علمتني غربتي أن أكون مسؤولاً عن أقوالي وأفعالي وكل شؤون حياتي، فالشعور بالمسؤولية يجعل الإنسان جاداً في حياته، مجتهداً في أعماله، حريصاً على تحقيق أهدافه.

واللامبالاة آفة يجب على الإنسان التخلص منها، فالإنسان اللامبالي لا يراقب أقواله وأفعاله، ولا يعمل حساباً لمستقبله، غيرُ جادٍ في حياته، يحسب كل شيء سهل الوصول والمنال، فتراه يضيع وقته، يتأخّر عن مواعيده، ويتناسى مسؤولياته، وبذلك لن يرتقيَ ولن يحقّق شيئاً من أهدافه.

الشعور بالمسؤولية يضمن للإنسان المواظبة والمثابرة والاجتهاد، فالشخص المسؤول دائمُ التفكير في كيفية تحقيق أحلامه، فيخطّط لذلك جيداً، ويحرص على عدم إضاعة وقته، ويضع أهدافه نصب عينيه ويبدأ مشواره، وبذلك سيكون وصوله إلى القمة أمراً حتمياً بمشيئة الله عز وجل

.احرص على القيام بمسؤولياتك تجاه نفسك وأهلك وأصحابك ومجتمعك وقبل كل ذلك تجاه ربك، واعلم أنك ستسأل أمام الله عن هذه المسؤوليات، فهل أنت مستعد للإجابة يومئذٍ

علمتني غربتي أن أصمت، وأن لا أتكلم إلا إن كان هناك حاجة لذلك، أو طلب أحدهم إليّ الحديث سائلاً رأيي ومعونتي، فمَن كَثُر كلامه كَثُر سقطه، والإنسان كثير الكلام يراه الناس أرعنَ، خصوصاً إن كان لا يتقن فنون الكلام!! وكثير الكلام يتحاشاه الناس لأنهم يعلمون تمام العلم أنه لا يكتم سراً، وكثير الكلام يتجنّبه الناس لأنه عادة ما يكون سبباً في وقوعهم في مشاكلَ هم أصلاً كانوا في غنىً عنها، لولا أنْ تكلم هذا الثرثار!

والصمت يزيد الإنسان وقاراً وهيبة، ويُعطي من أمامك انطباعاً بأنك إنسان حكيم تقيس الأمور بمقياس عقلي، فيقف من أمامك حائراً أمام صمتك، فإنْ كان عدواً أو خصماًً صَعُب عليه الإيقاع بك، فكيف يأخذ عليك كلاماً لم تنطقه شفتاك، فيزداد غيظه، فيحاول أن يستفزك ولكن هيهات هيهات، فأنت كما أنت، الإنسان الصامت الذي يصعب معرفة ما يجري في قرارة نفسه، وهو بكلّ من حوله شاعر وعالم.

الصمت يجعل من حولك يحتارون لأمرك، حتى يصبحوا متلهفين لمعرفة ما تحمله هذه النفس بين طياتها، وما تحمله تلك العيون التي قلّما رمشت في بحورها، فاصمت ولا تتكلم إلا اذا كان لغيرك بكلامك حاجةٌ أو دعتك إلى ذلك ضرورةٌ، وتلك الحكمة بعينها