فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ
أخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب الإِيمان؛ عن سعيد بن جبير قال: أتى ابنَ عباس رجلٌ فقال: يا ابن عباس أرأيت قول الله: { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ } فهل تبكي السماء والأرض على أحد؟
قال: نعم إنه ليس أحد من الخلائق إلا وله باب في السماء منه ينزل رزقه، وفيه يصعد عمله، فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء الذي كان يصعد فيه عمله وينزل منه رزقه بكى عليه، وإذا فقد مصلاه من الأرض التي كان يصلي فيها ويذكر الله فيها بكت عليه.
وإن قوم فرعون لم تكن لهم في الأرض آثار صالحة، ولم يكن يصعد إلى الله منهم خير، فلم تبك عليهم السماء والأرض !!
قال تعالى { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} ( الدخان : 29)
قال العلامة ابن سعدي-رحمه الله-: “فما بكت عليهم السماء والأرض”.
أي: لما أتلفهم الله وأهلكهم، لم تبك عليهم السماء والأرض، أي : لم يحزن عليهم، ولم ييأس على فراقهم، بل الكل استبشر بهلاكهم وتلفهم حتى السماء والأرض، لأنهم ما خلفوا من آثارهم إلا ما يسود وجوههم، ويوجب عليهم اللعنة والمقت من العالمين.
وقال سفيان الثوري: تبكي الأرض على المؤمن أربعين صباحا.
وقال مجاهد: ما مات مؤمن إلا بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحا، فقيل له: أتبكي الأرض؟
فقال: وما للأرض لا تبكي على عبد كان يعمرها بالركوع والسجود؟ وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتكبيره وتسبيحه فيها دوي كدوي النحل.
وقال قتادة: كان قوم فرعون أهون على الله عز وجل من أن تبكي عليهم السماء والأرض.
( تفسير ابن كثير).