أمرالله لتعظيم نبيه وتعزيره وتوقيره، وإجلاله واحترامه وتقديره، أمر لا يخفى على مؤمن ومسلم، وكل من تصفح كلام الله وكتابه ووحيه أدرك ذلك وعلم كيف أن الله جل في علوه قد أثنى على رسوله ونبيه، وحبيبه ووليه، وصفيه ونجيه، وأجلَّه في كتابه، ووقره في خطابه، فما ناداه قط باسمه المجرد وإنما {يأيها النبي}، {يأيها الرسول}، وكيف أنه أقسم بحياته ـ ولم يقسم في كتابه بحياة بشر سواه ـ قال ابن عباس: “ما خلق الله ولا ذرأ ولا برأ نفسا أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم، ولا رأيته أقسم بحياة أحد غيره”. واشتق الله له من اسمه، وربط ذكره بذكره، فلا يكاد يذكر الله تعالى إلا ويذكر النبي معه.

وضم الإله اسم النبي إلى اسمه .. إذا قال في الخمس المؤذن أشهد

وشــق له مــن إســمه ليجـــلــه .. فذو العرش محمود وهذا محمد

وإن من تمام التقدير وكمال التكريم والتوقير، هذا الأمر الذي بدأ الله فيه بنفسه وثنى بملائكة قدسه، وأمر به المؤمنين من خلقه فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}(الأحزاب:56).

قال البخاري رحمه الله: “قال أبو العالية: صلاة الله تعالى ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء”، وقال ابن عباس: (يصلون يبرِّكون) أي: يباركون. قال ابن كثير في قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}[الأحزاب: 56]: “المقصود من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أخبر عبادَه بمنزلة عبده ونبيه وحبيبه عنده في الملأ الأعلى بأنه يثني عليه عند الملائكة، وأن الملائكة تصلي عليه، ثم أمَر تعالى أهل العالم السفليّ بالصلاة عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين”.

كنز الخيرات

الصلاة على المختار كنز عظيم من كنوز الخيراتِ، وباب واسعٌ من أبواب المبرّات، ومصدر هائل للأجور والحسنات، ولو علم المسلم ما جعل الله فيها من الخير والفضائل والثمرات ما فتر لسان عن مداومة الصلاة والسلام عليه.. عليه الصلاة والسلام.

وإن من أعظم تلك الفضائل وأزكى تلك الثمرات، ما رواه مسلم عن أبي هريرة أن النبي [من صلّى عليّ واحدة صلى الله عليه عشرًا].

يا ألله.. تصلى على النبي مرة فيصلي عليك رب العزة عشر مرار، وتصلى على النبي مرة في الأرض فيصلى الله عليك عشر مرات في السموات العلى!!

وإذا أردت أن تصلّي عليك الملائكة فأدِم الصلاة على النبيّ، فقد صح عنه أنه قال: (ما من عبد يصلي عليّ إلا صلت عليه الملائكة ما دام يصلي عليّ، فليقلّ العبد من ذلك أو يكثر).

درجات ومحو سيئات

كثيرة هي سيئاتنا، ووفيرة هي خطيئاتنا والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سبب لمحو السيئات، وكسب الحسنات ورفع الدرجات؛ روى الإمام أحمد والنسائي عن أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [من صلى عليّ صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات، وحُطّ عنه عشر خطيئات، ورفع له عشر درجات](رواه أحمد والنسائي)، وفي رواية: (كتب الله له بها عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، ورُدّ عليه مثلها).

اللهم صلى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تكفى همك ويغفر ذنبك

الهموم والغموم سبب الشقاء في الدنيا، والمعاصي والذنوب سبب الشقاء في الآخرة، فمن أراد أن يزيل الله عنه هم الدنيا وشقاء الآخرة فليكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. روى الإمام الترمذي والحاكم عن أبيّ رضي الله عنه أنه [قال للنبي: إني أكثِر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت، قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير، قال: قلت: الثلث؟ قال: ما شئت، فما زدت فهو خير، قال: قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فما زدت خير لك، قال: قلت: الثلثين؟ قال: ما شئت، فما زدت خير لك، قال: قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذًا تكفى همّك ويغفر لك ذنبك].

اللهم صلى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.