الصلاة هي الوسيلة العظمى في تزكية النفس ،وهي علم وميزان على التزكية ، فهي وسيلة وغاية بآن واحد ، فهي تعميق لمعاني العبودية والتوحيد والشكر ، فهي إقامة للعبادة في الهيئات الرئيسية لوضع الجسد قياماً وركوعاً  وقعوداً وسجوداً ، وإقامتها قطعٌ لدابر الكبر والتمرد على الله، واعترافٌ لله بالربوبية والتدبير، فإقامتها على كمالها وتمامها قطع لداء العجب والغرور، بل قطع لدابر المنكر والفحشاء “إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ

يقول الأستاذ سعيد حوى في كتابه “المستخلص”.

وإنما تكون الصلاة كذلك إذا أُقيمت  بأركانها وسننها، وتحقق صاحبها بأدب الظاهر والباطن ،ومن أدب الظاهر أداؤها كاملة بالجوارح ، ومن أدب الباطن الخشوع فيها ، والخشوع هو الذي يجعل للصلاة الدور الاكبر في التطهير، والتحقق والتخلق وتزكية النفس تدور حول هذا ، واذا كانت أفعال الصلاة الظاهرة معلومة للجميع فإمكاننا نوضح الأفعال الباطنة أو ما يعرف بعلم الخشوع

        قال النبي “أول علم يرفع من الأرض الخشوع ” فهو علم بنص الحديث النبوي  ، وإذ كان الخشوع أول علامة المفلحين “قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ” ، وإذ كان أهل الخشوع هم أهل البشارة ” وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ . الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ
 ففقدانه يعني فقدان القلب حياته وحيويته فالموعظة فيه لا تؤثر والاهواء فيه غلابة ” أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ

      والخشوع في الصلاة هو ميزان خشوع القلب ،وحضور القلب هو روح الصلاة، وأنَّ أقل ما يبقى به رمق الروح الحضور عند التكبير، فالنقصان منه هلاك وبقدر الزيادة عليه تنبسط الروح في أجزاء الصلاة وكم من حي لا حراك به، قريب من ميت ، فصلاة الغافل في جميعها إلا عند التكبير كمثل الحي لا حراك له

فإذا ظفرت أيها المسلم بالخاشع الذي يستطيع أن يوصلك إلى الخشوع فتمسك به فإنه العالم حقاً إذ هذه علامة علماء الاخرة ” وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا