التبتل: هو الانقطاع , وفي العبادة هو الانقطاع إلى الله سبحانه وحده.
فالمؤمن المتبتل إلى ربه هو الذي انقطع عن هوى نفسه تمامًا, وانفصل عن متاع الدنيا كله, فلم يعد يمس قلبه أبدًا, حتى لو ملكته يده فهو لا يشعر به ولا يجد له لذة ولا حلاوة.
قال الله تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً} [المزمل:8].
والتبتل هو الصورة الموحية للمؤمن الذي خلص لربه عز وجل فلم يجعل للدنيا فيه نصيب, ولم يجعل لشهواتها في قلبه مكانا ولا لصراعاتها في نفسه قدرا ولا لزخرفها قيمة.
قال السعدي رحمه الله في تفسير: ” وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً”: ” أي انقطع إليه, فإن الانقطاع إلى الله والإنابة إليه هو الانفصال بالقلب عن الخلائق والاتصاف بمحبة الله وما يقرب إليه ويوفي من رضاه”.
والإسلام يأمر بانقطاع العبادة لله, مع القيام بإصلاح الدنيا والقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله والدعوة إلى دينه ولا يدعو إلى القعود والانعزال وترك الواجبات.
قال القرطبي: ” فالتبتل المأمور به: الانقطاع إلى الله بإخلاص العبادة, والتبتل المنهي عنه هو سلوك مسلك النصارى في ترك النكاح والترهب في الصوامع”.
والمؤمن الصالح المتبتل إلى الله عز وجل يجتهد في العبادة ويخلصها إلى الله عز وجل ويجعل نفسه كأنه وقف لله, لا يُنتفع به في شيء إلا لله , حتى إن عمل أعمال الدنيا فهو يعملها بنية صالحة لله سبحانه لا لغيره.
وطريق التبتل أربع خطوات:
أ – قطع رغبة النفس في المدح, فلا يحب المدح, أو يستوي عنده المدح وعدمه.
ب – قطع رغبة النفس إلى الشهرة ورؤية الناس فالرياء لا يجد لقلبه طريقا
جـ – قطع رغبة النفس إلى الإمارة والرئاسة, سواء في الدين أو الدنيا, لكنه دائما يدعو ربه أن يجعله للمتقين إماما.
د – قطع رغبة النفس إلى العلو في الأرض, وتبوء معالي المراكز والسلطان للعلو فيها, والحصول على طاعة الناس وقهرهم والسيطرة عليهم.