– الأسرة الإخوانية

مقدمة

إن كل فرد مسلم مسؤول مسؤولية كاملة و تامة عن نفسه أمام الله عز وجل ، مسؤول عن حاله وعمله و ما أدى من واجبات تجاه نفسه و أمته .

وعلى هذا كان لابد لهذا الفرد المسلم من تربية ذاتية (فردية) لنفسه مستمدة من كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة و السلام.

الإنسان الصالح هدف التربية عند الإمام البنا، ويظهر ذلك من خلال توجيهات الإمام البنا – رحمه الله.ففي رسالة إلى الشباب يقول الإمام البنا:أيها الشباب، إن منهاج الإخوان المسلمين محدود المراحل، واضح الخُطوات، فنحن نعلم تمامًا ماذا نريد، ونعرف الوسيلة إلى تحقيق هذه الإرادة، نريد أولاً الرجل المسلم في تفكيره وعقيدته، وفي خُلقه وعاطفته، وفي عمله وتصرُّفه، فهذا هو تكويننا الفردي.

في رسالة دعوتنا في طور جديد: يقول البنا:وهذا الشعور القوي الذي يجب أن تَفيض به النفوس، وهذه اليقظة الرُّوحية التي ندعو الناس إليها، لا بد أن يكون لها أثرها العملي في حياتهم، ولا بد أن تَسبقها ولا شكَّ نهضة عملية تتناوَل الأفراد والأُسر والمجتمعات، وستعمل هذه اليقظة عملَها في الفرد، فإذا به نموذج قائم لما يريده الإسلام في الأفراد.

إن الإسلام يريد في الفرد وجدانًا شاعرًا يتذوَّق الجمال والقُبح، وإدراكًا صحيحًا يتصوَّر الصواب والخطأ، وإرادة حازمة لا تَضعُف ولا تلين أمام الحق، وجسمًا سليمًا يقوم بأعباء الواجبات الإنسانية حقَّ القيام، ويُصبح أداة صالحة لتحقيق الإرادة الصالحة، ويَنصُر الحق والخير.

في رسالة التعاليم، يقول البنا:ومن مراتب العمل المطلوبة من الأخ الصادق: إصلاح نفسه؛ حتى يكون قويَّ الجسم، متينَ الخلق، مثقَّف الفكر، قادرًا على الكسب، سليم العقيدة، صحيح العبادة، مجاهدًا لنفسه، حريصًا على وقته، مُنظمًا في شؤونه، نافعًا لغيره، وذلك واجب كلِّ أخ على حِدَته.

لقد وضع الإمام البنا أمر التربية الفردية نصب عينيه يقول رحمه الله :

فاعلم أن الغرض الأول الذي ترمى إليه جمعيات الإخوان المسلمين(التربية الصحيحة ). تربية الأمة على الأسس الفاضلة والخلق النبيل السامي ، وإيقاظ ذلك الشعور الحي الذي يسوق الأمم إلى الذود على كرامتها والجد في استرداد مجدها وتحمل كل عنت ومشقة في سبيل الوصول إلى الغاية” .

يقول الإمام البنا رحمه الله 🙁 أنها في مسيس الحاجة إلى بناء النفوس وتشييد الأخلاق وطبع أبنائها على خلق الرجولة الصحيحة حتى يصمدوا لما يقف في طريقهم من عقبات ويتغلبوا على ما يعترضهم من مصاعب أن الرجل سر حياة الأمم ومصدر نهضاتها وأن تاريخ الأمم جميعا إنما هو تاريخ من ظهر بها من الرجال النابغين الأقوياء النفوس ) ثم يقول ( أن الأمة التي تحيط بها ظروف كظروفنا وتنهض لمهمة كمهمتنا وتواجه واجبات كتلك التي نواجهها لا ينفعها أن تتسلى بالمسكنات أو تتعلل بالآمال والأماني وإنما عليها أن تعد نفسها لكفاح طويل عنيف وصراع قوى شديد بين الحق والباطل وبين النافع والضار وبين صاحب الحق وغاصبه وسالك الطريق وناكبه وبين المخلصين الغيورين والأدعياء المزيفين وأن عليها أن تعلم أن الجهاد من الجهد والجهد هو التعب والعناء وليس مع الجهاد راحة حتى يضع النضال أوزاره وعند الصباح يحمد القوم السري وليس للأمة عدة في هذا السبيل الموحشة إلا النفس المؤمنة والعزيمة القوية الصادقة والسخاء والتضحيات والأقدام عند الملمات وبغير ذلك تغلب على أمرها ويكون الفشل حليف أبنائها.

” إن غايةَ الإخوان تنحصر في تكوين جيل جديد من المؤمنين بتعاليم الإسلام الصحيح، يعمل على صبغ الأمة بالصبغة الإسلامية الكاملة في كل مظاهر حياتها ﴿صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً﴾ (البقرة: من الآية 138)، وإن وسيلتهم في ذلك تنحصر في تغيير العرف العام، وتربية أنصار الدعوة على هذه التعاليم؛ حتى يكونوا قدوةً لغيرهم في التمسك بها والحرص عليها والنزول على حكمها

سمات التربية الإسلامية عند الإمام البنا:وللتربية عند الإمام البنا خصائصُ لا نستطيع تكوين الإنسان الصالح إلا من خلالها، والاتِّصافُ بهذه الخصائص ضرورةٌ لتكوين الفرد المسلم القادر على خوْض غمار الحياة بقوَّة وحرية، وثبات واطمئنانٍ، ومن هذه السمات:

1- الربانية.

2 – التكامل والشمول.

3- الإيجابية والبناء.

4- الاعتدال والتوازن.

5- الأُخوة والجماعة:

ومراتب العمل المطلوبة من الأخ الصادق :

1 – إصلاح نفسه حتى يكون : قوي الجسم , متين الخلق , مثقف الفكر , قادرا على الكسب , سليم العقيدة , صحيح العبادة , مجاهدا لنفسه , حريصا على وقته , منظما في شؤونه , نافعا لغيره , وذلك واجب كل أخ على حدته .

2- وتكوين بيت مسلم .

3- وإرشاد المجتمع , بنشر دعوة الخير فيه , ومحاربة الرزائل و المنكرات , و تشجيع الفضائل , والأمر بالمعروف , والمبادرة إلى فعل الخير , وكسب الرأي العام إلى جانب الفكرة الإسلامية , وصبغ مظاهر الحياة العامة بها دائما , وذلك واجب كل أخ على حدته , و واجب الجماعة كهيئة عاملة .

4 – وتحرير الوطن بتخليصه من كل سلطان أجنبي ـ غير إسلامي ـ سياسي أو اقتصادي أو روحي

5 – وإصلاح الحكومة حتى تكون إسلامية بحق .6 – إعادة الكيان الدولي للأمة الإسلامية 7 – و أستاذية العالم بنشر دعوة الإسلام في ربوعه .

وهذه المراتب الأربعة الأخيرة تجب على الجماعة متحدة وعلى كل أخ باعتباره عضوا في الجماعة .

ويقول الإمام أيضا :” أذكر دائمًا أن لكم هدفين أساسيين:

1 – أن يتحرر الوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي.2 – أن يقوم في هذا الوطن الحر دولة إسلامية حرة .

هذا وقد كان الإمام شاملا في إعداد الفرد تربويا :

بتربية قلبه : بالعبادات القلبية ، والتدرب على سياسة النفس.

و تربية فكره :بالقراءات الإسلامية في العقيدةوأمورالفقه والرقائق والتاريخ الإسلامي .

وتربية جسده : من خلال نظام المعسكرات و الكتائب و الأسر ، من أجل تعويد الجسد أمورا لم يعتدها تربية له و إعدادا للجهاد في سبيل الله .

البنا من منهج تربوي شامل للفرد ، قام بإيجاد المحضن التربوي الجماعي المستمر لهذا الفرد بإنشائه ما يسمى بنظام الأسرة ، و التي فيها يستكمل الأخ ما غاب عنه من أمور في التربية الفردية لنفسه . اهتمامه بالتربية الفردية للأخ في إطار الجماعة ..

