أيها الداعية ما بك ؟ هل استصعبت الطريق ؟ أم نسيت طبيعته ؟
ما بك قد تثاقلت قدماك، وبطئ خطاك ، وخارت قواك وضعفت إرادتك .
فما عدت هذا الداعية الذي يقهر الأعذار، ويسابق الزمن، ويطوي الأرض طيا؛ من أجل أن ينشر فكرته ، ويورّث دعوته ؛ يتمنى على الله أن يبارك له في الساعات فالمهام أكثر من الأوقات.
يومه يبدأ عند الثلث الأخير من الليل ؛ ينصب قدماه ، ويمرغ جبهته بين يدي الله ؛ فيشع البيت نورا وتتنزل فيه الطمأنينة وتفوح فيه عطر الطاعة فتتسلل السكينة والهدوء إلى زوجك وأولادك فيأخذوا نصيبهم من قيام الليل تضع نصب عينيك حديث المصطفى ﷺ: ” رحِمَ اللَّه رَجُلا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، فصلىَّ وأيْقَظَ امرأَتهُ “
حتى إذا ما اقترب الفجر كان همس صوتك ورنين قدميك وأنت تسير إلى المسجد ؛ كأنها مؤذن لجيرانك عليها يستيقظون وبها يتنادون للصلاة
كان في عرفك لا يليق بك أن تسمع الأذان من البيت بل تردد مع المؤذن وقد أخذت مكانك في محرابك ؛ تدع لمريديك وطلابك ودعوتك.
فإذا فرغت من الصلاة التفت يمنة ويسره همك أن تطمئن على جيرانك وطلابك تبتسم في وجه هذا وتربت على كتف ذاك تحفز الأشبال وتوقد شعلة الدعوة في قلوب الشبان.
ثم تعود إلى بيتك لتملأ البيت نشاطا وهمة تُشعر زوجتك بقربك تأخذ بيد أبنائك لمدارسهم .
ثم تنطلق كالطود إلى عملك الكل يشير إليك بالبنان جُهدا وجودة وخُلقا . حتى إذا انتهيت من عملك قسمت يومك خدمة لدينك ودعوتك .
تحاول أن تلبي رغبة الجميع منك . ربما تحاملت قليلا على حقوق أسرتك ولكن الثابت أنك تحاملت كثيرا كثيرا على جسدك المنهك .
لم تكن الظروف حينها مواتية لك ولكنك كنت تحفر بأصابعك في الصخر واضعا نصب عينيك أن نصرة الدين لم يكن في يوم من الأيام سهلا ميسرا بل نصرة الدين باب من أبواب وقوع البلاء في الدنيا كما قيل “حينما سئل أحدهم أيهما أفضل للرجل أن يمكَّن أم يبتلى فقال : لايُمكَّن الرجل حتى يبتلى ” تقرأ في صفحات السيرة فتعيش ما عاشه الرسول ﷺ وصحابته الأول من معاناة وتعذيب واضطهاد فتتصبر بهم على ما أنت فيه من معاناة وجهد
فهيا أيها الداعية دع عنك هذا التثاقل والركون
” تريدين إدراك المعالي رخيـصة ولا بد دون الشهد من إبَر النحـــل” فطريق الدعوة وإن كان ملئ بالأشواك والصعوبات ولكن نهايته تمكين لدين الله ومصاحبة الرسول ﷺ وصحبه في الجنة حينها فقط تشعر بعظمة جهادك وصبرك .