أيها القابضون على الجمر

د محمد راتب النابلسي

لماذا مكث سيدنا يوسف فى السجن بضع سنين؟
ألم تكن ٦ شهور كافية مثلا ثم يخرجه الله من السجن ؟!!
ألم تكن ٦ شهور كافية لإثبات مقولته بأن السجن أحب إليه مما يدعونه إليه ؟
فلماذا بضع سنين !!!

لماذا استجاب الله جل وعلا لدعوة سيدنا نوح بعد أربعين سنة استغرقها بناء السفينة
ألم تكن بقدرة المولى جل وعلا أن يستجيب دعوة سيدنا نوح بعد سنة مثلا ويغرق الأرض وأن يرسل ملائكة يساعدون نبينا نوح فى بناء السفينه لينتهى بناؤها بعد سنة بدلا من الأربعين سنة !!!

لماذا بدأ النصر فى سيرة سيدنا محمد مع الهجرة للمدينة المنورة بعد ١٣ عاما من المعاناة فى مكة وما شابها من معاناة للمسلمين الأوائل وتعذيب وحصار وجوع وهجرة إلى الحبشة ؟!!
ألم يكن المولى جل وعلا قادرا على الإيعاز لسيد الخلق سيدنا محمد بالهجرة الى المدينه بعد سنة واحدة مثلا من المعاناة ، بدلا من ١٣ سنة ؟!

ما الحكمة فى هذه المدد الطويلة التى قدرها المولى جل وعلا لاحبائه ولأخلص مريديه؟

هذه الفترات ( الطويلة ) التي قدرها المولى جل وعلا – والله أعلم – هى الفترة الزمنية اللازمة لتدريب المؤمنين على المهمة العسيرة القادمة لهم…

سيدنا يوسف سيمسك بخزانة مصر فى أحلك فترات سواد الأمة ،، فيجب أن يكون صبورا حازما رابط الجأش ليتولى المهمة ، وهو يحتاج إلى هذه الفترة الزمنية لتأهيله للمهمة؛

سيدنا نوح وقومه سينشأ من نسلهم جيل كامل وسيتسلمون زمام الأرض بعد أن أصبحت بكرا لهم… فكان يجب إعدادهم لهذه المهمة بالصبر والثبات واليقين فى الله فكان بناء سفينة فى الصحراء والصبر على هذا البناء واستكماله لمدة ٤٠ سنة !! فى صحراء جرداء ،، هذه السنين الطويلة ، واستمرار المؤمنين كل هذه السنين فى عمل شاق مضنى فى مكان لا يتناسب مع السفينة هو غرس وتثبيت للإيمان فى قلوبهم إعدادا للمهمة العسيرة القادمة ، وفترة التدريب اللازمة هى أربعون سنة .

وكذلك استمرار معاناة سيد الخلق وصحبه الأوائل ١٣ عاما كانت مقصودة لغرس الإيمان فى قلوبهم وزرع الثبات فى يقينهم إعدادا لمهمة شاقة وهى نشر الإسلام فى كل أنحاء المعمورة ….

. أيها القابضون على الجمر والثابتون على الحق ، إن الله يعدكم لمهمة عالية، وسيمكنكم وسينصركم قريبا نصرا مؤزرا سيدهش العالم …

فقط اثبتوا ولا تيأسوا ، وتيقنوا أن سنة الحياه اقتضت بأن يعلو الباطل ردهة من الزمن ليميز الله الخبيث من الطيب ويعلم الصادقين من المنافقين…
” والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ”