الخشوع ثمرة لصلاح القلب واستقامة الجوارح ولا يحصل ذلك إلا بمعرفة الله جل وعلا، والإيمان به وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، ومعرفة أمره والعمل به، ومعرفة نهيه واجتنابه، والإيمان برسول الله صلى الله وسلم واتباعه. ثم اقتران ذلك كله بالإخلاص. لذلك فإن مرد أسباب الخشوع كلها إلى هذه الأمور.
1) معرفة الله: وهي أهم الأسباب وأعظمها،وبها ينوَّر القلب ويتقد الفكر وتستقيم الجوارح، فمعرفة أسماء الله وصفاته تولد في النفس استحضار عظمة الله ودوام مراقبته ومعيته.ولذلك قال الله جل وعلا:”فاعلم أنه لا إله إلا الله”.
فالعلم اليقين بلا إله إلا الله، يثمر في القلب طاعة الله وتوقيره والذل والانكسار له في كل اللحظات، ويعلم المؤمن الحياء من الله لإيقانه بوجوده ومعيته وقربه وسمعه وبصره. قال تعالى: { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }[الحديد:4].
2) تعظيم قدر الصلاة: وإنما يحصل تعظيم قدرها، إذا عظم المسلم قدر ربه وجلال وجهه وعظيم سلطانه واستحضر في قلبه وفكره إقبال الله عليه وهو في الصلاة، فعلم بذلك أنه واقف بين يدي الله وأن وجه الله منصوب لوجهه، ويا له من مشهد رهيب، حق للجوارح فيه أن تخشع وللقلب فيه أن يخضع، وللعين فيه أن تدمع .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا صليتم فلا تتلفتوا فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في الصلاة ما لم يلتفت” [رواه مسلم]. ولذلك كان السلف رضي الله عنهم يتغير حالهم إذا أوشكوا على الدخول في الصلاة، فقد كان على بن الحسين ‘ إذا توضأ اصفر لونه فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتريك عند الوضوء؟ فيقول: أتدرون بين يدي من أقوم؟ [رواه الترمذي وأحمد].
وهذا مسلم بن يسار تسقط أسطوانة في ناحية المسجد ويجتمع الناس لذلك، وهو قائم يصلي ولم يشعر بذلك كله حتى انصرف من الصلاة. وللحديث بقية إن شاء الله