لماذا يكره علماء السلطان ابن_تيمية؟

في يوم فوجىء أهل دمشق بأن التتار على أبواب المدينة، ففزع الناس، وفر الأمراء وعلماء السلطان، وتركوا الناس في رعب وعمت الفوضى البلاد، وكتب الأمراء وعلماءهم قبل هروبهم من دمشق إلى قائد القلعة أن سلم القلعة لجيش التتار واستسلم.

فانتفض الإمام #بن_تيمية عليه رحمة الله، وجمع تلاميذه ووزعهم على الشوارع والأزقة، وطلب منهم أن يحفظوا الأمن، ويطمأنوا الناس ويقاوموا البلطجة والإجرام الذي حدث نتيجة الفوضى.
وبالفعل هدأت المدينة واطمئن الناس، ثم جمع تجار السلاح وأخذ يحدثهم عن الجهاد وأجر من جهز غازيا في سبيل الله، وبين لهم موقفهم الشرعي وأنهم في حالة دفاع عن النفس، فاستجاب له التجار وأعلنوا امتثالهم له، ووافقوا على تسليح العامة من أهل دمشق ليدافعوا عن المدينة، ثم كتب إلى قائد القلعة يذكره بالله وما زال به حتى استجاب له قائد القلعة، ووعده ألا يسلم القلعة لجيش التتار حتى آخر نفس فيه وآخر حجر فيها.

فأصبح بن تيمية المحرك والجامع والقائد لأهل دمشق جميعا، ولما شعر بأن ورائه قوة انطلق إلى قازان قائد جيش التتار ليرده عن دمشق وكانت الصدمة التي اعتادها ابن تيمية من شيوخ السلطان
لما دخل ابن تيمية على قازان وجد الأمراء والعلماء الذين هربوا عنده في مجلسه، يبايعونه خوفا على أنفسهم بحجة حقن الدماء والغلبة له، فلما دخل ابن تيمية أفسح له قازان، وراح ابن تيمية بجرأة وقوة يكلمه ويذكره بأن ما يفعله جرم وذنب عظيم، وأنه لن يسلم المدينة وعليه أن يرجع بجيشه.

وكان جيش التتار على الإسلام ولكنهم على الفساد أكثر، فأعجب قازان بـابن تيمية وجرأته في مجلسه، فنظر للأمراء والعلماء فأشاروا عليه بأن ابن تيمية خارج عليه وأنه هو المتغلب فلم يسمع لهم، ثم أفسح أكثر فى مجلسه لابن تيمية وقربه، ثم نادى جنوده أن أعدوا الطعام للشيخ، فجهزوا مائدة كبيرة، فاجتمع عليها الأمراء والعلماء وبادر الهاربون من دمشق على المائدة.

ولم يتقدم ابن تيمية، فناداه قازان قائلا مالك لا تأكل ما أعددناه لك، فقال أنا لا أكل حراما، وإنما طبخت لي غنم الضعفاء والفقراء الذين استوليت على أموالهم وأغنامهم، وطبخته على حطب سرقه جنودك من فقراء البلاد وضعفاءها، فاتق الله ياقازان فإن ابن تيمية ما كان له أن يأكل حراما.

يقول أحد من كان في صحبة #بن_تيمية، فوالله لقد لملم القوم ملابسهم خوفا من أن تغرقها دماء ابن تيمية، فما كان إلا أن عم الصمت وقتا طويلا، ثم نادى قازان على ابن تيمية وقال، ادع الله لي يا إمام، فقال:

اللهم إن كان هذا الرجل جاء لعزة الإسلام والمسلمين فانصره وأخضع له العباد وافتح له البلاد، وإن كان لغير ذلك فافعل به ما يستحق .

فأمّن قازان على دعاء ابن تيمية، ثم نادى على جنوده أن احرسوا الشيخ حتى يعود إلى دمشق سالما، فقال لا أخرج إلا بين أسرى دمشق الذين أسرهم جندك، فأخرج له قازان الأسرى من المسلمين، فرفض ابن تيمية أن يعود، وقال يا أيها القائد إن أسرى دمشق كلهم أبناء دمشق، وما كان لي أن أعود إلا بالجميع، فنادى قازان على الجنود أن أطلقوا سراح الأسرى كلهم المسلمين والنصارى، واحرسوا الشيخ حتى يعود سالما.

الخلاصة
أن بن تيمية كان يعمل لله، فكانت أفعاله تفضح مدعي العلم، وتكشف زيفهم وتعريهم أمام العامة، وما وقع بن تيمية رحمة الله عليه في محنة إلا بوشاية علماء السلطان عليه، وتأليب القصر على الإمام رحمه الله افتراء وكذبا، حتى مات في سجنه رحمة الله عليه وهو فى الختمة رقم 80 فى هذه المرة الأخيرة الذي سجن فيها، وكان قد سجن 7 مرات متفرقات خلال حياته رحمة الله عليه.