“نظام الأسرة”

تعنى كلمة الأسرة فى اللغة معانى عديدة منها : الدرع الحصينة .وأهل الرجل وعشيرته .والجماعة يربطها أمر مشترك .

وقد حدد الإمام البنا مفهوم الأسرة فى الجماعة فقال :”يحرص الإسلام على تكوين أسر من أهله يوجههم إلى المثل العليا ، ويقوى روابطهم ، ويرفع أخوتهم من مستوى الكلام والنظريات إلى مستوى الأفعال والعمليات ، فاحرص يا أخى أن تكون لبنة صالحة فى هذا البناء ( الإسلام)

وقال في توضيح أكثر عن هذا المفهوم :” هذا النظام أيها الإخوان نافع لنا ومفيد كل الفائدة للدعوة بحول الله وقوته ، فهو سيحصر الإخوان الخلصاء، وسيجعل من السهل الاتصال بهم ، وتوجيههم إلى المثل العليا للدعوة ، وسيقوى رابطتهم ، ويرفع أخوتهم من مستوى الكلام والنظريات إلى مستوى الأفعال والعمليات ، كما حدث فعلا فى بعض الأسر التى أصيب فيها بعض أعضائها وسينتج بعد قليل رأس مال للإخوان من لا شىء ، فاحرصوا أيها الإخوان على أن ينجح هذا النظام فى محيطكم والله يتولاكم ” ثم يقول بعد تحديد واجبات نظام الأسر : ” فإذا أديتم هذه الواجبات الفردية والاجتماعية والمالية ؛ فإن أركان هذا النظام ستحقق بلا شك ، وإذا قصرتم فيها فسيتضاءل حتى يموت ، وفى موته أكبر خسارة لهذه الدعوة؛ وهى اليوم أمل الإسلام والمسلمين ”

بالنسبة للأهداف:

الأهداف العامة لنظام الأسر

ا – تكوين شخصية المسلم تكويناً يلبى مطالب الدين ومطالب الدنيا أى المعاد والمعاش .

2 – توثيق الروابط بين أفراد الجماعة اجتماعياً وتنظيمياً .

3 – العمل على زيادة الوعي بالتيارات الموالية للعمل الإسلامى أو المعادية له .

4 – الإسهام فى إطلاق قوى الخير والصلاح الكامنة فى شخصية المسلم ، وتوظيفها لخدمة الدين وتحقيق أهدافه .

5 ـ مقاومة عناصرالتخاذل والسلبية فى شخصية الفرد .

6 – تحقيق معنى الاعتزاز بالإسلام ، والالتزام بادابه وأخلاقه فى كل مناشط الحياة ومكارهها .

7 – تحقيق معنى الانتماء للجماعة والالتزام بأهدافها ورسائلها وحركها ونظمها وآدابها .

8 – تدارس المشكلات والمعوقات التى تعترض عمل الفرد من أجل الإسلام تدارسا يشخصها بدقة ، ويرسم خطوط علاجها بوضوح .

9 – تعميق مفهوم الدعوة والحركة فى الفرد . .

10 – تعميق مفهوم الإدارة والتنظيم فى مجال العمل الإسلامى .

الأهداف الخاصة لنظام الأسرة –

لنظام الأسر أهداف خاصة فضلا عن الأهداف العامة التى تحدثنا عنها آنفا .

هذه الأهداف الخاصة تتنوع بالنسبة للفرد وللبيت وللمجتمع وللجماعة نفسها على النحو التالى :

أولا : أهداف الأسرة بالنسبة للفرد :

تستهدف الأسرة بالنسبة للفرد أهدافا عديدة نشير إليها فيما يلى :

1 – تكوين شخصيته تكوينا إسلاميأ يقوم على العناية بكافة الجانب التى تسهم فى بناء الشخصية الإسلامية المتكاملة .

2 – تاكيد معانى الأخوة فى نفس الفرد ، لأنها أخوة فى الله وفى الإسلام وفى التواصى بالحق .

3 – التدرب على حرية الرأى والاستماع إلى الرأى الآخر من الأخوة فى الأسرة و بصدر رحب وعقل مفتوح ، ومناقشة الرأى حتى يتبين الحق الواجب الاتباع .

