فقه الصلاة : وإنما جعل فقه الصلاة من أسباب الخشوع،لأن الجهل بأحكامها ينافي أداءها كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن خشوع المسيء صلاته، لا يفيده شيئاً في إحسانها ولا يكون له كبير ثمرة حتى يقيم صلاته كما أمر الله.
ولقد صلى رجل أمام رسول الله عليه وسلم فأساء صلاته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم “ارجع فصل فإنك لم تصل” [رواه البخاري ومسلم وأبو داود].
5) تكبيرة الإحرام: تكبيرة الإحرام هي أول شجرة تقطف مها ثمرة الخشوع والذل والانكسار، تقطفها وتتذوق حلاوتها حينما تتصور وقوفك بين يدي الله، وحينما تغرق تفكيرك في معاني “التكبير” فتتصور قدر عظمة الله في هذا الكون، وتتأمل – و أنت تكبر – في قول الله جل وعلا { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} [البقرة : 255] ثم تتأمل قول ابن عباس رضي الله عنه أن الكرسي موضع القدم، فحينئذ تدرك حقيقة الله أكبر”. تدركها وهي تلامس قلبك الغافل عن الله فتوقظه, وتذكره بهول الموقف وعظم الأمانة التي تحملها الإنسان، فتدرك حقيقة التكبير وأسراره وتنظر إلى حالك مع الله وما فرطت في جنبه سبحانه ثم تتيقن أنه سبحانه قد نصب وجهه لوجهك في لحظه التكبير لتقيم الصلاة له راجياً رحمته وخائفاً من عذابه، إنه لموقف ترتعش له الجوارح وتذهل فيه العقول. كان عامر بن عبد الله من الخاشعين، قيل له ذات يوم: هل تحدثك نفسك في الصلاة بشيء؟ قال: نعم, بوقوفي بين يدي الله عز وجل, و منصرفي إلى إحدى الدارين، قيل فهل تجد شيئاً من أمور الدنيا؟ فقال: لأن تختلف الأسنة في أحب إلي من أن أجد في صلاتي شيئاً من ذلك.
فهكذا كان السلف إذا دخلوا في الصلاة فكأنما رحلت قلوبهم عن أجسادهم من حلاوة ما يجدون من الخشوع والخضوع. وللحديث بقية إن شاء الله