إن الربانيين من ورثة الأنبياء هم المؤهلون لإيصال الإنسان إلى التقوى: تقوى القلب وتقوى السلوك وإلى كمال العبادة بالإيصال إلى مقام الإحسان “أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك” وهم الذين يستأهلون الطاعة الاختيارية في أوضاع عصرنا ومن ههنا كان وجود رتبة الربانية من أهم أمور عصرنا.

          لكي يوجد الرباني  فلابد من توافر شروط أربعة:

1-    الذكر.      2   – العلم .         3- الأجواء المساعدة .     4- العمل الدعوي والتعليمي.

–    فالذكر لابد منه للوصول إلى مقامات اليقين: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} [الرعد: 28]، وإلى وراثة الحال النبوي {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً} [الأحزاب: 21].

–     والعلم شرط الربانية {ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون} [آل عمران: 79]. والملاحظ أنه قد أطلقت كلمة الدراسة، وهذا يشير إلى أن دراسات الربانيين كثيرة.

–    والأجواء المساعدة لينمو طالب الربانية علماً وعملاً وحالاً، فمجالسة أهل الذكر ومجالسة أهل العلم ومجالسة أهل الفضل هي التي تنمي عند طالب الربانية الرغبة بالوصول، فما لم ينتقل طالب الربانية من أجواء الغفلة والجهل فإنّ نموه يبقى ضعيفاً، ألا ترى إلى قصة ذلك الذي قتل مائة نفس كيف أمره العالم أن يغادر بيئته، وإلى الحديث الذي رواه مسلم “لو تدومون على ما أنتم عليه عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي الطرقات ولكن ساعة وساعة… ساعة وساعة… ساعة وساعة…”.

–          والعمل الدعوي التعليمي شرط، فالرباني يجب أن يخرج من إطار ذاته إلى الإصلاح، وذلك بالتعليم والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وترتيب هذه المعاني.

ولو أنك تأملت الواقع فإنك نادراً ما تجد توافر هذه الشروط على كمالها وتمامها في تجمع معاصر أو في مؤسسة، فدراسة الربانيين التي يحتاجها العصر نَدَرَ ما تجدها في مؤسسة أو في جماعة أو في فئة. والذكر الجماعي والفردي اليومي والسنوي دون المستوى المطلوب، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه، وكانت له قبل النبوة خلواته الطويلة، وبعد النبوة عباداته الكثيرة، وقد دأب على الاعتكاف السنوي وكانت حياته ذكراً وتذكيراً. والأجواء المساعدة قليلة بل الأجواء المعاكسة هي الأصل، فندر ما يحضر الإنسان جلسة فيخرج أكثر إيماناً ويقيناً وخشوعاً ويقظة.

والعمل الدعوي التعليمي ندر من يمارسه من الأفراد، لأنه في الغالب لا يمتلك وسائله ولذلك قلنا: إنه لا بد أن يتمحض عمل لصالح إحياء الربانية على ألا يدخل في خلاف وخصومات مع مسلم أو جماعة إسلامية فذلك طريق الفسوق والضلال لا طريق الربانية، بل الربانيون عليهم أن يصلوا أهل الإيمان، وأن يحبوهم وأن يساعدوهم على الخير وأن يؤلفوا بين القلوب.