4 -إقدار الفرد على أن يربى نفسه تربية ذاتية .

5 – التعاون بين أفراد الأسرة على تنمية قدرات الأفرإد وتدريبهم .

6 ـ التعاون على حل المشكلات وإزالة المعوقات التى تعترض العمل الإسلامى .

7 – العمل ، على تخريج النقباء من الأسرة . .

الأهداف الخاصة لنظام الأسرة – بالنسبة للبيت

تستهدف الأسرة بالنسبة للبيت المسلم أن يكون هذا البيت إسلاميا فى سلوكه وحياته وشكله ومايسوده من قيم واداب وعادات ، وأن يشب الأبناء فيه فى ظل أبوين ملتزمين بالإسلام حتى يجد الأبناء فى بيوتهم الأسوة الحسنة والمثل التى يجب أن تحتذى .

ولذلك كانت أهداف الأسرة بالنسبة للبيت على النحو التالى:

أ – حسن اختيار الزوج :لأنها ركيزة البيت ومحضن الأبناء وبها يقوم البيت على أسس قوية من الصلاح والتقوى .

ب – طبع البيت المسلم بطابع إسلامى :وهذا يتطلب مايلى :- التزام الابوين فى السلوك والكلام والزى والمعاملة والطعام والشراب وكل ما له علاقة بالبيت التزامهما فى كل ذلك بالإسلام ادابه وأخلاته .

جـ – الأبناء فى البيت المسلم :تستهدف الأسرة فى البيت المسلم أن يشب الأبناء على وعى وتمسك باداب الإسلام ، والأبناء دائما صور لوالديهم ولما يسود بيوتهم من قيم

الأهداف الخاصة لنظام الأسرة – بالنسبة للمجتمع

تستهدف الأسرة بالنسبة للمجتمع المسلم أن يكون هذا المجتمع المسلم ملتزما بأدب الإسلام ونظامه ، يتحاكم إلى شرع الله فى كل أمره ، وتسود فيه المنهجية الإسلامية فى كل عمل يناسب المجتمع .

والأسرة فى جماعة الإخوان لبنة حية فى بناء المجتمع ، كما أن البيت لبنة فى بنائه كذلك .والأصل الأصيل فى الأسرة الإخوانية أن تمد المجتمع بالعناصر الصالحة من الناس .

ومن أجل الوصول إلى هذه الأهداف الضخام فإن نظام الأسر يستهدف من المجتمع أن يحقق هذه الأهداف ويتخد إلى ذلك طريقا هو متمثل فيما يلى :

أ – دفع من تربوا تربية إسلامية صحيحة داخل هذه الأسر إلى قطاعات المجتمع المختلفة ليسدوا الثغرات .

ب – التعرف على السلبيات وأسباب الفشل والخسارة فى كل قطاع من قطاعات المجتمع .

جـ – المشاركة الإيجابية فى كل أوجه النشاط التى يمارسها المجتمع الذى يعيشون فيه على شريطة أن تكون هذه الممارسة مايرضى الله أو مالا يسخطه وأن تكون محققة لمصلحة عامة للناس .

د – الاهتمام بالإتقان والتجويد والتفوق فى كل عمل يوكل إلى واحد ممن تربوا داخل الأسر الإخوانية .

هـ – التزود بقدر كاف من المعرفة بالمجتمع ، معرفة تمكن من وصف العلاج ، والعمل على ضرورة التغيير فى هذا المجتمع ، التغيير نحو الأحسن نحو الحق نحو الإسلام .

و – إعطاء أهمية خاصة للمساجد من حيث إعمارها .

ز – ارتياد النوادى الرياضية والاجتماعية والثقافيه ومحاولة التأثر بالصالح

الأهداف الخاصة لنظام الأسرة – بالنسبة للجماعة

تستهدف الأسرة بالنسبة للجماعة نفسها أهدافا نابعة من مكانة الأسرة فى بناء الجماعة .

ومن المسلم به أن الأسرة نواة الجماعة ، وأول لبنة فى بنائها ، وكلما كانت هذه اللبنة جيدة التكوين جيدة التوظيف ، كانت الجماعة على نفس المستوى من جودة التكوين وجودة التوظيف ، بل لا مبالغة فى القول ، بأن أى خلل فى الجماعة – بنائها وتكوينها-لابد أن تلتمس له أسباب فى بناء الأسرة وتكويها .

وليس من المبالغة كذلك ؛ القول بأن الجماعة لاتستطيع أن تشق طريقهاالمليئة بالمكاره دون أن تعتمد فى مسيرتها على رصيد هائل جيد من الأسر التى أعدت إعدادا جيدا .

لذا فإن للأسرة – وهى النواة – أهدافا بالنسبة للجماعة كلها تسعى الأسرة إلى تحقيقها ، هذه الأهداف يمكن أن نشير إلى بعضها فيما يلى :

أ – مد الجماعة بالعناصر البشرية ذات الكفاءة فى مجالات أعمال الجماعة المتعددة .

ب – مد الجماعة بالعناصر القيادية الصالحة ، التى نضجت استعداداتها القيادية داخل الأسرة ، لتتولى الجماعة- تدريب هذه العناصر القيادية على متطلبات المجال القيادى الذى يرغب فى ملئه ، وفق برامج مكثفة ووؤهلة لنوع القيادة المطلوب ، للاستفادة من هذه العناصر فى مواقعها القيادية :

جـ – مد الجماعة بالعناصر الجيدة القادرة عل ممارسة العمل بين الجماعات والتيارات الموالية للإسلام أو المعادية له .

د – مد الجماعة بالعناصر القادرة على توريث الدعوة لأجيال لاحقة ، كى لا تنقرض الدعوة بموت روادها الذين يتقدم بهم العمر .

ومن بين أهداف الأسرة أن تقوم بإعداد هذه الصفوة لتقوم بهذه الأعباء الضخام

هـ – العمل على توسيع دائرة الأسر ما أمكن ، فإن التوسع فى هذا النظام التكوينى الهادى الهادف ، هو الذى يعطى الإسلام رجالا أصحاب التزإم وطاقة ، ويعطى الجماعه رجالا أولى انتماء وعزم وإصرار على الوصول إلى الهدف . وعن طريق التوسع ، فى نظام الأسر ونشره على أوسع نطاق ، مع المحافظة على النوعية الجيدة والبرامج المستوعبه تستطيع الجماعة أن تحقق الأهداف التالية :

1- اتساع دائرة المسلمين الملتزمين بالدين فى المجتمع كله.

2 – اتساع دائرة الفاهمين المنتمين للعمل الإسلامى الحريصين على تطبيق الإسلام تطبيقا جيدا فى أنفسهم وذويهم .

3 – اتساع دائرة الراغبين فى دعوة غيرهم إلى الحق والهدى .

منهج التغيير عندنا يبدأ بالنفس وبالقلب إخباتاً ووجلاً وبالجوارح خشوعاً وعملاً. وهذا المنهج من الثوابت التي لا نحيد عنها، ليس تكتيكاً – كما يزعم المرجفون- بل هو مبدأ أخلاقي ديني ثابت دائم لا يتغير إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها، مبدأ ينبذ العنف بل ويعمل على استئصاله،.

ويعتمد على سبيل التربية سبيلاً لا خيرة لنا فيه كمنهاج حاكم ضابط ثابت يبدأ:

أولاً: دعوة تضبطها الحكمة والموعظة الحسنة، لا إكراه فيها ولا عنف ولا تعسف.

ثانياً: تربية إسلامية أساسها القرآن والسنة وإن تعددت وسائلها حتى ننتقل من رجل القول إلي رجل العمل، شعار هذه التربية: “”اعرف ربك، وأصلح نفسك، وادع غيرك، وأقم دولة الإسلام في قلبك تقم على أرضك””

ولذلك فإن لهذه التربية خصائصها التي من أهمها:1- أنها ربانية.2- ثابتة الأسس.3- موافقة للفطرة.4- شاملة لكل جوانب الحياة باعتدال.5- موحدة للطاقات البشرية.6- متفائلة إيجابية فعالة تقوم على الأساس العقائدي والتعبدي والتشريعي.

كل ذلك لتحقق ثمرتها وهي: تحقيق الكرامة الإنسانية لتقيم الحضارة الإسلام ية.

