ذكر القرطبي في تفسيره:“وقد بلغني أنَّ عسكر المسلمين لما لقي الفرس نفرت خيل المسلمين من الفيلة، فعمد رجلٌ منهم فصنع فيلاً من طين وءَاَنَسَ به فرسه حتى ألفه، فلما أصبح لم ينفر فرسه من الفيل فحمل على الفيل الذي كان يقدمها فقيل له: إنه قاتلك، فقال: لاضير أن أقتل ويفتح للمسلمين ، فلم ينتظر الفارس حلولا جماعية تمليها القيادة، إنما استشعر أهمية الجهد الفردي، ومسؤوليته اتجاه أمته
تلك هي المسئولية الفردية التي ربى عليها الإسلام أفراده، التي تجعل المسلم يتقدم إذا تأخر الأخرون، وينادي أنا هنا إذا القى الحمل الاخرون، ويتحمل المسئولية إذا ما كثر المغرم وقل المغنم.
إذا القْومُ قالوا مَنْ فتىً خِلْتُ أنّني & عُنيتُ فلَمْ أكسَلْ وَلمْ أتَبَلّد
تلك المسئولية التي تعلموها من النملة حين أسمعنا الله هتافها ” قَالَتْ نَمْلَةٌ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَٰكِنَكُمْ “وتعلموها من الهدهد حينما ارانا الله غيرته عليه ” وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ”
فالمسلم أبداً لا يعيش لنفسه فقط ولكنه فرد في مجموع يتأثر بهم ويؤثر فيهم يتحمل مسئولية عاقبة ما يفعل سلباً وإيجاباً يقول النبي ﷺ ليشعر المسلم أنَّ هناك مسئولية عليه إتجاه الاخرين ” مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَة فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِن الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: “لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقاً وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا!”، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعاً، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعاً”
فالصالح لو اكتفى بصلاحه ولم يأخذ بِأيدي غيره لانتشر الفساد في الارض “وَاتّقُوا فِتنَةً لا تُصِيبَنَّ الّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُم خَاصَّةً
فتحمل الفرد مسئوليته اتجاه نفسه هو نهج الصالحين، وتحمل الفرد مسئوليته اتجاه وطنه وامته هو نهج المصلحين، بينما “أصلح نفسك وادع غيرك” هو شعار الصالحين المصلحين.