إلي الشباب… اغتنموا الفرصة

المسارعة في الخيرات نهج قرآني:

الوقت هو الحياة، وعمر الإنسان هو الكنز الأعظم في يديه، والشباب هو درة التاج في هذا الكنز، إذا أحسن المرء استثماره ربح في الدنيا والآخرة، ومن ضاع منه هذا الشباب فقد ضاع منه كل شيئ؛ ولذلك فقد أمرنا الله تعالي بالمسابقة والمسارعة في الخيرات قبل تغير الأحوال وتبدل الظروف، قال تعالي: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 133 – 134) وقال: ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ (الحديد: 21) وقال: ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ (الذاريات: 50). والمسارعة في الطاعات واغتنام الفرص من صفات المؤمنين الصالحين، قال تعالي: ﴿يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ (آل عمران: 114). والمسارعة في الخيرات وعدم تأجيلها واغتنام الفرص المتاحة للطاعات والقربات من أوسع الأبواب لقبول الدعاء ونزول الغوث من الله عند الشدة. ﴿وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ (الأنبياء: 89 – 90). والمسارعة في الخيرات ثمرة من ثمرات الإيمان والخشية لله تعالي: قال عز من قائل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ (المؤمنون: 57 – 61). فهذا هو مضمار السباق الحقيقي ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ (المطففين: من الآية 26) فسارعوا أيها الشباب إلي عمل الخير قبل إسراع الشيب إلي الرأس، والوهن إلي العظم، حتي لا تندموا ندم الشاعر الذي قال:

ألا ليت الشباب يعود يوماً

*****

فأخبره بما فعل المشيب

اغتنام الفرص نهج نبوي:

الشباب هو الفرصة الحقيقية لتحقيق النجاحات الكبرى في الحياة، وادخار الكنوز العظيمة في الآخرة، ولذلك فقد أوصي الحبيب صلي الله عليه وسلم باغتنام فرصة الشباب والصحة وقلة الأعباء والمسئوليات وتوفر الوقت. عن ابن عباس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل وهو يَعِظُه: «اغتنم خمساً قبلَ خمسٍ: شبابّك قبل هَرَمِك، وصحَّتَك قبل سَقَمك، وغِناك قبل فقرِك، وفراغَكَ قبل شغلك، وحياتَك قبل موتك» (رواه الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبى والألباني). وعنه أيضاً، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: «نِعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النَّاس: الصِّحَّةُ والفراغ» (رواه البخاري). ويقول صلي الله عليه وسلم: «بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم» (رواه مسلم). فبادروا أيها الشباب فالعمر يمضي سريعاً، والموت يأتي بغتة. وما أجمل قول الشاعر:

إنَّـــــــــــــــــــــــا لنفــــــــــــــــــرحُ بالأيَّـــــــــــــــــــــــــــامِ نقطعُها

*****

وكُلُّ يومٍ مضى يُدنـــــــــي من الأجل

فاعمَلْ لِنَفسِكَ قبلَ الموتِ مُجتهداً

*****

فإنَّما الرِّبْحُ والخُسرانُ في العَمَلِ

وقال آخر:

مَضَى أَمسُكَ الماضي شَهيداً مُعدّلاً

*****

وأَعْقَبَهُ يَـــــــــــــــومٌ عَليـــــــــــــكَ شــــــــــهيـــــــــــــــدُ

فإنْ كُنتَ بالأمسِ اقترفتَ إســـــــــــــــــاءةً

*****

فَثَــــــــنِّ بإحسَـــــــــــانٍ وأنــــــــــتَ حَميـــــــــــــــــــدُ

فيومُكَ إنْ أعتَبتَهُ عـــــــــادَ نَفعُــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهُ

*****

عَليكَ وماضي الأمسِ لَيسَ يَعودُ

ولا تُرجِ فِعلَ الخيرِ يومــــــــــــــــــاً إلى غَـــــــــــــــدٍ

*****

لَعـــــلَّ غَــــــــــداً يَأتِــــــــــي وأَنْـــــــــــتَ فَقِيــــــــــــــــدُ

وهذا ثالث يهتف بك:

اغتنم ركعتين في ظلمة الليــــل

*****

إذا كنت فارغاً مستريحاً

وإذا هممت بالخوض في باطل

*****

فاجعل مكانه تســـــــــــــبيحاً

لأمتكم حق في هذا الشباب:

يقول الإمام البنا رحمه الله: “إنما تنجح الفكرة إذا قوي الإيمان بها، وتوفر الإخلاص في سبيلها، وازدادت الحماسة لها، ووجد الاستعداد الذي يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها. وتكاد تكون هذه الأركان الأربعة: الإيمان، والإخلاص، والحماسة، والعمل من خصائص الشباب. لان أساس الإيمان القلب الذكي، وأساس الإخلاص الفؤاد النقي، وأساس الحماسة الشعور القوي، وأساس العمل العزم الفتي، وهذه كلها لا تكون إلا للشباب. ومن هنا كان الشباب قديما و حديثا في كل أمة عماد نهضتها، وفي كل نهضة سر قوتها، وفي كل فكرة حامل رايتها: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً﴾ (الكهف:13). ومن هنا كثرت واجباتكم، ومن هنا عظمت تبعاتكم، ومن هنا تضاعفت حقوق أمتكم عليكم، ومن هنا ثقلت الأمانة في أعناقكم. ومن هنا وجب عليكم أن تفكروا طويلا، وأن تعملوا كثيرا، وأن تحددوا موقفكم، وأن تتقدموا للإنقاذ، وأن تعطوا الأمة حقها كاملا من هذا الشباب”(مجموعة الرسائل).

واجبات عملية:

(1) حدد عملاً من أعمال الخير أو طاعة من الطاعات التي تشعر بالتقصير فيها وابدأ من الآن في الإكثار منه.

(2) حدد مهارة دعوية تشعر أنك في حاجة إليها للقيام بواجباتك وابدأ في تعلمها الآن.

(3) حدد جانباً من جوانب التقصير مع زوجتك وأولادك وابدأ الآن في استدراكه.