ما مهمتنا أيها الإخوان….
من وصايا الامام حسن البنا
قدرنا جميعا أن نكون شهود على تاريخ يصنع الآن ليس لمصر فقط ولكن فى المنطقة العربية ككل ونحن على أبواب مرحلة من أخطر مراحل الأمة العربية والإسلامية والدعوة الإسلامية الحقة، لعله من الواجب علينا فيها أن نتذكر بعض كلمات ووصايا الإمام حسن البنا فى رسائله والتى تكاد تنطبق على الظرف التاريخى الذى نعيش فيه حاليا ولننظر إلى تلك الكلمات التى يوجهها للإخوان المسلمين فيقول:
إن الزمان سيتمخض عن كثير من الحوادث الجسام وإن الفرص ستسنح للأعمال العظيمة وإن العالم ينظر دعوتكم دعوة الهداية والفوز والسلام لتخلصه مما هو فيه من آلام، وإن الدور عليكم في قيادة الأمم وسيادة الشعوب وتلك الأيام نداولها بين الناس، وترجون من الله ما لا يرجون فاستعدوا واعملوا اليوم فقد تعجزون عن العمل غداً.
لقد خاطبت المتحمسين منكم أن يتريثوا وينتظروا دورة الزمان، وإني لأخاطب المتقاعدين أن ينهضوا ويعملوا فليس مع الجهاد راحة:
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69)
وإلي الأمام دائماً …
والله أكبر ولله الحمد
وفى موضع آخر بعد أن كتب عن الأحوال التى يمر بها العالم الإسلامى كتب عن مهمة الإخوان فى هذه المرحلة الحرجة فقال:
ما مهمتنا إذاً نحن الإخوان المسلمين؟
أما أجمالا: فهي أن نقف في وجه هذه الموجة الطاغية من مدنية المادة،وحضارات المتع والشهوات، التي جرفت الشعوب الإسلامية، فأبعدتها عن زعامة النبي وهداية القرآن، وحرمت العالم من أنوار هديها، وأخرت تقدمه مئات السنين، حتى تنحسر عن أرضنا ويبرأ من بلائها قومنا، ولسنا واقفين عند هذا الحد بل سنلاحقها في أرضها، وسنغزوها في عقر دارها، حتى يهتف العالم كله باسم النبي، وتوقن الدنيا كلها بتعاليم القرآن، وينتشر ظل الإسلام الوارف على الأرض، وحينئذ يتحقق للمسلم ما ينشده، فلا تكون فتنة ويكون الدين كله لله و (للهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (الروم:5).
هذه مهمتنا نحن الإخوان المسلمين إجمالا.
وأما في بعض تفاصيلها: فهي أن يكون في مصر أولا – بحكم أنها في المقدمة من دول الإسلام وشعوبه – ثم في غيرها كذلك:
نظام داخلي للحكم يتحقق به قول الله تبارك وتعالى:
(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ) (المائدة:49).
ونظام للعلاقات الدولية يتحقق به قول القرآن الكريم:
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) (البقرة:143).
ونظام عملي للقضاء يستمد من الآية الكريمة:
(فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65).
ونظام للدفاع والجندية يحقق مرمى النفير العام:
(انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) (التوبة:41).
ونظام اقتصادي استقلالي للثروة والمال والدولة والأفراد أساسه قول الله تعالى:
(وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَاماً) (النساء:5)
ونظام للثقافة والتعليم يقضي على الجهالة والظلام،، ويطابق جلال الوحي في أول آية من كتاب الله: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (العلق:1).
ونظام الأسرة والبيت ينشئ الصبي المسلم والفتاة المسلمة والرجل المسلم ويحقق قوله تعالى:
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) (التحريم:6).
ـ ونظام للفرد في سلوكه الخاص يحقق الفلاح المقصود بقوله تعالى:
(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) (الشمس:9).
وروح عام يهيمن على كل فرد في الأمة من حاكم أو محكوم قوامه قول الله تعالى:
(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ) (القصص:77).
نحن نريد:
الفرد المسلم …
والبيت المسلم …
والشعب المسلم …
والحكومة المسلمة …
أما عن العدة التى نحتاجها فى هذه الفترة فيوصى الإمام البنا الإخوان فيقول:
أيها الإخوان..
