عندما التقى الإمام حسن البنا مع الفنان أنور وجدي
يروي الدكتور محمود عساف في كتابه «مع الإمام الشهيد حسن البنا».
فى يوم من أيام صيف عام 1945.. وكان الجو صحواً، ونسمة خفيفة تداعب الشجر فى ميدان الحلمية الجديدة.. ذهبت إلى الإمام – وكان فى ذلك الوقت غير مشغول بضيوف أو بأعمال لها صفة الاستعجال.. وما إن جلست حتى قال لى: قم بنا نذهب إلى البنك العربى لنفتح حساباً للجماعة هناك.. ولم يكن للإخوان أى حساب فى أى بنك حتى ذلك الوقت!!..
توجهنا إلى مكتب رئيس البنك السيد شومان رأساً، وكان يتبع سياسة الباب المفتوح لكل العملاء.. يستطيع أى عميل أن يدخل إليه بلا أى استئذان.. دخلنا وألقينا السلام من على بعد وجلسنا- الإمام وأنا – على أريكة مواجهة للمكتب.. وكان هناك رجل جالس على مقعد مجاور للمكتب وظهره منحرف نحونا، كان يتحدث مع شومان بك حديثاً خاصاً هامساً.. انتظرنا صامتين إلى أن تنتهى تلك المقابلة.. ولكن فاجأنا شومان بك بقوله بصوت عال حينما لمحنا: أهلاً أهلاً.. أهلاً وسهلاً.. مما جعل الجالس أمامه ينظر إلينا، فإذا به ينتفض هو الآخر، ويهتف قائلاً حسن بك!! حسن بك!! أهلاً وسهلاً حسن بك!!
ثم تقدم نحونا مصافحاً الإمام ثم إياى.. ثم جلس على كرسى مواجه للإمام، وقال لنا:
– أنا أنور وجدى المشخصاتى- يعنى الممثل- طبعاً فأنتم تنظرون إلينا ككفرة، نرتكب كل يوم المعاصى، فى حين أنا والله أقرأ القرآن، وأصلى، كلما كان ذلك مستطاعاً!!
كانت مفاجأة لى.. فلم يكن أحد ينادى الإمام أو يشير إليه فى كلامنا إلا بقولنا فضيلة الأستاذ أو السيد الإمام.. أما حكاية حسن بك كانت نشازاً غريباً عليه وعلى مسامعه هو أيضاً.
رد عليه الإمام بقوله:
– يا أخ أنور، أنتم لستم كفرة ولا عصاة بحكم أعمالكم. فالتمثيل ليس حراماً فى حد ذاته.. ولكنه حرام إذا كان موضوعه حراماً.. وأنت وإخوانك الممثلون تستطيعون أن تقدموا خدمة عظمى للإسلام إذا عملتم على إنتاج أفلام أو مسرحيات تدعو إلى مكارم الأخلاق.. بل أنتم تكونون بذلك أكثر قدرة على نشر الدعوة الإسلامية من كثير من وعاظ المساجد.
ثم قال الإمام:
– إنى أرحب بك.. وآمل أن تحضر لزيارتنا بدار الإخوان المسلمين بالحلمية الجديدة لنتبادل الرأى حول ما يمكن أن تسهموا به فى نشر الفضيلة والدعوة إلى الله – تعالى.
انتهت المقابلة الصدفة عند هذا الحد.. ومن معلوماتى فيما بعد أن فضيلة الإمام رأى فيلم لأنور وجدى مع ليلى مراد اسمه «ليلى بنت الفقراء» حينما كانت الأفلام يتم عرضها فى القصور والبيوت كثيراً.