مواقف من سيرة الداعية الصابر : أحمد البس

(1) تعريف :-

• هو الداعية الحاج / أحمد البس.

• ولد ببلدة القضابة مركز بسيون عام 1915م.

• عمل في حقل التدريس بعد تخرجه ، ثم مدير مدرسة ثم موجهاً بالتعليم.

• التحق بجماعة الإخوان المسلمين عام 1939م.

• عاصر كل محن الجماعة وقضى في سجون الطغاة قرابة ربع قرن صابراً محتسباً.

• زوجته أخت فاضلة وكانت له سنداً قوياً وقدمت خدمات جليلة لأبناء الدعوة.

• كان يتميز كإخوانه ممن تربوا على يد الإمام الشهيد بالعلم والخلق والتواضع وبشاشة الوجه.

• تولى رئاسة الجمعية التربوية الإسلامية للإخوان المسلمون.

• كان من نواب الإخوان المسلمون في البرلمان في انتخابات 1987م.

• توفي إلى رحمة الله تعالى سنة 1992م.

(2) انضمامه إلى الدعوة:-

تعرف على الدعوة عام 1939م ، عن طريق إعلان صادر عن الجماعة بإقامة درس في أحد مساجد القرية وحاضر كل من المهندس عبدالسلام فهمي ، والأستاذ محمود العجمي ، وبعدها تم النقاش حول الفرق بين جماعة الإخوان المسلمون والشبان المسلمين وأهداف الجماعة وغاياتها وتم شرح الأمر باستفاضة من قبل الزائرين ، فانشرح صدر الأخ /أحمد البس وانضم إلى الجماعة وأعلن من فوره غرفة الضيوف في بيته مقراً لشعبة الإخوان في القضابة. صدر بعد ذلك قراراً من إخوان طنطا بتكليفه مسئولية شعبة بسيون ، وكانت تضم عشرون قرية وبقى فيها من 1939م حتى 1954م.

(3) من إنجازاته في الشعبة:-

– إنشاء مستوصف وفرقة للجوالة ساهمت في مكافحة مرض الكوليرا.

– مسجداً للصلوات الخمس والجمعة.

– داراً للسيدات ومدارس الجمعة للأطفال والناشئة ومدرسة ليلية للبنين.

– لجنة مصالحات لفض المنازعات بين الناس.

– لجنة الحفلات والندوات ومآدب الإفطار.

– لجنة تعاونيين وزراعيين.

– نادي للشباب والرياضة.

(4) جهاده :

قضى الداعية الصابر الحاج / أحمد البس فترة زادت على 25 عاماً متنقلاً بين سجون الطغاة من سجن إلى آخر ومن تعذيب إلى تعذيب ومع ذلك كان صابراً محتسباً لأنه أيقن أن ذاك هو ابتلاء الله لعباده المؤمنين في الدنيا وكان يتمثل قوله تعالى : ” ألم * أحسب الناس أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون.”
ويروى لنا بعضاً من أحواله في السجون فيقول :

ألقي بي في زنزانة إلى العشاء ثم دعيت للتحقيق وأجلسوني تحت قدما الضابط وأمرت بخلع ملابسي جميعاً وطرحت على بطني وانهال الضرب على كل أجزاء جسمي وربطوني بالعروسة الخشب ونقشوا ظهري بالكرابيج والأسياخ المحماة حتى صرت لا أشعر بالحرارة وتجمع القيح تحت الجلد ، وفي يوم ونحن تحت نير التعذيب أمرنا بصعود السلالم ونزولها مرات ومرات وأثناء ذلك أمسك أحد الإخوان بجلد ظهري فانسلخ الجلد من رقبتي إلى أسفل الظهر فانكشفت عظامي ؛ فأخذني أحد الأطباء الإخوان المسجونين معنا وأمرني بالنوم على بطني ونظف ظهري من القيح ورد الجلد إلى مكانه وأخبرني أن ذلك كان خيراً لي ولولا انسلاخ الجلد وانكشافه عن الصديد لانتشر وتسمم الجسم كله.

