مشاجرات الأطفال.. المشكلة والعلاج
لا شكَّ أن نعمة الأطفال من أعظم نعم الله – سبحانه وتعالى – وأجلِّها، لا يُقدِّر شأنها ويُعظِّم قدرها إلا من حُرِم منها، وتلك النعمة تتطلَّب منا الشكر والحمد على أن وهبنا الله إياها.
ولكن قد نجد أن الكثير من الآباء يَشعرون أن أبناءهم هم مصدرالألم لهم؛ وذلك بسبب وجود مشاجَرات وخلافات بين أطفالهم؛ حيث يعتقد بعض الآباء أن الأبناء ما داموا في بيئة جيدة مُلتزمة بالدين والأخلاق، فلا بد أن يكون هؤلاء الأبناء معصومين من الخطأ أو الزلل أو إحداث سلوكيات سيئة، ولكن هناك حقيقة هامة يجب أن يتذكَّرها الآباء دائمًا، وهي أن الطفل طفل؛ بمعنى أنه يحتاج بصفة مستمرة إلى تربية وتعليم وتقويم، ومع ذلك يُتوقَّع منه بعد ذلك الخطأ والنسيان.
ولذلك يجب علينا – نحن الآباءَ – ألا نَنزعج كثيرا بشأن خلافات ومشاجرات أطفالنا؛ فهذه الخلافات والمشاجرات من شأنها أن تخلق جوًّا من الألفة والعلاقة الجيدة بين الأطفال؛ لأن تلك العلاقة بين الأطفال ما هي إلا مزيج من الشجار والخلاف والتصالُح والحب واللعب.
وهنا يجب أن نمنَح أطفالنا الفرصة للشجار والخِلاف ولو قليلاً، ما دمنا قد نمَّينا فيهم مشاعر الحب والألفة؛ وذلك لأن التربية الصارمة ستجعلهم يُفرغون ما بداخلهم في أشياء أخرى ربما تكون سلبية، ولكن علينا أن نُراقب ذلك الخلاف من بعيد؛ حتى لا يتطور الشجار بينهم ويأخذ أشكالاً أخرى.
ردود فعل الآباء:
يختلف رد فعل الآباء نحو هذا السلوك الوارد من الأبناء، فنجد أن هناك من الآباء:
♦ مَن يثور على الأطفال وعلى سلوكياتهم.
♦ ومنهم من يُعامِل الأطفال بلا مُبالاة وتدليل دون مراعاة ما يَحدث منهم فيما بعد.
♦ ومنهم مَن يتذبذَب في التعامل، فأحيانًا يُعاقبهم، وأحيانًا يَتركهم دون توجيه، وذلك بدون منهج في التعامل، إنما حسب مزاج الأب أو الأم، فإن كانت حالته المزاجية جيدة، يَعفُ عنهم، وإن كانت حالته المزاجية سيئة، تكن العواقب سيئة على الجميع، بما فيهم الأطفال.
♦ ومنهم من يعالج هذا السلوك بحِكمة وصبر باستخدام منهج عِلمي جيد وحوار بنّاء.
ما هي قواعد التعامُل مع هذا الشِّجار؟
بصفة عامة هناك قواعد يجب علينا – نحن الآباءَ – أن نُحاول الالتزام بها؛ حتى يمر هذا الشجار أو الخلاف بين أطفالنا دون أن يَترك بينهم مشاعر سلبية تجاه بعضهم البعض، ومن هذه القواعد:
♦ نُعطي أبناءنا الفرصة لكي يَختلفوا ويُعبِّروا عن غضبهم ولو قليلاً؛ لأن القواعد الصارمة ستَجعلهم يُخرِجون ما بداخلهم بطرُق أخرى.
♦ يجب أن نتدخَّل في الوقت المناسب إذا شَعرنا أن أحد الأبناء سيُصاب بأذى، فلا نسمح أن يأخذ الشجار شكلاً للإيذاء الجسدي بين الأطفال، فإذا حدَث ذلك يجب أن نستخدام قليلاً من الصرامة، ومُطالبتهم بالتوقف فورًا عن الشجار.
♦ يجب أن نكون على الحياد عند نقاش أسباب الشجار أو الخلاف؛ حتى لا نولد لدَيهم مشاعر الكراهية والشُّعور بالظلم.
♦ نُعلم أبناءنا أسلوب التفاوض، فإن اختلفوا على شيء نأخذه منهم ونُخبرهم أنه يُمكنهم استرجاعه بعد أن يصلوا إلى حلٍّ أو اتِّفاق.
♦ لا نُحاول الانحياز إلى أحد الأبناء دون الآخَر.
♦ نُشعر أبناءنا بحبِّنا وباهتمامنا بهم.
♦ لا نُقارن بين أبنائنا بعبارات قاسية مثل: “أخوك أو أختك أفضل منك”؛ لأن ذلك من شأنه أن يولِّد بينهم مشاعر الغيظ والكراهية.
♦ لا نَترُك أبناءنا للفراغ الذي يُصيبهم بالملل.
وبصفة عامة يجب علينا – نحن الآباء – أن نُشبع حاجات أطفالنا المختلفة مثل حاجات الحب والتقدير والاهتمام بهم؛ فإن ذلك من شأنه أن يُشعر الطفل أنه مقبول داخل الأسرة، وبالتالي يكون على علاقة جيدة بجميع أفراد أسرته.