بلال أول من رفع الأذان بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد الذي شيد في المدينة المنورة واستمر في رفع الأذان لمدة تقارب العشر سنوات.

بعد وفاة النبي ذهب بلال إلى أبي بكر رضي الله عنه يقول له: يا خليفة رسول الله، إني سمعت رسول الله

صلى الله عليه وسلم- يقول: “أفضل عمل المؤمن الجهاد في سبيل الله”.

– قال له أبو بكر: (فما تشاء يا بلال؟).

– قال:أردت أن أرابط في سبيل الله حتى أموت.

– قال أبو بكر: (ومن يؤذن لنا؟؟).

– قال بلال وعيناه تفيضان من الدمع: إني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله.

– قال أبو بكر: (بل ابق وأذن لنا يا بلال).

-قال بلال:إن كنت قد أعتقتني لأكون لك فليكن ما تريد، وان كنت أعتقتني لله فدعني وما أعتقتني له.

-قال أبو بكر: (بل أعتقتك لله يا بلال).

فسافر إلى الشام حيث بقي مرابطا ومجاهدا يقول عن نفسه: (لم أطق أن أبقى في المدينة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم).

وكان إذا أراد أن يؤذن وجاء إلى: “أشهد أن محمدًا رسول الله” تخنقه عَبْرته، فيبكي.

 فمضى إلى الشام وذهب مع المجاهدين، وبعد سنين رأى بلال النبي صلى الله عليه وسلم- في منامه وهو يقول: (ما هذه الجفوة يا بلال؟ ما آن لك أن تزورنا؟).

فانتبه حزيناً، فركب إلى المدينة، فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم- وجعل يبكي عنده.

فأقبل الحسن والحسين فجعل يقبلهما ويضمهما فقالا له: (نشتهي أن تؤذن في السحر!).

فَعَلا سطح المسجد فلمّا قال: (الله أكبر الله أكبر) ارتجّت المدينة.

فلمّا قال: (أشهد أن لا آله إلا الله) زادت رجّتها.

فلمّا قال: (أشهد أن محمداً رسول الله).

خرج النساء من خدورهنّ..

فما رؤي يومٌ أكثر باكياً وباكية من ذلك اليـوم.

وعندما زار الشام أمير المؤمنين عمر-رضي الله عنه- توسل المسلمون إليه أن يحمل بلالا على أن يؤذن لهم صلاة واحدة.

ودعا أمير المؤمنين بلال، وقد حان وقت الصلاة ورجاه أن يؤذن لها، وصعد بلال وأذن.. فبكى الصحابة الذين كانوا أدركوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبلال يؤذن، بكوا كما لم يبكوا من قبل أبدا، وكان عمر أشدهم بكاء..

وعند وفاته تبكي زوجته بجواره، فيقول: “لا تبكي،غدًا نلقى الأحبة محمدا وصحبه”

“هذا ما تقشَعر له الأبدان وتفيّض له الأعيّن” وصلى الله على نبينا وحبيبنا وقرة أعيننا محمد صلى الله عليه وسلم.