مُعظَمُ النَّاسِ يَسْعَونَ جاهدينَ لتحقيقِ السَّعادةِ والنَّجاحِ، ونَجَاحُ الإنسانِ في حياتِهِ يَكمُنُ في صِدْقِهِ، وإخلاصِه مع رَبِّهِ وتطبيقِه لأحكامِ شَرعِهِ، ومعاشرتِه للنَّاسِ بأحسنِ الأخلاق وأفضلها، وحماية اللسان من الخوض فيما لا يَعني و لا يُغني، لأنّ الرسولَ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد وجّه المسلمَ لاغتنام طاقاتِه فيما ينفعُه، وتركِ ما يضرُّه، ففي الحديث الصحيح: “مِن حُسْنِ إسلامِ المرءِ تَرْكُه مَا لا يَعنِيهِ” رواه الترمذيّ وحسّنه.

 التغافل خلق عظيم و فن من فنون التعامل مع الناس لا يتقنه إلا كل حليم، والتغافل هو تعمد الغفلة، هو تكلف الغفلة مع العلم والإدراك لما يتغافل عنه تكرما وترفعا عن سفاسف الأمور.

ومن أجمل الأقوال التي قيلت عن التغافل:

الإمام الحسن البصري: مازال التغافل من فعل الكرام .
عبد الله ابن المبارك :والمؤمن يطلب المعاذيروالمنافق يتصيد الزلات
ابن الجوزي: من أرقى شيم الكرام التغافل عن الزلات فإن الناس مجبولون على الزلات , إن أهتم المرء بكل زلة تعب وأتعب أما العاقل الذكي من لا يدقق بكل صغيرة وكبيرة مع أحبابه وأهله وزملائه وجيرانه لكى تحلو مجالسته وتصفو عشرته  .فالتغافل فن لا يتقنه إلا العظماء وهوأسلوب بديل للتغاضي عن البغض والقطيعة .
و الكريم لا يكتفى بالعفو والصفح وإنما يتجاوز ذلك للتعامل الحسن.ومن أجمل وأعظم مواطن التغافل قول سيدنا يوسف ” من بعد أن نزغ الشيطان بينى وبين إخوتى ” على الرغم من أن الشيطان نزغ إخوته ولكنها من مكارم الأخلاق .قال تعالى ” ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم ” .
  التغافل عن هفوات الآخرين لا يجيدها ولا يتقنها إلا حكيم سعيد وكلما أجدنا التغافل أقفلنا بابا من أبواب الشر .
إن شر الناس منزلة يوم القيامة من يتقيه الناس مخافة لسانه .ولنبتعد عن التدقيق بالتفاصيل يرهق أنفسنا بالتفكير أما بالتغافل تطيب حياتنا ومجالسة الآخرين .
ومن فضائل التغافل مارواه البيهقي في مناقب الإمام أحمدعن عثمان بن زائدة قال ” العافية عشرة أجزاء تسعة منها في التغافل “.فحدثت به أحمد بن حنبل فقال : ” العافية عشرة أجزاء كلها في التغافل”.
 التغافل فن من فنون الحياة المهمة .والمتغافل إنسان لين مع نفسه ومع الآخرين .
الأب والأم المتغافلان عن الزلات يكسبان أطفالهم هذا الخلق ولا يخلو أحد من نقص فعلينا بالتغافل عن الزلات و التغافل عن ما لا يهم هو العقل والمرء لا يكون عاقلا إلا عندما يتغافل عن ما لا يعنيه .