الرِّباط على الباطل … سِحرُ التعوُّد، والنبوّة!

د / عماد نصار

إن من ولدِ آدمَ من يُرابطُ على الباطلِ رِباطَه على الحقّ.

إنه ما كان لبشرٍ عاقلٍ إذا تجلّى أمامه الحقُّ وتعرّى أمامهُ الباطلُ أن يقفَ على الحياد.

بل إن النفسَ البشرية تميلُ بفطرتها المجرّدة من المنفعة إلى اتّباع الحق، ذلك أن الحق في ذاته أحق أن يُتّبع لمناسبته للفطرة البشرية وإن لم يقم عليه دليل.

فما بالك أن لا يقفَ ابن آدم على الحياد؛ بل أن يتّبع الباطل؛ ثم كيف بك إذ تراه وقد نهضت أمامه الأدلة الدامغة على بطلان ما يتبع، فأخذته العِزّة بالإثم ورابط على باطله رباط أهل الحق على الحق؟

لا تملك نفسُ الإنسان للحقّ نُكرانًا، ولكن فيها نزوعًا أن تجحدَ الحقّ إذا خالف أهواءَها.

قال خالقُ هذه النفسِ جلّ وعَلا:

“قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ۖ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ”
الأنعام33

وهو تعالى القائل:
“أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ”
الملك14

نعم، إنهم لا يٌكذّبون الحقَّ، ولكنهم يَجحدونَه، ولكلِّ في ذلك هواه.

ولكن الأعجب من ذلك، أن هذه النفسَ قد تصنع جديدا فيسهل عليها اتّباعه، فكرةً كان أو سواها، ولكنها يشقُّ عليها أن تستبدل بما اعتادته غيرَه، ولو كان ما اعتادته باطلاً، وكان الجديد الحق بعينه، بل تؤثر أن تبقى على الباطل القديم على أن تتبع الحق الجديد.

ولذلك، عندما قيل للأنبياء: “حسبُنا ما وجدنا عليه آباءنا” كان القائلون عبيدَ العادةِ وأُلفةَ الشيء والفكرة، حتى استحال عندهم الباطل حقًّا بطول العهد، وأنكروا الحق بِقِصَرِ عهده فيهم.

والآن، ألا ترى أن الله تعالى وهو خالق هذه النفس، قد علمَ أن كَسرَ هذا التعوُّدِ يحتاج إرسال نبيٍّ ومعه مُعجزة؟!

فكيفَ بكَ اليوم إذْ لا نبيَّ ولا معجزة؟

ولكن هناك حبل الله.

“إن تنصروا الله ينصركم”
.