فِعل الخيرات “5”
جلس النبي ﷺ ذات يوم مع أصحابه فسألهم سؤالاً دون سابق إخبار فقال لهم: “من أصبحَ منكم اليوم صائمًا؟!”، قال أبو بكر الصِّدِّيقُ: أنا، قال: “فمن تَبِع منكم اليوم جنازة؟!”، قال أبو بكر: أنا، قال: “فَمَنْ أطعم منكم اليومَ مِسْكِينًا؟!”، قال أبو بكر: أنا، قال: “فمن عاد منكم اليوم مريضًا؟!”، قال أبو بكر: أنا، قال النبي ﷺ -: “ما اجْتَمَعْنَ في رجل إلا دخل الجنة“
والملاحظْ أنَّ أبا بكر رضي الله عنه وأرضاه لم يكن مستعدًا لذلك السؤال، ولكنه كان معتادًا أن يبادر بالباقيات الصالحات ممتثلاً لأمر ربه “وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ“
وهكذا المؤمن يجب أن يكون حريصاً على فعل الخير، داعياً إليه ” وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ” يقول النبي ﷺ: “إن هذا الخير خزائن، ولهذه الخزائن مفاتيح، فطوبى لعبد جعله الله مفتاحاً للخير، مغلاقاً للشر، وويل لعبد جعله الله مفتاحاً للشر مغلاقاً للخير“
وإذا كان الخير: اسم شامل لكل ما ينتفع به المرء عاجلاً أو آجلاً، ومجالاته كثيرة ومتنوعة، فإن القليل من فعل الخير مقبول عند الله “لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ” “فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ” روي عن النبي ﷺ: “أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش، فأخذ الرجل خفه، فجعل يغرف له به حتى أرواه، فشكر الله له فأدخله الجنة“ ولقد كان فعل الخير من ألزم الأشياء اللازمة لرسول الله ﷺ قبل البعثة وبعدها ومن أخص خصائص مجتمع الصحابة رضون الله عليهم “وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ“
فما أجمل أن يستزيد المسلم في هذه الأيام من فعل الخيرات فالأجر فيها مضاعف، والتقصير فيها ظلم للنفس وهدرٌ للعمر.
ففعل الخير الزاد الحقيقي الذي ينفع الإنسان في يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم “وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا” .