أيها الداعية هل تشعبت بك الطرق ؟

وكأني بك وقد كاد الأعداء أن يشتتوا ذهنك ، ويثنوك عن هدفك ، فشغلوك بأهدافهم الثانوية عن هدفك الأسمى ، وقضاياهم الجانبية عن قضيتك الأم .

استطاعوا أن يخلُقوا لك كل يوم قضية مختلفة عن أختها كلها تستهدف عقيدتك وثوابتك ؛  اقترب الأعداء من أن يقعدوك عن العمل لدين الله ؛ بعد أن سولت لك نفسك أن تترك الجمل بما حمل بحجة ضبابية الأجواء وتشعب الطرق .

أيها الداعية منذ متى وطريق دعوتك ليس معلوم الخطوات معدود المراحل ؟!!

أنت الذي كنت تعلمنا ” أنَّ المسلم إن لم يخطط لنفسه خطط له الأخرون “. وأنت الذي كنت تنقل لنا قول الفاروق عمرـ رضي الله عنه ـ( إنَّ الله يكره أن يرى أحدكم سبهللا لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة )

كنت تعلمنا أن مهمتنا في الحياة عبادة الله (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وغايتنا  هي رضا الله، وأنَّ الداعية قد رضي أن يعمل بوظيفة الأنبياء وهي تعبيد الناس لرب العالمين  ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ

 فهل رأيت رسول الله  ﷺ تخلى يوما عن تعبيد الناس لله تعالى ،وهل رأيت رسول الله ﷺ  يوما استطاع اعداه أن يشغلوه عن مهمته ، ألم تسمع عنه ﷺ  حينما أوذي في مكة وخرج إلى الطائف ؟ فوجد ما وجد منهم ، فجاءه جبريل عليه السلام ومعه ملك الجبال يقول له مرني أن أطبق عليهم الجبلين فبماذا رد عليه رسول الله ﷺ ؟ هل فرح بنصر آتى له على طبق من ذهب ؟ لماذا رفض الرسول ﷺ الإنتقام ممن عادوه وأذوه ؟! لأنَّ هذا النصر وهذه الوسيلة تناقض هدفه الأسمى وهي تعبيد الناس لرب العالمين وقال كلمته المشهورة : ( بل أرجو أن يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أصلابِهِم مَن يعبدُ اللَّهَ ، لا يشرِكُ بِهِ شيئًا ) وقد كان أن أسلمت  الطائف وكانت أحد حصون الإسلام في حرب الردة .

وهكذا الداعية الحق لا تثنيه الأحداث الجسام عن هدفه الأسمى . ربما يغير الوسائل ، أو يعدل الخطط ، ولكن أبدا لن يحيد عن طريقه أو دعوته لأنه يعلم أن هدفه لم يكن  يوما هو تحقيق النصر على يديه ، بل الثبات على الطريق حتى تأتيه  لحظة الموت وحينها فقط يكون من الظافرين الناجحين. والخسران كل الخسران أن تأتيه لحظة الموت وقد نكث في بيعته وحادت به كثرة الأحداث عن طريق دعوة الله .

فكن من هؤلاء الدعاة الذين  يطوعون الأحداث لتبليغ دعوتهم ونشر فكرتهم يحصنون أنفسهم أولاً من الفتن ، ثم ينطلقون رويدا رويدا نحو تحقييق أهدفهم في تعبيد الناس لرب العالمين .

الكاتب : منصة ومضات                   تنير الدروب