بقلم الدكتور:أحمد عبدالهادي شاهين

كل عضو له تمام ونقصان، وتمام العين البصر، ونقصانها فى العمى، والبصر نعمة من أعظم النعم، لا يعرف قيمته إلا من فقده، لذلك يجب أن يستخدمه الإنسان فى النظر إلى ما أحل الله، وليس إلى ما حرم الله. ومما يعين على غض البصر ما يأتى:

1ـ التحصن بتقوى الله -عز وجل- والخوف من غضبه وعذابه فى الدنيا والآخرة، قال تعالى “ومن يتق الله يجعل له مخرجا

2ـ استشعر المراقبة والمحاسبة من الله تعالى فى كل نظرة من نظرات العين، حيث يقول: “إن الله كان عليكم رقيبا“وقال تعالى: “يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدو “فالله هو وحده الذى يعلم الخفايا والطوايا، ويعلم  ما يفكر فيه الانسان، وما حوله من الناس لا يشعرون به.

وأن يستشعر أن الجوارح كلها محل سؤال من الله يوم القيامة، والله يقول:“إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً

3ـ  دفع الوساوس والخواطر السيئة قبل أن تتحول إلى عزم أو فعل: وذلك بمجاهدة النفس وقطعهاعن الاسترسال والتمادى فى النظر الحرام ، والصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده وتوجه النبى ﷺ  بالنصيحة إلى سيدنا على-رضى الله عنه- ليحفظ له إيمانه وتقواه، حيث إن إطلاق النظر يذهب الإيمان، ويضعف التقوى، فقال يا على: “لا تتبع النظرة النظرة، فإن الأولى لك والثانية عليك

وسئل النبى ﷺ من نظرة الفجأة فقال: “اصرف بصرك” .

4ـ  الإستعانة بالزواج المبكر، أو الصوم فإنهما وقاية من الانحراف: وفى الحديث”إذا أحدكم أعجبته امرأة فوقعت في قلبه، فليعمد إلى امرأته فليوقعها، فإن ذلك يرد ما في نفسه“.

وقال فى الحديث: “ومن لم يستطع –أى الزواج- فعليه بالصوم فإنه له وجاء” أى وقاية من المعاصى لأنه يضعف أثر الطعام فى الجسم فيكون الإنسان هاد ئ النفس.

5ـ الخوف من سوء الخاتمة أو الموت على المعصية: وفى الحديث: (“يبعث كل عبد على ما مات عليه” فلماذا لا يتخيل الإنسان أنه قد يموت على معصية ولا يتوب منها فيضع نفسه فى حرج أمام الله يوم القيامة.

6ـ مصاحبة الأخيار والصالحين والبعد عن الأشرار ومجالسهم فطبائع الناس يعدى بعضها بعضاً بالمعاشرة والمخالطة قال تعالى” :واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه) وفى الحديث: “المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل

7ـ الاستعانة بالله من خلال الدعاء المستمر فالعبد الصالح هو الذى يطلب الحماية من سيده بأن يحفظه من الفتن ما ظهر منها وما بطن ومن الأدعية المأثورة “اللهم عافنى بدنى اللهم عافنى فى سمعى اللهم عافنى فى بصرى” .

من فوائد غض البصر:

1ـ يورث القلب نوراً واشراقاً وقوة وشجاعة وسروراً وفرحاً وينعكس هذا النور على الجوارح والأعضاء ولذلك المتقين هم أحسن الناس وجوهاً.

2ـ يورث صحة الفراسة، قال أحد الصالحين: (من عمر ظاهره باتباع السنة وباطنه بدوام المراقبة، وغض بصره عن المحارم، وكف نفسه على الشهوات وأكل من الحلال لم تخطئ فراسته).

3ـ يورث محبة الله تعالى ومرضاته والحياة الطيبة، والله تعالى يقول: “فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى

4ـ تذوق حلاوة الإيمان، فإذا كان إطلاق النظر يذهب الإيمان، ويضعف التقوى، فإن العكس صحيح، والمحافظة عليه يقوى الإيمان والتقوى، وفى الحديث: (ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة ثم يغض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها في قلبه .

فثمرة المجاهدة أن يستشعر حلاوة الإيمان “ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه

5ـ دخول الجنة: ولقد ضمن الرسول ﷺ الجنة لمن تحكم فى جوارحه، وحافظ عليها من الآفات المحرمة، فقالك:”اضمنوا لى ستاً من أنفسكم أضمن لكم بهن الجنة، اصدقوا إذا حدثتم، وأدوا إذا أؤتمنتم، وأفوا إذا واعدتم، وغضوا أبصاركم، واحفظوا فروجكم، وكفوا أيديكم .

إن القوة والرجولة الحقيقية هى أن يكون الإنسان متحكماً فى غرائزه وشهواته، وليست هى التى تتحكم فيه، وأن لا يضع نفسه فى موضع يلام عليه، وأن يكون يقظاً من مداخل الشيطان، فلا يترك له ثغرة، ينفذ منها إلى إيمانه وقلبه وتقواه، كما أن مجاهدة النفس والشيطان، أشد من مجاهدة الأعداء والخصوم، والله تعالى يقول: “والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين

نسأل الله أن يعيننا على حفظ الجوارح،وأن يحفظنا من الذنوب والمعاصى ما ظهر منها وما بطن.