علمتني غربتي أن أخصّص من وقتي جزءاً قصيراً أراجع فيه حساباتي، وأعاتب فيه نفسي التي لطالما أذنبت وقصّرت، فقد يمرّ الإنسان بأمور تغير مسار رحلته، رحلةِ العمر، لربما نحو الأسوأ، فالرياح تجري بما لا تشتهي السفن، فيمضي الإنسان في طريقه الجديد، ظاناً أنه قد أحسن الصنع، ولا يشعر بمرارة الحقيقة، حقيقةِ الضياع، إلا بعد فوات الأوان!!اجعل لك من أوقاتك دقائقَ تخلو فيها بنفسك، وفكِّر فيما قد صنعت منذ آخر مرة خلوت فيها بنفسك، أأحسنت الصنع وأبليت بلاءً حسناً؟؟ أم أسأت إلى نفسك وإلى الآخرين؟؟ هل حققت شيئاً من أهدافك وأحلامك؟؟ أم أنك لم تفعل شيئاً سوى أنك مكثت تعدّ الدقائق والثواني حتى تنقضي لتبدأ يومك الجديد؟!!
اخلُ بنفسك كلما شعرت بالضيق، فهكذا شعور ينبع من معاتبة نفسية ومحاسبة ذاتية، فإنْ كنت ممن ينتابهم هكذا شعور، فهنيئاً لك، فما زال قلبك ينبض وما زالت روحك مليئة بالخير، ففكّر فيما صنعت، كافئ نفسك على أمور أحسنت الصنع فيها، وتعلّم من أخطائك، وجدِّد همتك على مواصلة المشوار، وجدِّد نيتك وأخلصها لله تعالى، افعل ذلك، وستشعر بالتجديد في حياتك، وستبدأ مرحلة التغيير في نفسك، التغيير نحو الأفضل
علمتني غربتي أن أكون معتدلاً في أمور حياتي كلها، وأن أتوسّط في كل شيء، فإنّ خير الأمور أواسطها، والله عز وجل قد جعلنا خيرَ أمة أخرجت للناس، أمةً وسطاً..توسّطْ في كل شيء، وأعطِ كل ذي حق حقه، واعلم أنك عن ذلك مسؤول أمام الله عز وجل، فلا تفرط في الجري خلف متاع الدنيا وتنسى حق ربك، ولا تفرط في العبادة وتنسى حق أهلك، ولا تفرط في اهتمامك بنفسك وتنسى حقوق الناس من حولك، ولا تفرط في العمل وتنسى حق بدنك، بل كن معتدلاً في أمور حياتك كلها، فهكذا كان رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أعرض عن سنته فليس منه.تعلَّم الوسطية في كل شيء، فلا تكن مسرفاً مبذراً ولا تكن مقتراً بخيلاً، ولا تكن شديداً يهرب الناس منك، ولا ضعيفاً يهزأ الناس بك، وقد صدق من قال: “لا تكن طريّاً فتعصر، ولا يابساً فتكسر