الحياة في ظلال القرآن

كن مع القرآن بعقلك وقلبك :

عطاءات القرآن الكريم لا حدود لها، ولا منتهي لتجلياتها؛ فهي تتجدد ولا تتبدد، وتفيض ولا تغيض، وتربو ولا تخبو، والحياة مع القرآن الكريم هي الحياة الحقيقية، كما قال صاحب الظلال رحمه الله: “الحياة في ظلال القرآن نعمة … نعمة لا تدانيها نعمة … نعمة تمد العمر وتباركه وتزكيه”(مقدمة الظلال). فمن عايش القرآن الكريم بعقل متفتح وقلب متيقظ انتفع به، واستضاء بأنواره، وانعكست أشعته علي مرآة روحه، وظهرت تعاليمه في خلقه وسلوكه؛ فهو هداية وبشارة﴿طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ * هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (النمل: 1 – 2) ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾ (الإسراء: 9) وهو شفاء ورحمة﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ (الإسراء: 82)﴿إنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ * وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (النمل: 76 – 77) وهو نور مبين وبرهان ساطع﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا﴾ (النساء: 174). وما أعجب ما قالته الجن حين فطنت إلي جوهر القرآن ومقاصده عندما سمعته لأول مرة: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (الأحقاف: 29 – 30). فعش مع القرآن بقلبك وعقلك وروحك وكيانك كله واعلم أن معايشة القرآن تعني التلاوة الخاشعة، والتدبر المستبصر، والتطبيق الشامل، والتعلم الواعي، والتعليم الرفيق، والدعوة الحكيمة.

تعلم فن الخلوة بالقرآن:

إنها مدرسة الليل التي تصوغ الرجال، وتكون الأبطال، المدرسة التي تخرج فيها محمد رسول الله والذين معه حينما استجابوا لأمر الله ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا﴾ (المزمل: 1 – 4). لقد نصبوا أقدامهم لله طويلاً، وافترشوا رؤوسهم لله كثيراً، فجعل الله منهم النماذج القرآنية، التي شرفت بها البشرية، وسعدت بها الإنسانية، فهلا أخذنا نصيبنا من مدرسة الليل وسرنا بجد خلف هؤلاء الرهط الكرام واستجبنا لقول ربنا سبحانه﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ (الإسراء: 79). فالقرآن ميسر للذكر فهلا أقبلنا عليه﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ (القمر: 17) والقرآن يؤثر في الحجر الأصم فهلا تحركت به قلوبنا﴿لو أنزلنا هذا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الحشر: 21). نعم دقائق الليل غالية فلا ترخصوها بالغفلة، واغتنموا فرصة خلوتكم واجعلوا للقرآن منها نصيباً وافراً، وأعطوه من أنفسكم يفتح لكم كنوزه وينشر عليكم نوره.

يا أيها الأحرار اجعلوا جدران السجن تشهد لكم، وأنيروا ليلها الداجي بأنوار القرآن، وآنسوا وحشتها بمصاحبة القرآن، واجعلوا أصداء تلاوتكم تتردد في هذه الزوايا الضيقة وتصعد إلي الملأ الأعلى ورددوا مع الداعي: “اللهم نور قلوبنا بالقرآن، ونور حياتنا بالقرآن، ونور بيوتنا بالقرآن، ونور أبصارنا وبصائرنا بالقرآن، واجعلنا من أهل القرآن، وخدم القرآن، وأدخلنا يوم القيامة في شفاعة القرآن”.

واجبات عملية:

  • اعزم علي اغتنام الخلوة في حفظ القرآن وضع لنفسك خطة زمنية واجتهد في تنفيذها بقوة وجد.
  • احرص علي تعلم أحد علوم القرآن التي لم يسبق لك تعلمها إذا أتيحت لك الفرصة ووجدت من يعلمك.