ما بين سبع سنين
وما بين دعوة وتربية (2)
م/علاء فهمي
1- ولم نقل يومًا أن أحدًا منا معصومٌ ، كما لم نعتقد أن واحدًا آمنُ من الفتنة ، كما لم نتصوّر أننا نعدّ أفرادًا لنحتفظ بهم في المتاحف فلا ينزلون ميدان التطبيق ، أو لا يواجهون الواقع بما تربوا عليه ، فيصيبهم من لأوائه ما يصيبهم ،
2- وكنا نذاكر دائمًا وندرس أن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خيرٌ ممن لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ، كما ندرس مَثل الجليس الصالح والجليس السوء ،
وأن المحن هي اختبار للجميع أيا من كانوا ، وأيا كان نسبهم ومشربهم ، ويثبت من أيده الله بالثبات ، وأن دورنا هو أن يكون إعدادنا على مستوى المواجهة ،
3- كما نؤمن أن غالب كبواتنا هي من عند أنفسنا لا محالة ، وقد يشترك في أسبابها القادة وجنودهم ، وقد تتمركز في البعض دون الكل منهم ،
ولا راد لقضاء الله ، ولا مناص من التوبة والنهوض لإعادة المواجهة بعد القيام والمراجعة لإعادة الكَرة ،
4- وأنه لابد في كل وقت من التفقد والمراجعة ، والاستدراك والتصحيح ، ومن ثم التخطيط الأكثر شمولا واحتواء لكل ما يظهر أثناء الممارسة ، رغبة في تقديم النموذج وأداء الواجب ، وإحساسًا بعظم المسئولية ، وكذلك إدراكًا لضخامة وجسارة وشراسة المواجهة في زمنٍ القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر ..
5- وقد يستحبّ ويعتاد البعض أن يستغل الكبوات في إظهار مكنونات من نفسه ، وخاصة إذا كان معافًى في هذا المجال ، وهذا أمر طبيعي إذا ترك أحد نفسه خارج السرب ويتعامل معه دائمًا من علوّ ، ولا يرى فيه إلا كلّ نقص ، أو كأن الجرح الموجود لا يخصّه طالما لم يمسّه أو يقترب منه ، مع أنه يمس ابن أخيه أو ابن أخته ، وربما ترى مسحة الشماتة أكثر من مسحة الأسى ، وهذا أمر لا يحتاج منا التوقف والدخول في مساجلات ، فثم نيران مشتعلة إطفاؤها أولى ، وثم جراح البحث عن بلسمها أجدى من الدخول في جدالات ..
6- وربما كان ذلك دافعًا لنا لاحتواء الصامدين وكفالتهم وحسن توجيههم ، وربما كان مشجعًا على تحمل الزفرات والصرخات ، وصدق مراجعة المواقف والأحداث ، وربما كان معينًا لنا على زيادة الحمد والشكر على بقاء العصب الأساس حيا نابضًا صابرًا محتسبًا ، وتحويل ذلك الحمد والشكر منهاجًا عمليا للمسير ..
7- مرة أخرى الصور المضيئة منتشرة وكثيرة بحمد الله ، ولكن ظروف المتابعة والمطاردة تقتضي من الكثير عدم الانجرار لتسميتها ، حرصًا وأمنًا على سلامتها ، وحرصًا على نجاح التجربة التي ستنبئ عن نفسها بنتاجها وعملها بحول الله وقوته ، وخاصة أن هذا الأمر يؤرق شياطين الإنس الذين يتعجبون من هذه الظاهرة ، ويتعاملون معها التعامل الأمني البغيض بأخذ الاحتياطات بالاعتقال والمصادرة ولو بدون ثوابت أو أدلة..
8- وستبقى دائمًا آية “سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون” ، ملهمة للجميع أن السنوات العجاف يجب ألا تأتي على كل المخزون ، وأن يكون هناك ادخار ، وأن يبقى الحرص على عدم حرق كل الأوراق ؛ حتى إذا مَنّ الله بعام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون يستطيع الدعاة أن ينتشروا من استعداد وينطلقوا من أساس