لماذا وثيقة نداء وطن؟
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين العاملين، والخسران للظالمين المعتدين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المؤمنين، وناصر المجاهدين، وقاصم الجبارين، والصلاة والسلام علي إمام المرسلين، وسيد المجاهدين، وقائد الغر الميامين، وعلي آله وأصحابه أجمعين، وارض اللهم عن أزواجه أمهات المؤمنين، وآل بيته الطيبين الطاهرين، وارض اللهم عن التابعين وتابعيهم بإحسان إلي يوم الدين، وارض اللهم عنا معهم أجمعين برحمتك يا أرحم الراحمين وبعد.
صدرت وثيقة المبادئ الجامعة للعمل الوطني المعروفة بنداء وطن بعد أربع سنوات من مقاومة الانقلاب العسكري الغاشم، لتكوين جبهة أوسع ومظلة أكبر للعمل الثوري والوطني لمقاومة الانقلاب، وكسره، وإعادة بناء الوطن علي قواعد جديدة، متفق عليها بين القوي المختلفة، تحافظ علي هوية الوطن، ومدنية الدولة، وتحقق قيم العدالة والحرية، وتعلي من قيمة الإنسان، وتصون كرامته وحقوقه، وتعتمد علي الإرادة الشعبية، وتحقق الاستقلال الكامل للإرادة والقرار الوطني، بعيداً عن كل أشكال التبعية للشرق أو للغرب، وتحافظ علي السيادة الكاملة علي كامل أراضي الوطن ووحدتها وسلامتها، وتصلح ما أفسده الانقلاب؛ وتعيد الجيش إلي ثكناته، وتخرجه تماماً من الحياة السياسية والاقتصادية، وتقتص لدماء الشهداء، وتطلق الأحرار من الأسر وتجبر الضرر الواقع عليهم وعلي غيرهم من فئات وأفراد المجتمع، وتمكن لثورة الخامس والعشرين من يناير ومبادئها وأهدافها.
وقد جاءت هذه الوثيقة في هذا الوقت لكسر الحصار المفروض علي الإخوان، والخروج من الثنائية البغيضة التي فرضها العسكر وروج لها إعلامه، ويريد استبقاءها وتعميقها، وهي تصوير المعركة علي أنها معركة بين الإخوان والعسكر، وأنها صراع علي السلطة، ثم شيطنة الإخوان ووصمهم بالإرهاب وتخويف المجتمع منهم، وتصوير العسكر باعتبارهم البطل المنقذ للوطن من مصير مجهول كان الإخوان يجرون الوطن إليه حسب زعمهم، ولا يمكن الخروج من هذه الثنائية إلا بتكوين مظلة جامعة تضم كل المخلصين من أبنا الوطن .
وقد جاءت الوثيقة لتقديم هذه المبادئ الجامعة ليعمل علي أساسها كل من يتوافق حولها من قوي الثورة المصرية؛ ليعملوا جميعاً علي كسر الانقلاب مستندين إليها خلال مرحلة النضال والمقاومة وطي صفحة الماضي، وترك الخلاف والتنابذ والتراشق والاتهام والتخوين، والعمل في المساحات المشتركة، وترك مساحة لخصوصيات الكيانات ومواقفها المبدئية من بعض القضايا، ثم الاتفاق علي شكل الدولة دور الجيش وطريقة إدارة المرحلة الانتقالية بالتوافق والاحتكام للاستفتاء الشعبي في حالة الخلاف. وكل ذلك يساعد علي اجتماع الكلمة ووحدة الصف ووضوح الرؤية.
ولا شك أن تبني هذه الوثيقة وعمل حوارات مجتمعية موسعة حولها يضيف إليها كل يوم زخماً شعبياً، ويزيد من الالتفاف حولها والتمسك بها، ولا شك أيضاً أن هذه يحتاج إلي جهد كبير في التوعية المجتمعية للرد علي الشبهات المثارة التي تحاول إفشال أي تجمع يمكن أن يكسر العزلة المضروبة علي الإخوان داخلياً وخارجياً، ويبقيهم وحدهم في حلبة الصراع، والانقلاب يبالغ في التنكيل بهم لتخويف الآخرين.
ولا شك أن العمل مع المجتمع واجب الوقت، للقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقيام بواجب الدعوة إلي الله تعالي بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، والقيام بواجب إرشاد المجتمع إلي أوجه البر والخير والمصلحة وعلي رأسها التوعية بخطورة الانقلاب علي حاضر الوطن ومستقبله، وتوعية المجتمع بحقوقه وواجباته، وتحميل المجتمع المسئولية عن أحواله، ودعوته للمشاركة في مقاومة الظلم، وتغيير الواقع، وعدم الرضا بالهون والعيش الدون، وعدم الرضوخ لإرادة العسكر، ومضامين هذه الوثيقة وغيرها من المضامين المقاومة للظلم المحفزة للمجتمع علي الثورة و المشاركة في رفض الظلم تحتاج إلي جهود كبيرة مستمرة، ولا شك أنها ستثمر بإذن الله فاعملوا وتوكلوا علي الله وواصلوا الليل بالنهار والله معكم ولن يتركم أعمالكم والله أكبر ولله الحمد.