أخـــــــوتنا سر قوتنا

الحمد لله الذى جمع قلوبنا على الإيمان والتقوى، وعلمنا أن الآخرة خير وأبقى، ودلنا على ما هو أقوم وأهدى، والصلاة والسلام على من بلغ الرسالة فأوفي، وعلى صحابته الذين استمسكوا بالعروة الوثقى وبعد أيها الأخوة الكرام أخوتنا أغلي ما نملكه في هذه الدنيا بعد إيماننا بالله تعالي؛ فهي سر قوتنا، ومصدر عزتنا؛ وأساس حركتنا، وهي إحدي عناصر القوة الثلاثة التي ذكرها الإمام المؤسس رحمه الله وهي:

قوة الإيمان والعقيدة

ثم قوة الأخوة التى عبر عنها بقوة الوحدة والارتباط

ثم قوة الساعد والسلاح .

وهذه العناصر الثلاثة لا يمكن أن تنفصم وهي لازمة لتحقيق النصر. فالأخوة أخت الإيمان، وهي من أصول الدين، وهي من أهم ركائز القوة، وهي الصخرة العاتية التي تتحطم عليها مؤامرات الأعداء؛ فالأعداء لا يمكنهم النيل من المتحابين بروح الله علي غير أرحام بينهم ولا أنساب ولا أموال يتعاطونها ولا مصالح يتبادلونها، ولا عصبية يتجمعون حولها، ولا عنصرية يرفعون لواءها.

والأخوة الحقة هي التي تعصم من الانزلاق في الفتن، والاستجابة لدواعي الهوي، والاستماع إلي ما يبثه أعداء الدعوة من افتراءات علي قادتها ورموزها وما يشعلونه من فتنة بين أجيالها ليمزقوا صفها ويبددوا شملها ويعفوا علي آثارها. أيها الأخوة الكرام احرصوا علي الأسرة التربوية وحققوا أركانها من تعارف وتفاهم وتكافل،واستشعروا معنى الأخوة وتذكروا حقوقها وأدوها حق الأداء في كل الظروف, وتعبدوا إلي الله تعالي بذلك، واجتهدوا ألا يعكر صفو علاقتكم شيء وتذكروا قول الله تعالى ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ (الحجرات:10), وقوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران:103), وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا)

تكافلوا وكونوا كالأشعريين الذين مدحهم رسول الله صلي الله عليه وسلم لأنهم يشاركون المغارم وحمل الأعباء، ولا يضيع بينهم الفقير ولا يظلم بينهم الضعيف فقال: “رحم الله الأشعريين. كانوا إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم جمعوا ما عندهم في ثوب واحد ثم فسموه بينهم بالسوية فهم مني وأنا منهم”. ألا فليحمل بعضكم عبء بعض، وليتعهد بعضكم بعضاً، وليبادر بعضكم إلي تفقد أحوال بعض، وليستفرغ كل منكم وسعه في تقديم المساعدة الممكنة لمن يحتاج إليها من إخوانه في الوقت المناسب, وتذكروا قول رسول الله : “لأن يمشي أحدكم في حاجة أخيه خير له من أن يعتكف في مسجدي هذا شهراً”, وقوله عليه الصلاة والسلام: “من أدخل السرور على أهل بيت من المسلمين لم ير الله له جزاء دون الجنة”. وتذكروا أيها الكرام الفضلاء أن الأخوة تقوم علي الحب، واعلموا أن أدني درجات الحب الناتج عن أخوة الإيمان هو سلامة الصدر وحسن الظن، وأعلاها الإيثار، فكونوا صفاً واحداً ورجلاً واحداً و قلباً واحداً و يداً واحدة وترقبوا بعد ذلك النصر وما هو منكم ببعيد.

أيها الأخوة الكرام

اعلموا أن الأخوة الحقة الكاملة الصحيحة قوة دافعة للنجاح، فهي التي تجمع القلوب وترص الصفوف وتسد الثغرات وتذيب المشكلات وتحل المعضلات وتقرب الفوارق وتمنع النزاع و الشقاق وتيسر سبل التوافق، و اعلموا أن كل مسلم ملتزم بشرع الله تعالي يسعي لنصرة دينه فهو أخ لنا نحبه ونواليه ونفتديه وإن نأت بنا الديار وتباعدت الأقطار، وإن اختلفنا في بعض الآراء و الأفكار؛ فتذكروا أخوة الإيمان وأخوة الإسلام العامة وأعطوها حقها، ثم قوموا بواجبات الأخوة الخاصة لأبناء هذه الدعوة المباركة في مشارق الأرض ومغاربها وتذكروهم بالدعاء في ورد الرابطة الذي يربط هذه القلوب جميعاً بمحبة الله ومعرفته والشوق إلي لقائه وحب الشهادة في سبيله. واخلطوا نفوسكم بنفوس إخوانكم ولينوا لهم وكونوا نماذج عملية للسماحة واللين وخفض الجناح والذلة للمؤمنين وتذكروا ما ثبت في الصحيح أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : “إنما يحرم علي النار كل هين لين سهل قريب”.

أيها الأخوة الكرام

لا تحقروا الأعمال والسلوكيات اليسيرة التي تزيد من الحب والأخوة ؛ كما قال الفاروق رضي الله عنه: “ثلاث يصفين لك الود في قلب أخيك: أن تبدأه بالسلام إذا لقيته، وأن تناديه بأحب الأسماء إليه وأن تفسح له في المجلس” وقوله رضي الله عنه: “البر شيئ هين وجه طليق وكلام لين” وتذكوا قول الرسول صلي الله عليه وسلم: “تبسمك في وجه أخيك صدقة” وقوله: “تهادوا تحابوا” وقوله: “ألا أدلكم علي شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم”، واحذروا نزغات الشيطان، وحدة اللسان، وجفاء المقابلة، وبرودة المشاعر، وفتور المصافحة، وابذلوا حفاوتكم وحسن لقائكم إلي جميع من تلقونه من إخوانكم ولو لم يكن بينكم سابق معرفة، وإياكم من تتبع العورات وتلمس العثرات. والأخذ بالشبهات والاستماع إلي الشائعات، وتذكروا قوله تعالي: ﴿وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم﴾. وقوله سبحانه: ﴿وقولوا للناس حسنا﴾. أيها الأخوة الكرام تذكروا أنكم لبنة في بناء ضخم، وتذكروا فضل إخوانكم من أهل السبق والعطاء والجهاد والتضحية، واعلموا أن ذلك من لب الأخوة وصريح الإيمان، ودليل المروءة “فالحر من راعي وداد لحظة” وليكن شعاركم قوله تعالي: ﴿ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم﴾.