التنافس في الخيرات”7″
لو أنَّ أحداً أُقيمت له حلبة سباق ثم وجد نفسه وحيداً يسابق نفسه، لضعفت مع الوقت همته، ولقلت سرعته، أمَّا لو أنَّ في الحلبة منافسين أقوياء, لوجدته يقهر الظروف، ويتغلب على المعوقات، ويتحدى الإمكانيات، ليصل إلى مراده وهو الفوز بالسباق.
وإن كنا في أُمور الدنيا مأمورين بالنظر الى من هو أقل منا قال النبي ﷺ: “انْظُرُوا إِلَى مَنْ هو أَسفَل مِنْكُمْ وَلا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوقَكُم؛ فهُوَ أَجْدَرُ أَن لا تَزْدَرُوا نعمةَ اللَّه عَلَيْكُمْ” فإنَّ في أُمور الإخرة مأمورون بالنظر إلى من هو أعلى منا فالنبي ﷺ قال:”لا حَسَد إِلاَّ في اثنَتَين : رَجُلٌ آتَاهُ اللَّه القُرآنَ ، فهو يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيل وآنَاءَ النَّهارِ . وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّه مَالاً . فهوَ يُنْفِقهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وآنَاءَ النَّهارِ” وذلك لتقوى الهمة، وتزيد العزيمة، وتنتشر المنافسة، فيعم الخير، ويفوح عبق الطاعات في كل مكان.
وما أجمل هذه الصورة التي ضربها الصحابة في التنافس يوم غزوة مؤته لما فتح النبي باب التبرع علانية ليتنافس الصحابة في فعل الخير.
فكان أول القائمين عثمان بن عفان رضي الله عنه قام فقال: “علي مائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله“!!، فَسُرَّ النبي ﷺ بذلك سروراً عظيماً؛ فزاد حتى وصل في بعض الرويات أن تبرع بتسعمائة بعير ومائة فرس والف دينار حتى قال الرسول ﷺ “ما ضرَّ عثمان ما عمل بعد اليوم“
ووجدها عمر رضي الله عنه فرصة للسباق فجاء بنصف ماله!، ليأتي بعده أبو بكر رضي الله عنه بماله كله، وحينما يسأله النبي ﷺ ما أبقيت لأولادك يقول “أبقيت لهم الله ورسوله“!!وأتي عبد الرحمن بن عوف بمائتي أوقية من الفضة!! وأتت النساء بالحلي!، حتى الفقراء الذين لا يملكون إلا قوت يومهم! جاءوا بالوسق والوسقين من التمر!!.
وفي هذه الأيام المباركات نحتاج إلى خلق الشعور بالمنافسة بين الصالحين فليتنافس أصدقاء الخير فيما بينهم في الصدقات، وفي عدد الركعات، وفي صيام التطوع، وفي خدمة بعضهم،،،،،فنعود كما كان أسلافنا يتنافسون الأخرة “وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ”