أيها الرماة لا تتركوا مواقعكم

بقلم / علاء فهمي

– ما حفزني على الكتابة مرة ثانية في هذا الموضوع خوفي من أن نتقوقع فنتحول إلى مؤسسة خدمات اجتماعية للمشتركين فيها ، بترك رماة الدعوة مواقعهم وانشغالهم بتسيير الحياة اليومية ، مع واقع أن هناك من يسحبون الأرض من تحت أرجلنا ، ومن يخططون لملء الفراغ ، ومن يدبرون بالليل والنهار لقطع نسل الدعوة ، وتجفيف منابعها ..

– نسي الكثيرون منا فتى السيسي بدران وفتى حزب النور بكار اللذين ذهبا لأمريكا للاستعداد لجولات قادمة ، فليس الزمن زمنهم فأرسلوا روادا للمستقبل .. ومثلهما كثيرون مجهولون يخططون ليوم آخر ويعدون العدة ويتقلدون أسلحة المستقبل ويتعلمون أدواته ..

– يذكرني هذا الموقف بموقفين متباينين في غزوة الخندق ، رسول الله صلى الله عليه وسلم يحفز المسلمين ويربطهم بالمستقبل المأمول ، ويبشرهم بفتح كنوز كسرى وقيصر ..

– بينما المتخاذلون من المنافقين يرون ذلك هراء ودغدغة للمشاعر ، فعندما هبت الرياح يستغربون من أن محمدًا كان يعدهم كنوز كسرى وقيصر ، والواقع من وجهة نظرهم أن أحدهم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط !!

حيث لا ننظر في بعض الأحيان إلا إلى تحت أرجلنا فتستوعبنا الأحداث ، ومن ثم فهناك من يعتبر أن غير ذلك من تفكير ترف وعبث وتضييع للأوقات وعدم معايشة للواقع ..

– وينسى أن فرج الله الذي ينتظره على أحر من الجمر يحتاج إعدادًا وسعيًا وتجهيزًا ، وأنه لا يتصور مجيء فرج الله على قوم لم يستعدوا لمجيئه ، فقد كان كل دأبهم مداواة المرضى وتضميد الجراح ، ولم يتصوروا أن غد الفرج يحتاج بجوار المرضى المعافين والجرحى المضمدة جراحهم كفاءاتٍ ووقودًا أكثر مما هو موجود وقت الأزمة ..

– وأن الأرض التي تنتظر الفرج لا يمكن أن تبقى على حالها إذا ترك أهلوها رعايتها وزراعتها وتنميتها ، اعتمادًا أن ذلك من أعمال ما بعد الفرج ، وسيصدمون ساعتها حين يجدون الأرضَ غير الأرض والناسَ غير الناس ، وقد ترفضهم الأرض ، وقد لا يعرفهم الناس !!

– وعليهم أن يدركوا أن الشباب الذين ينتظر أن يحملوا رايات النصر يوم الفرج هم الأشبال الموجودون اليوم ، والذين إذا تُركوا وشأنهم سيضيعون ، وساعتها سيأتي الفرج على قوم كبار سن منهكين منقطعين عن الأجيال فأنى يستفاد به ؟

– وأن المجالات التي تنتظر أن يعتليها المنتصرون ستحتاج من يديرها ويتقن فنونها ، وإذا لم ننتبه الآن لذلك ونتدارك الأمر فسنكرر ما اعتبرناه أخطاء أجيال سبقتنا ، ونكون فرطنا في تسليم الأمانة للأجيال التي بعدنا ..

– والواقع الآن أن هناك كثيرين مبثوثون في أنحاء الأرض بالداخل والخارج اختيارًا أو جبرًا ، وجب عليهم أن يسدوا الثغرات التي انتدبوا لها اختيارًا أو إجبارًا ،

– ولابد لهم أن يدركوا أنهم كرماة أحد لا يغادرون موقعهم إلا بإذن ، فيذبون عن الدعوة وينضحون الخيل عنها ..

أو أنهم ممن سيأتون بكنوز كسرى وقيصر !!

(ما أنبه عليه هو : هناك شعب انشغل الكثير منا في التهكم والهجوم عليه ، مع أنه مجال دعوتنا ، ومجال دعوة الآخرين !!

فكل يوم تترك فيه العمل معه بطرائق الدعوة يتلقفه آخرون بالدعوة المضادة والتربية العكسية ، ويتعاملون مع الواقع الحاضر أنه فرصة يجب أن لا تضيع منها لحظة !!

ويخشى الدعاة أن يمر زمن في علم الله وتنقشع بعده الغمّة ، فيصدموا بواقع أرضي قد اهتزت عنده ثوابت أقامها السابقون ، وتخلخلت مسلمات تصوّر بعضنا أن لا يناقشها أحد مرة ثانية ، ونضب منه الشباب الذي تربى في مدرسة المسجد ..

فلا تتركوا الأرض تسحب من تحت أيديكم وأنتم تنظرون !!

– هناك دعوات تنتشر في أوساط شباب مثقفين بوجوب التحرر من قيد المادة الثانية من الدستور ، بعد أن كان الحديث في هذه النقطة محرما ولا يجرؤ عليه أحد ،
– وهناك كثيرون يروجون استحالة صلاحية تطبيق الشريعة الإسلامية في القرن الحادي والعشرين ،
– وهناك كثيرون تركوا الصلاة والقرآن وكانوا من قبل مصلين ،
– وهناك من تخلت عن الزي الشرعي وما رافقه من آداب ،

يتوازى مع ذلك تجفيف منابع الدعوة والإصلاح – آخرها قرار وزيرة التضامن – ،وفتح مجالات الفساد والانفتاح الغير منضبط ..

وغير ذلك كثير يمكن لباحث مدقق أن يرصده ، لكن المشكلة الأساس في انشغالنا نحن عن ذلك ، إما بمشاكلنا الداخلية أو الأمنية ، وإما بالهجوم والتشفي من الشعب ابن الـ .. ، واللي ميستاهلش ، والناكر الجميل ، الراضي ببيادة العسكر )