ويروي عن مذبحة ليمان طره في 1/1/1957م فيقول : ” بعد أحد الزيارات لنا ، تم حشد عدد كبير من الجنود والضباط وكميات كبيرة من الذخيرة وأمروا الإخوان بالخروج من الزنازين وتم ربط المجموعة الأولى وكانت حوالي 20 أخاً بسلسلة واحدة والتي ضمتني ، وأدرك الإخوان أن الأمر مدبر لتصفيتهم بإخراجهم إلى الجبل مسلسلين ، فتوقفوا عن الخروج فما كان من إدارة السجن إلا إصدار الأوامر بإطلاق النار على الإخوان داخل الزنازين واستمر ذلك لمدة ساعة وكانت الحصيلة 21 شهيداً ، 22 جريحاً ، وفي اليوم التالي خرج 21 نعشاً ليلاً تحت الحراسة المشددة للدفن ، وجاءهم من قيادة الثورة من يهنأهم على ذلك وعلمنا فيما بعد أن المذبحة تمت بأمر جمال عبدالناصر ؛انتقاماً منه لأن إخوان الأردن أفسدوا الانقلاب الذي دبره ضد الملك حسين.

انتقل إلى سجن القناطر الخيرية لأكثر من عام ، ثم سجن الواحات لخمس سنوات ، ثم سجن أسيوط وسجن القاهرة قرابة العامين ثم إلى سجن قنا ست سنوات.

(5) من أقواله:

عن زوجته :” شاء الله أن أدخل السجن بسبب انتمائي لجماعة الإخوان المسلمون بعد عشر سنوات من زواجي وخرجت بعد قضاء هذه المدة الطويلة بعيداً عنها وعن أولادنا فوجدت زوجتي أزكى ما تكون زوجة والأولاد أحسن ما يكونون خلقاً وعلماً وأدبا ، وقد أراد الله أن تكون محنتي مصحوبة بالعزة والكرامة فإيمان زوجتي جعلها تصبر فتجوع وتمرض وتسافر وتحزن وتتألم وتسهر وتمشي وتكدح وحدها وسط هذه المحنة الطويلة العريضة العميقة بعيداً عن أسماع الناس وأبصارهم”.

عن أستاذه البنا يقول :” كان مسلماً يمشي على الأرض ، رأى منه الإخوان كيف يفسر الإسلام ويطبقه على نفسه في الأكل والشرب والغضب والرضا حتى أن الإخوان استفادوا من سلوكه العملي أكثر من سلوكه الخطابي فهو شخصية لم أر مثلها وأنه المجدد للأمة في هذا القرن”.

عن أستاذه الهضيبي يقول : ” رجل عظيم ومسلم منظم وقائد حكيم فرضت عليه القيادة وهو كبير السن مريض الجسم فصمد صمود الأبطال وضرب المثل المشرف الجميل وسار بالدعوة يدفعها إلى الأمام وسط كل العواصف والأنواء من اعتقالات بالآلاف وإبادة بالمئات تحت نير التعذيب وأحكام الإعدام ، فواجه ذلك بصبر واحتساب إلى أن لقي الله عز وجل”.

للشباب وللأجيال التالية: ” العبرة دائماً بالنتائج لا بالمقدمات فكثيراً ما تبدأ الأمور بارتياح وسرور وتنتهي بحزن وألم والعكس بالعكس ومن أمثلة ذلك غزوة بدر التي بدأت والمؤمنين أذلة وفريق منهم كارهون لها وذهبوا إلى المعركة كأنما يساقون إلى الموت ولا يودون ذات الشوكة ويجأرون بالاستغاثة ويغشاهم النعاس وينزل عليهم المطر ويزحف عليهم العدو ولكن النتيجة بعد ذلك النصر المبين فيقتلون من أعدائهم سبعين ويأسرون مثلهم “ليبلي المؤمنين منه بلاءً حسنا”.

قالوا عنه:-
يقول عنه الأستاذ جابر رزق في مقدمة كتاب (الإخوان المسلمون في ريف مصر) للأستاذ أحمد البس : ” إن تاريخ جماعة الإخوان المسلمون هو في حقيقته تاريخ هذا الجيل الذي رافق الإمام الشهيد حسن البنا في بناء هذا الصرح الشامخ”.

وفاته :
من توفيق الله له أنه حفظ للقرآن الكريم كله وهو ابن عشرة سنين ثم نسيه ، وحين دخل السجن ، استعاد حفظه كاملاً في أربعين يوما ، وواصل قراءته كل عام سبعين مره إلى أن لقي ربه في عام 1992م ، فعسى الله أن يجعل القرآن الكريم ذخراً له في السماء وشفيعاً له يوم القيامة .. اللهم آمين ..