أيها الداعية هل استطلت الطريق ؟
ما بك أيها الداعية إلى الله !! كنت ترى النصر يلوح في الأفق ، و تراه فوق الرؤوس ، بل رغم التضيق والمكايدة كنت تعيش النصر وتتلذذ مذاق الفوز ؛ تعاليت على كل المصاعب والمتاعب والحواجز وهتفت بلسان حال استاذك ابن تيمية : ” ماذا يفعل أعدائي بي ؟ .. جنتي و بستاني في صدري ؛ حبسي خلوة ، ونفيي سياحة ، و قتلي شهادة “
أبعد كل هذا الجهد تُسوِّل لك نفسك أن تتوقف عن قافلة الفاريين إلى الله وتتراجع عن صفقة عقدها مع الله تعالى ” إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ” والحجة التي تسوقها لك نفسك أنَّ الطريق طويل ومخيف ؛ تملأوه الأشواك وتحفه الابتلاءات ، والنصر بعيد وشاق وهو ضرب من الخيال .
أيها الداعية ألم تكن أنت الذي تعلمنا أننا مسافرون في قافلة الحياة ومحطة وصول كل واحدٍ منا هي الموت فإذا جاءك الموت وأنت في قافلة الثابتين على الحق فقد فزت ” فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ” أفبعد أن أزف قطار العمر أن يمر وأوشكت الرحلة من الوصول تقعد عن مواصلة الطريق !!!!
أيها الداعية وماذا بعد تخلفك عن الطريق ؟! أترضى أن تكون مع من تخلفوا عن رسول الله ﷺ في غزوة العسرة وقد كانت الحجة واحدة ؛ طول الطريق ، ومشقة السفر ، وحر الجو ، وصلابة العدو ” لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَّاتَّبَعُوكَ وَلَٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ ۚ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ “
فلا يليق بك أن تبخل بنفسك ومالك عن دعوة الله ” لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ “
بل يليق بك أيها الداعية هذه الآية ” انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ“
ولتعلم أنَّ من يستفيد في الركض لدعوة الله أنت ، ومن يخسر في الركون والتخلف عن دعوة الله هو أنت ” إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ “
فهذه الآية كما تعلم وإن قصت لنا نجاة الرسول في غار ثور ولكنها نزلت في غزوة العسرة لتذكر جموع المسلمين حينها وعلى مر التاريخ أنَّ الله هو من تولى نصر دينه ورسوله ؛ سواء نصرتموه أو تخلفتم عن نصره .
فهيا أيها الداعية الزم الطريق ولا تتأخر عن الركب ؛ فالطريق وإن كان طويلا ولكن نهايته جنة أنت قد عقد صفقتها مع الله” وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ “
كاتب المقال : منصة ومضات
تنير الدروب