ثالثاً: من هذه اللبنات التي تربىت تكون الأسرة الصالحة فالجماعة فالحكومة، لذلك كان من الثوابت عند الإخوان التربية المتأنية -كما بينا- لنحصل على الفرد المسلم الذي يبدأ التغيير بإصلاح نفسه ليكون منهج التغيير على منهاج النبوة.

ووسيلة تحقيق ذلك عند الإمام البنا نظام الأسرة.

أهمية الأسرة كمحضن تربوى(اركان الاسرة)

يقوم الإمام البنا مبيناً أهمية هذا المحضن التربوي: يحرص الإسلام على تكوين أسر من أهله يوجههم إلى المثل العليا، ويقوي رابطتهم، ويرفع أخوتهم من مستوى الكلام والنظريات إلى مستوى الأفعال والعمليات، وأركان هذا الرباط ثلاثة فاحفظها واهتم بتحقيقها حتى لا يكون هذا تكليفاً لا روح فيه.

التعارف:هو أول هذه الأركان فتعارفوا وتحابوا بروح الله،واستشعروا معنى الأخوة الصحيحة الكاملة فيما بينكم،واجتهدوا ألا يعكر صفو علاقتكم شيء (إنما المؤمنون إخوة)

التفاهم:هو الركن الثاني من أركان هذا النظام التربوي .

التكافل:هو الركن الثالث، فتكافلوا وليحمل بعضكم بعضاً، وذلك صريح الإيمان، ولب الأخوة، وليتعهد بعضكم بعضاً .

ألا ترى أن هذا النظام التربوي يحقق الواجبات الفردية والاجتماعية والمالية؟ ويحقق المعايشة والمؤانسة والأخوة.

ولما كانت التربية تحتاج إلى علم وفقه وفهم، ولا يتحقق ذلك إلا عن طريق مربٍّ في محضن، والمحضن هو الأسرة، والمربى هو النقيب ليقوم بدوره خير قيام لتحقيق المهام الجسام والأهداف المرجوة، ولذلك كان المربى وهو النقيب داخل الأسرة كإمام الصلاة له السمع والطاعة والتوجه والتعليم والتربية.

نقيب الأسرة:

نقيب الأسرة هو القيادة الأولى فى الجماعة ، بل هو المربى لأفراد الأسرة ، المخطط لجهودهم والمنسق بينها ، والقادر على توجيهها وتوظيفها للوصول إلى الهدف .ومهمته جليلة القدر عظيمة الشأن ، إذ هى فى حقيقتها : تربية الأفرإد على الآداب والقيم الإسلام ية أساسا ، وعلى نظم الجماعة ولوائح هذه النظم – وكلها مستمدة من الإسلام – كعمل متمم لغرس القيم والاداب الإسلام ية ، إذ قد عهدت الجماعة إليه بعد الثقة فيه والأهلية والصلاحية بأن يربى أفراد الأسرة ، ويرعى كل مالديهم من مواهب وقدرات يرعى الموهبة وينمى القدرة ، وينقل الدعوة من خلالهم إلى الآخرين . ”

مكانة المربي في ميدان التربية:

يعد المربي عماد العملية التربوية، وركن من أهم أركانها الذي تقوم عليها، بل هو حجر الزاوية في بناء الدعوة كما شبهه الإمام البنا حين قال في الأسرة ونقيبها: “هي قاعدة الأساس في بناء دعوتنا، ونقيبها هو حجر الزاوية في هذا البناء”، ولذلك تنعقد عليه كثير من الآمال في بناء الأجيال وتربية الرجال، وبقدر وعي المربي بعظم دوره وأثر فعله، ومدى تمثله للقدوة، ومعايشته لإخوانه، وحرصه على دعوته ورسالته، فإن العملية التربوية ستكون أكثر فاعلية وأعمق أثرا، بعد توفيق الله وعونه، ونحن هنا نعرض لمجموعة متنوعة من الوصايا الكلية التي يجب أن يحرص عليها المربي القدوة، ليقوم بدوره التربوي بفاعلية،وهذه الوصايا تخدم ثلاث جوانب أساسية في بناء وتكوين المربي، منها ما يتعلق بذاته وبناءه النفسي والتكويني، ومنها ما يتعلق بدوره ومهاراته التربوية، وأخيرا يخدم بعضها دوره في إدارة إخوانه وأعمال الدعوة المرتبطة بمهامه كمربي.

