ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ:

ﻣﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﻋﻴﻮﺏ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻠﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺃﺭﺑﻊ ﻃُﺮُﻕ :

الطريقة الأولى:

     أن يجلس بين يدي شيخ بصير بعيوب النفس يعرفه عيوب نفسه وطرق علاجها وهذا عزّ في هذا الزمان وجوده فمن وقع به وقع بالطبيب الحاذق فلا ينبغي أن يفارقه.

الطريقة الثانية:

     أن يطلب صديقا صدوقا بصيرا متدينا وينصِّبه رقيبا على نفسه لينبهه على المكروه من أخلاقه وأفعاله.

الطريقة الثالثة:

     أن يستفيد معرفة عيوب نفسه من ألسنة أعدائه فإن عين السخط تبدى المساوئ وانتفاع الإنسان بعدو مشاجر يذكر عيوبه أكثر من انتفاعه بصديق مداهن يخفي عنه عيوبه.

الطريقة الرابعة:

    أن يخالط الناس فكل ما يراه مذموما فيما بينهم يجتنبه.

محاسبة النفس:

كذلك ينبغي أن لا يغفل الإنسان عن محاسبة نفسه، فقد جاءت النصوص الآمرة بمحاسبة النفس في القران العظيم والسنة المطهرة و في أقوال السلف الصالح و نذكر منها :

قال تعالى : ”  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ  نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)”  سورة الحشر 18

فالآية تأمر المؤمنين بتقوى الله و أن يخافوه ويراقبوا أعمالهم ويتأملوا فيها وينظروا ، هل هي  موافقة لما أمر الله تعالى به أم لا.  فالنفس “مأمورة من الله عز وجل بان تنظر في عملها و ما قدمت لغدها من خير و شر، وفي هذا تنبيه لها و تحذير لان ما قدمته من عمل ستحاسب عليه خيرا أو شرا”.

“والمقصود من هذا النظر ما يوجبه و يقتضيه من كمال الاستعداد ليوم المعاد وتقديم ما ينجيه من عذاب الله و يبيض وجهه عند الله.

و قال ابن كثير في تفسير تلك الآية: “حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا  وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم و عرضكم على ربكم” .

وفي الحديث عن شداد بن أوس قال:  قال رسول الله r ” الكيس من دان نفسه و عمل لما بعد الموت و العاجز من أتبع نفسه هواها و تمنى على الله الأماني. ‌ ” ( رواه ابن ماجه و قال حديث حسن )،  و معنى دان نفسه أي حاسب نفسه في الدنيا.

 وعن عمر بن الخطاب قال:”حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا  و زنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم  و تزينوا للعرض الأكبر، و إنما خف الحساب يوم القيامة على من حاسب نفسه في الدنيا”

وعن ميمون بن مهران: لا يكون الرجل تقيا حتى يحاسب نفسه كما يحاسب شريكه … من أين مطعمه و مشربه.

و قال ابن القيم: من لم يحاسب نفسه في الدنيا فهو في غفلة.

و قال الحسن:  إن العبد مازال بخير ما كان له واعظ من نفسه و كانت المحاسبة همه.

و كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري: حاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة.

معرفة أسباب العيب:

كما ينبغي الوقوف على الأسباب الحقيقية لهذا العيب، وقد يصاب الفرد بعيب من عيوب النفس دون أن يشعر بذلك، فعليه أن يجتهد في الوقوف على عيوب نفسه، لأن بداية العلاج أن يدرك المصاب أنه مريض وأن يشعر بحاجته إلى العلاج ، وأن يكون له جهد ذاتي في تعاطي العلاج والمداومة عليه، وإلا ما لبث أن يعود عليه المرض مرات ومرات، وقد يكون أشد من النوبة الأولى حتى يكون هلاكه والعياذ بالله. والوصول إلى جذوره لاجتثاثها وعلاجها، ونستطيع أن نركز على سبيلين أساسين للعلاج من أي عيب وهما :

  • الاهتمام بتزكية النفوس وذلك من خلال: الوسائل العملية التي تقرب الفرد من الله عز وجل        ( كتلاوة القرآن – وذكر الله عز وجل – والمحافظة على الصلوات وخاصة الجماعة – و…………   وغير ذلك من وسائل الارتقاء  الإيماني).
  • الوسط والبيئة وأثره: أن يضع الفرد نفسه وسط بيئة صالحة تعينه على الارتقاء بنفسه وتتمثل فيها الأخلاق الفاضلة وتكون فيها نماذج وقدوات يقتدي بها ويتشبه بهم .