كنيسة تخرج أئمة
د. صلاح الخالدي
كان الله في عون الأئمة والخطباء والمفتين في هذا الزمان، القائم على الهوى والمزاجية!! إن هؤلاء الأئمة “مستهدفون”، وكل شخص أو مسئول أو زعيم أو نظام يتعامل معهم وفق هواه، ولا بد أن يقدِّموا له الإسلام والفتوى وفق هواه، ومن لم يفعل ذلك فهو إمام متطرف أو خطيب متعصب أو مُفتٍ جاهل.
وتعامل المسئولين والجمهور في العالم أجمع مع هؤلاء الأئمة كتعامل اليهود السابقين المزاجي مع أنبيائهم، الذي أخبرنا الله عنه في قوله تعالى: {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} [البقرة: 87].
الحاكم يريد إمامًا لا يتكلّم عن الحكم بما أنزل الله، ولا عن موالاة أعداء الله، والغني يريد إمامًا لا يتكلم عن الربا والغش والزكاة، والمسئول يريد إمامًا لا يتكلم عن سرقة الأموال وظلم المواطنين، والمرأة تريد إمامًا لا يكلِّمها عن الستر والحجاب والجلباب، واليهود يريدون إمامًا لا يكلمهم عن الاحتلال والجهاد، وأمريكا تريد إمامًا “أعمى أصم أبكم”، لا يرى جرائمها في العالم، ولا يحذر المسلمين منها، وأوربا تريد إمامًا يدعو إلى “تذويب” المسلمين في مجتمعاتها، ويشارك في حوارات الأديان فيها، ولا يتكلم عن كفر غير المسلمين، ولا عن الجهاد في سبيل الله!!
ألم أقل لكم: كان الله في عون الأئمة والخطباء والمفتين في العالم كله؟!!
أستاذ في الجامعة، يسأله أحد الطلاب عن حكم الجهاد لتحرير العراق من الاحتلال الأمريكي، فيجيبه بوجوب هذا الجهاد! ولم يعجب هذا الجواب المسئولين هناك، فيعتقلون هذا الدكتور، ويعذبونه ويحكمون عليه، وبعد انتهاء محكوميته يُبقونه في السجن، حتى يأتيه الموت، ولم يعلم أهله بموته إلا بعد ذلك بأسابيع!!
وإمام في ألمانيا يُفصل من عمله، ويوقف عن الإمامة، ويُعاد إلى بلده العربي، وجريمته أنه يقرأ في الصلاة آيات القرآن التي تتحدث عن كفر اليهود والنصارى، وعن الجهاد في سبيل الله!! فهذا الإمام إرهابي، وينشر الكراهية في المجتمع الألماني!!
ورغم “الضغط” على الأئمة بمختلف الأساليب، من ترغيب وترهيب، وإغراء ووعيد إلا أن كثيرين منهم لم يستجيبوا لتلك الأساليب، وبقوا ثابتين على الحق، ووفوا بعهدهم مع الله، بأن يبينوا الحق للناس، ولا يكتموه.
والحل الذي “تفتقت” عنه العقلية الأوربية -والفرنسية على وجه الخصوص- هو إنتاج أئمة مدجَّنين وفق المواصفات الفرنسية؛ لينشروا بين مسلمي فرنسا الإسلام الفرنسي، وليس الإسلام الرباني.
تدخلت الحكومة الفرنسية “العلمانية”، ووضعت مخططًا لتذويب المسلمين -الذين يزيدون على خمسة ملايين- في المجتمع الفرنسي، ولن يتحقق ذلك المخطط إلا بإعادة “تشكيل” العقلية الإسلامية من جديد، وذلك عن طريق “غسل” أدمغة المسلمين، وإخراج نماذج إسلامية “مشوَّهة” تعيش حياتها على الطريقة الفرنسية، بنكهة إسلامية، وليس لها من الإسلام إلا الاسم فقط.
كيف ينجحون في ذلك؟ الحل هو بالأئمة! فلا بد أن يتم “إنتاج” أئمة مساجد، يتولّون الإمامة والخطابة والتدريس والوعظ والإفتاء، على الطريقة الإسلامية الفرنسية”.
واتفقت وزارة الداخلية الفرنسية مع الكنيسة الكاثوليكية في باريس، للقيام بهذه المهمة.
وُضعت “الخطة” الدراسية لدراسة الأئمة في “المعهد الكاثوليكي” في باريس، بالتنسيق بين مسئولي وزارة الداخلية، والقساوسة في الكنيسة!!
ودُعي الشباب المسلمون -رجالاً ونساءً- للاشتراك في هذه “الدورة الكنسية”، ولا يشترك في الدورة إلا من “ينجح” في “المقابلة”، وهذه المقابلة بهدف “إبعاد” أي مسلم أو مسلمة لا يوافق على الاشتراك في هذه الدورة “المهزلة”.
واستقبلت الكنيسة الكاثوليكية في باريس الأئمة، ودرس فيها في الدفعة الأولى ست وعشرون شابًّا إمامًا، وست شابات “إمامات”.. ولما انتهت دراستهم، التحق في الكنيسة ثلاثون إمامًا آخرين، بينهم أربع نساء. وعُقدت الآن الدورة الثالثة في الكنيسة، التي التحق فيها ثلاثون إمامًا آخرون!!
وتنوي الكنيسة متابعة الدورات، وتخريج الأئمة على دفعات؛ لأن مساجد فرنسا بحاجة إلى أكثر من ألف إمام و”إمامة”!!
ومن أهم المواد التي يدرسها الأئمة في “المعهد الكاثوليكي” أربع مواد، هي: الثقافة العامة، والقانون، والثقافة الدينية، والتداخل الثقافي.
ويُلزم الطالب الإمام المشترك في الدورة بإعداد “بحث ديني”، ويناقش هذا البحث، ولا يتخرج الإمام من الكنيسة إلا إذا نجح في بحثه، ولن ينجح في البحث إلا إذا أجازه له أساتذته من القساوسة وغيرهم. عند ذلك يأخذ شهادة “إمام”، وهذه الشهادة صادرة عن المعهد الكاثوليكي المذكور، ومعترَفٌ بها من قبل الداخلية الفرنسية، يعمل بعدها “إمامًا” في مساجد فرنسا، ويقدم للمسلمين فيها هذا “الإسلام الفرنسي” الذي تعلَّمه في الكنيسة الكاثوليكية!!
هذا هو المخطط الشيطاني لتخريج الأئمة في فرنسا، وهناك مخططات أخرى في مختلف الدول الغربية، لا تقل خطورة عن هذا المخطط!! وكان الله في عون الأئمة!!