الوصايا العشر للمربي القدوة:

1- أن يهتم المربي بحاله مع ربه، فيعطي وقتا لنفسه فيرعاها ويزكيها باليقين الصادق والعبادة الصحيحة.

2- أن يتحلى الأخ المربي بكريم الأخلاق والسمعة الطيبة وحسن المعاملة.

3- أن يجتهد المربي في تحصيل العلوم النافعة التي يتزود بها لنفسه ويفيض بها على إخوانه؛ لأنه كما وصفه الإمام البنا

4- أن يبذل المربي جهداً في تطوير ذاته وقدراته، التي تؤهله ليمارس مهامه بفاعلية، وترفع من كفاءته في العملية التربوية.

5- أن يحرص المربي على تحقيق وتعميق المعايشة التربوية مع وبين إخوانه.

6- أن يركز في تربيته لإخوانه على الجانب الإيماني التعبدي، من خلال تزكية نفوسهم بالطاعات والقربات.

7- أن يهتم المربي كثيراً بتزكية معاني الأخوة والحب في الله بين إخوانه عملياً لا نظرياً.

8- أن يتعرف المربي على قدرات وطاقات إخوانه، ويبذل الجهد في توظيفها لخدمة الدعوة، ودفعهم نحو الحركة والعمل.

9- أن يهيئ المربي لإخوانه البيئات التربوية الداعمة لنموهم التربوي وفق منهج المرحلة.

10- أن يجمع المربي قلوب إخوانه حول الدعوة، والثقة في طريقها (قيادة منهج أفراد)، وأن يربيهم على الانتماء الصادق للدعوة (عاطفياً فكرياً تنظيمياً حركياً)، وأن يشعرهم دائماً أنهما أصحاب دعوة وليسوا أُجراء فيها وبالتالي، وجب عليهم أن يفكروا لها وينصحوا لها ويحملوا همها. ومن لوازم ذلك أن يشجعهم على المشاركة بآرائهم وأفكارهم لخدمة العمل وتطويره، وأن يعمق عندهم مبدأ (الدين النصيحة) وفق آدابها وضوابطها، وأن يربيهم على ممارسة الشورى علميا وعمليا وفق آدابها وآلياتها.

واجبات الأخ المسلم تجاه الأسرة:

“من واجبات الأخ المسلم تجاه الأسرة الاجتهاد في التحضير لفقرات الأسرة أو تقديم بعضها، والإيجابية بتقديم كل ما هو مفيد من معلومات وتناصح مع باقي الأفراد، فتكون الأسرة زاد الأخ المسلم الأسبوعي؛ كلما عاد منها رجع بالمفيد”

على الأخ المسلم الملتزم بجماعة الإخوان المسلمين واجبات متعددة تجاه الأسرة ومنها:

1- المحافظة على حضور الأسرة في وقتها وعدم التغيب إلا لعذر قاهر، والحزن حال الغياب لفوات الفائدة من عدم المشاركة، والاعتذار من النقيب عند التأخر أو الغياب.

2- التهيؤ النفسي للحضور، والإقبال على الأسرة بهمة ونشاط وشوق وترقب، مع فهم الهدف من الحضور.

3- الاجتهاد في التحضير لفقرات الأسرة أو تقديم بعضها، والإيجابية بتقديم كل ما هو مفيد من معلومات وتناصح .

4- الالتزام المالي بالاشتراكات، والبذل بطيب نفس في كل نشاطات الأسرة، أو صندوقها الخاص.

5- الإنصات والاستماع للرأي الآخر بصدر رحب وعقل مفتوح، و الحوار والنقاش بموضوعية بعيداً عن الهوى والتعصب، ومراعاة الأدب والخلق الحسن عند الاختلاف في الرأي.

6- قيادة الأسرة في بعض الأحيان، والتدرب على النقابة بحيث يكون مستعداً لاستلام أسرته إذا توافرت لديه المؤهلات.

