتابة والخط ويعود إلى بلده مرة كل أسبوع، ومرت السنون وكبر الصغير وسافر إلى أوروبا وعاد المعلم إلى بلده وعاد الأمير إلى وطنه ملكا للبلاد.

عقد حفل في القصر الملكي لتكريم العلماء المصريين، ولم ينس الملك الشاب معلمه الأول فأمر بدعوته ضمن المدعوين لذلك الحفل، دخل الأستاذ إلى الحفل ببدلته العادية، وكان مظهره غريبا على القاعة الفخيمة حتى إن المعاونين سألوه مرات عن شخصيته وطالبوه بإبراز بطاقة الدعوة.

بحث الرجل عن تلميذه الملك فوجده قاعدا في إحدى القاعات مع لفيف من باشوات السياسة وأساطين الدولة فألقى السلام فلم يرد عليه أحد، فألقاه أخرى بصوت أعلى فالتفت إليه الملك فرد السلام بغير اكتراث وعاد إلى حديثه، فما كان من الأستاذ إلا أن صاح بأعلى صوته: قم اقف وانت بتكلم أستاذك يا ولد!!! بهت الحضور وساد صمت مطبق، الكل ينظر إلى وجه الملك في ترقب لرد فعله.

فإذا بالملك يقوم فيمشي إلى أستاذه فيصافحه مرحبا قائلا بصوت مسموع: آسف يا أستاذي سامحني لم أنتبه لشخصك! فوضع الأستاذ يده على كتف تلميذه في حنان قائلا: ازيك يا فاروق.. لسة بتحب الشوكولاتة السويسري؟ فاكر لما كانوا يبعثوها لك معي دون علم جلالة الملك؟

وعاد الحفل إلى طبيعته المألوفة!!