– آمنوا بالله واعتزوا بمعرفته والاعتماد عليه والاستناد إليه، فلا تخافوا غيره ولا ترهبوا سواه. وأدوا فرائضه واجتنبوا نواهيه.
– وتخلقوا بالفضائل وتمسكوا بالكمالات. وكونوا أقوياء بأخلاقكم أعزاء بما وهب الله لكم من عزة المؤمنين وكرامة الاتقاء الصالحين.
– وأقبلوا علي القرآن تتدارسونه، وعلي السيرة المطهرة تتذاكرونها، وكونوا عمليين لا جدليين ؛ فإذا هدي الله قوما ألهمهم العمل ؛ وما ضل قوم بعد هدي كانوا عليه إلا أوتوا الجدل.
– وتحابوا فيما بينكم، واحرصوا كل الحرص علي رابطتكم فهي سر قوتكم وعماد نجاحكم، واثبتوا حتى يفتح الله بينكم وبين قومكم بالحق وهو خير الفاتحين.
– واسمعوا وأطيعوا لقيادتكم في العسر واليسر والمنشط والمكره، فهي رمز فكرتكم وحلقة الاتصال فيما بينكم.
– وترقبوا بعد ذلك نصر الله وتأييده. والفرصة آتية لا ريب فيها، (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (الروم:4-5).
وفقنا الله وإياكم لما يحبه و يرضاه، وسلك بنا وبكم مسالك الأخيار المهتدين، وأحياناً حياة الأعزاء السعداء وأماتنا موت المجاهدين والشهداء إنه نعم المولي ونعم النصير.
أيها الإخوان المسلمون، اسمعوا:
أردت بهذه الكلمات أن أضع فكرتكم أمام أنظاركم فلعل ساعات عصيبة تنتظرنا يحال فيها بيني وبينكم إلي حين ؛ فلا أستطيع أن أتحدث معكم أو أكتب إليكم، فأوصيكم أن تتدبروا هذه الكلمات وأن تحفظوها إذا استطعتم وأن تجتمعوا عليها، وإن تحت كل كلمة لمعاني جمة.
أيها الإخوان: أنتم لستم جمعية خيرية ولا حزباً سياسياً ولا هيئة موضعية لأغراض محدودة المقاصد.
ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة فيحييه بالقرآن، ونور جديد يشرق فيسدد ظلام المادة بمعرفة الله، وصوت داو يعلو مردداً دعوة الرسول صلي الله عليه وسلم ومن الحق الذي لا غلو فيه أن تشعروا أنكم تحملون هذا العبء بعد أن تخلي عنه الناس.
إذا قيل إلام لكم تدعون ؟ …
فقولوا ندعو إلي الإسلام الذي جاء به محمد صلي الله عليه وسلم والحكومة جزء منه والحرية فريضة من فرائضه، فإن قيل لكم هذه سياسة!
فقولوا هذا هو الإسلام ونحن لا نعرف هذه الأقسام.
وإن قيل لكم أنتم دعاة ثورة،
فقولوا نحن دعاة حق وسلام نعتقده ونعتز به، فإن ثرتم علينا ووقفتم في طريق دعوتنا فقد أذن الله أن ندفع عن أنفسنا وكنتم الثائرين الظالمين.
وإن قيل لكم إنكم تستعينون بالأشخاص والهيئات
فقولوا: (آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ) (غافر:84)،
فإن لجّوا في عدوانهم
فقولوا: (سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) (القصص:55).
قد علمت ـ أعزك الله ـ أن الإخوان المسلمين رأوا في الإسلام أفضل الوسائل لتهذيب نفوسهم وتجديد أرواحهم وتزكية أخلاقهم، فاقتبسوا من نوره عقيدتهم واغترفوا من فيضه مشربهم.
وأنت جد عليهم بأن منزلة الصلاة من الإسلام منزلة الرأس من الجسد، فهي عماده ودعامته وركنه وشعيرته ومظهره الخالد وآيته الباقية، وهى مع ذلك قرة العين وراحة الضمير وأنس النفس وبهجة القلب والصلة بين العبد والرب، والمرفأة تصعد برقيها أرواح المحبين إلى أعلى عليين فتنعم بالأنس وترتع في رياض القدس وتجتمع لها أسباب السعادة من عالمي الغيب والشهادة.