وختاماً… إنّ فهم أهداف الأسرة يعمق المسؤولية على الفرد الملتزم بالجماعة ويجعله أكثر حرصاً عليها، وعلى تأدية الواجبات المطلوبة منه تجاهها.

كما أن الإلتزام بواجبات الأسرة دلالة على حرص الأخ على جماعته، وإنّ ضعف بعض الأفراد ناتج في مجمله عن قلة اهتمامهم بالوسائل التربوية، فليس حضور الأسرة من باب المجاملة أو رفع العتب، بل هو وسيلة لبناء أمة متمسكة بدينها ومنهج نبيها، فلنكن علامة فارقة في التزامنا وتمسكنا بوسائلنا وأداء واجبنا.

أيها الإخوان : في الواجبات التي بين أيديكم إن وعيتموها والأعمال التي بين أيديكم إن اتبعتموها ما يكفل تحقيق هذه الأركان , فراجعوا دائما واجبات الأخ التعاوني , وليحاسب كل منكم نفسه على إنفاذها , ثم ليحرص كل أخ على الاجتماعات المحددة مهما كانت أعذاره , ثم ليبادر كل منكم إلى تسديد ما عليه لصندوق أسرته , حتى لا يتخلف عن الواجبات متخلف , فإذا أديتم هذه الواجبات الفردية و الاجتماعية و المالية , فإن هذا النظام سيتحقق ولا شك , وإذا قصرتم فيها فسيتضاءل حتى يموت , وفي موته أكبر خسارة لهذه الدعوة , وهي اليوم أمل الإسلام والمسلمين .

ولزيادة الترابط بين الإخوان عليهم أن يحرصوا على :

1 – القيام برحلات ثقافية لزيارة الآثار والمصانع وغير ذلك .

2 – القيام برحلات قمرية رياضية.

3 – القيام برحلات نهرية للتجديف .

4 – القيام برحلات جبلية أو صحراوية أو حقلية .

5 – القيام برحلات متنوعة بالدراجة .

6 – صيام يوم في الأسبوع أو كل أسبوعين .

7 – صلاة الفجر جماعة مرة كل أسبوع على الأقل في المسجد.

8 – الحرص على مبيت الإخوان مع بعضهم مرة كل أسبوع أو أسبوعين .

خصائص التربية قالها الإمام

“تميَّزت دعوة الإخوان بخصائص خالفَت فيها كثيرًا من الدعوات التي عاصرتها، ومن هذه الخصائص العناية بالتكوين والتدرج في الخطوات ” ، وقد تميز التكوين الدقيق والتربية عند الإخوان بخصائص ، لا يحيد عنها المربون ومن ذلك أنها :

1. تربية ربانية 2. تربية شمولية. 3. تربية وسطية. 4. تربية إنسانية. 5. تربية متدرجة. 6. تربية مستمرة. 7. تربية إيجابية. 9. تربية مرنة .

10. تربية حركية.. 11. تربية عميقة.

غاية التربية لقد حدد الإمام البنا الغاية من التكوين الدقيق في الجماعة ، وبين أن للتربية والتكوين عند الإخوان غايتين : 1- غاية قريبة: تتمثل في التكليف الإلهي الفردي ، نسعى إليها منذ اللحظة، ونسير في خطوط متوازية وليست متتالية لتحقيقها، وتتمثل في (إصلاح الفرد المسلم- بناء الأسرة المسلمة- إرشاد المجتمع) كلٌّ وفق شروط تكوينه وتربيته وتغييره، كما وضحها الإمام البنا بقوله ” فنحن نريد أول ما نريد يقظة الروح ، وحياة القلوب ، وصحوة حقيقية فى الوجدان والمشاعر ، ونحن نريد نفوسا حية قوية فتية ” . 2- غاية بعيدة:وتتمثل في التكليف الإلهي الجماعي ، وقد تكون مرحلة تالية؛ ولكنها لا تغيب، وتتمثل في (إيجاد الحكومة المسلمة- إعادة الخلافة الراشدة- الوصول إلى السيادة وأستاذية العالم) وما ذلك على الله بعزيز.