التربية عملية مستمرة لاتنتهي ولكل مرحلة عمرية مختلفة قيم وسلوكيات خاصة بها ويرى علماء التربية أن غرس السلوك أو القيم لها سن لا يزيد عن عشرة أعوام وبعضهم يرى أقل من ذلك . فالغرس والتربية كلاهما يبدأ من سن مبكرة ولا ينتظر حتى البلوغ لأن ما يحدث بعد البلوغ يسمى تعديل السلوك .
والقيم: هي تلك المفاهيم الراسخة التي تكون هيكل الشخصية المتكامل فيتفاعل بها في مجتمعه يؤثر فيه .
– إن مجموع القيم الإسلامية تتصف بثلاث :
- إنسانية تصلح لجميع البشر ويجتمعون عليها .
- وفطرية لا تصادم الطبيعة البشرية ولا نواميس الكون.
- وأخلاقية فلا تتحايل على الصواب والحق.
أما التربية فهي التي تبني خلق الطفل على ما يليق بالمجتمع الفاضل وتنمي فيه جميع الفضائل التي تصونه من الرذائل وتمكنه من مجاوزة ذاته للتعاون مع أقرانه على فعل الخير.
يقول سيدنا عبدالله بن مسعود t (عودوا أبنائكم الخير فإن الخير عادة ) وقد قال الإمام الغزالي في الإحياء ( مما يحتاج إليه الطفل أشد الإحتياج الاعتناء بأمر خُلُقه ، فإنه ينشأ على ما عوده المربي في صغره من حرد وغضبة لجاج وعجلة وخفة وهوى وطيش وحده وجشع ، فيصعب عليه في كبره تلافي ذلك وتصير هذه الأخلاق صفات وهيئات راسخة له ، فإن لم يتحرر منها غاية التحرر فضحته لابد يوماً ما ، ولذلك نجد أكثر الناس منحرفةً أخلاقهم ،وذلك من قِبل التربية التي نشأ عليها )
وكما قال الشاعر:
وينشأ ناشيء الفتيان فينا على ماكان عوده أبوه
وحدث ولاحرج عن هدي النبي r في التربية ، لترَ مدرسة متكاملة المناهج ،راسخة الأصول ، يانعة الثمار وافرة الظلال في التربية والتنشئة الصالحة وطالع سيرته لترَ وصاياه لسيدنا ابن عباس ودعائه له ، وتوجيهه لسيدنا أسامة ، وتعليمه لسيدنا سمرة بن جندب ، وكثير من أطفال الصحابة مع ذلك إذا نظرت بعيون المتخصصين من أهل التربية تجد أن النبي r راعى الفروق الفردية حتى عندما تعامل مع الأطفال فلا تظلم نفسك بتوحيد أسلوبك في التربية في مختلف المراحل العمرية فكل مرحلة لها أساليب مخصوصة وتوجيهات وإرشادات مخصوصة .
إن المربي لابد أيضا أن يفرق في تقيمه لفعل من يربيه هل هذا غرس أم تعديل ؟ . فيستخدم الأسلوب الذي يتناسب مع ماحدده من غرس أو تعديل ولابد أن يحرص المربي على أن يسلك المسالك التربوية التي تتضمن توافق نفسي واجتماعي مع المنهج النبوي في التربية ويواكب الواقع الحديث المتطور
يقول الشيخ سلمان العودة “إن الإنسان كلما ترقى في الإيمان ترقى في القيم والأخلاق التي تحكم أقواله وأفعاله”
وخلال الغرس أو التعديل منك أيها المربي تذكر عظم مهمتك وسمو رسالتك فاجتهد أن تكون أهلاً لذلك .