هو خليفة أموي، يعده المسلمون الخليفة الراشدي الخامس لعدله وورعه وزهده وتقواه.

 بويع له بالخلافة في المسجد الأموي على أساس وراثي، فاستعفى منها، ثم صاح به أهل المسجد مبايعين من كل قلوبهم، مناشدين إياه أن لا يتركها لغيره، إذ كيف يتركها الصالح للطالح؟!

 فقبلها على أساس شوري، ثم خرج من المسجد إلى بيته ماشياً تاركاً الركوبة الموشاة بالذهب والحرير؛ لأنها حرام. ولما وصل البيت قال: السلام عليكم.

 فقالت زوجته بتدلل و تبريك: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أمير المؤمنين.

 قال: يا فاطمة من أين لك هذا الذهب؟

قالت باستغراب: هذه الحلية من أبي الخليفة، وهذه من الخليفة أخي، والثالثة من أخي الخليفة الثاني… الخ

قال: يا فاطمة اختاري.

فقالت ماذا أختار؟ هل الذهب أم الفضة؟ قال: بل اختاري إمّا أنا وإمّا الذهب؟

قالت: ماذا أفعل به؟ قال: ترجعينه إلى بيت مال المسلمين.

هنا عرفت فاطمة أن زوجها يريد أن يقوم بحركة إصلاحية واسعة، وفهمت أن البداية لا بد أن تكون من بيت الخلافة.

فقالت: والله لا أختار عليك شيئاً يا أمير المؤمنين، وأعادت جميع حليها إلى بيت مال المسلمين، فلما توفي قال لها أخوها الخليفة:

لقد مات عمر فهل أعيد لك حليك فهو لا يزال بحاله.

 فقالت: فاطمة والله ما كنت لأرضيه وهو حي و أسخطه وهو ميت…!

 وفي إحدى الليالي كان عشاء بناته عدساً مع بصل فقط؛ فقامت إحدى بناته لتقول:

يا والدي لقد عم الخير على يديك كل بلاد المسلمين ماعدا بيتك، وفرح بك كل المستضعفين ما عدا بناتك، واستغنى بك كل المحتاجين و أفقرتنا نحن فقال فيهن خطيباً ومحدثاً يذكرهن بأيام الصحابة الأولى وما كان عليه حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجاته الطاهرات… فما خرج من عندهن إلا وهن يبكين …

 وفي العيد طالبه أبناؤه بلباس العيد الذي لم يكن يجد ما يشتريه لهم به من المال…. وحينما صعد المنبر قال بخطبته المشهورة:

 “أيها المسلمون ليس العيد لمن لبس الجديد إنما العيد لمن خاف الله ويوم الوعيد”.

 وفي بلاد المغرب الإسلامي جمعت الزكاة من الأغنياء، ولكن لم يأت أحد من الفقراء لأخذ الزكاة، قال عمّال الزكاة: لعل أحد الفقراء يكون مريضاً أو عاجزاً أو أصمّاً، فاذهبوا إلى البيوت ودقوا الأبواب، فلم يجدوا أحداً يأخذ من الزكاة شيئاً قائلين لقد أغنى عمر الناس.

 هنا قام عامل المغرب –العامل هو الوالي- بإرسال رسالة إلى عمر يخبره بأنه سيرسل هذا المال إليه، ولكن عمر رفض ذلك رفضاً قاطعاً، فما كان من والي المغرب إلا أن اصدر الأمر التالي:

 من كان أعزباً ولم يكن عنده مهر فزواجه من بيت مال المسلمين، فزوج الشباب.

 ولكن المال لم ينفد فقال: من كان عبداً لا يجد عتقاً فعتاقه في بيت مال المسلمين، فحرر العبيد، ولكن المال لم ينفد أيضاً، فقال: من كان عليه دين ففكاكه في بيت مال المسلمين، وبقيت في بيت المال بقية ادخرت للمستقبل.

 ويروى أن رجلاً في البرية قد رأى وحشاً يعدو على غنمه فقال: أشهد بالله أن عمر بن عبد العزيز قد مات، وعندما عاد إلى المدينة وجد أن عمر قد مات حقاً.

 ولو تتبعنا سيرة هذا الإمام العادل، والخليفة الراشد والملك الزاهد لوجدنا أنه ابن بنت بائعة الحليب ، فما قصتها؟

 كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتجول في الليل يتفقد رعيته، ووصل إلى بيت وسمع فيه امرأة تقول لابنتها: قومي يا ابنتي فامذقي اللبن- أي اخلطي الحليب بالماء-

فقالت: يا أمّاه ، إن عمر قد نهى عن ذلك.

 قالت العجوز، وما يدري عمر بنا الآن.

قالت البنت: يا أماه إن كان عمر لا يرانا فإن رب عمر يرانا.

 وفي الصباح جمع عمر رضي الله عنه أولاده وطلب منهم أن يتزوجها أحدهم فتزوجها عاصم لتقواها؛ فولدت له بنتاً تزوجها عبد العزيز فولدت له عمر فكان أشبه الناس بعدالة عمر y.