المجاهد الكبير عبدالله عزام

نشأته

هو عبد الله يوسف عزام، ولد سنة 1941 في قرية سيلة الحارثية، في جنين بفلسطين، تربى في أسرة ريفية متدينة، في كنف والده الوقور يوسف عزام. وتلقى علومه الابتدائية والإعدادية في مدرسة القرية، وبدأ دراسته الثانوية في مدرسة جنين الثانوية ولم يمكث فيها طويلاً حيث قبل للدراسة في المدرسة الزراعية الثانوية (خضورية) في مدينة طولكرم. وحصل على شهادتها بدرجة امتياز عام 1959.

بعد حصوله على شهادة (خضوري) الزراعية تم تعيينه معلماً في قرية أدر بمنطقة الكرك جنوب الأردن، وبقي فيها سنة واحدة، حيث نقل إلى مدرسة برقين الإعدادية بالقرب من مدينة جنين.

تابع عبد الله عزام دراسته الجامعية في كلية الشريعة بجامعة دمشق، ونال منها شهادة الليسانس في الشريعة بتقدير جيد جداً سنة 1966، وفي دمشق التقى مع بعض علماء الشام فتتلمذ عليهم وصاحبهم.

كان للشيخ عبد الله خمسة أولاد ذكور وهم: محمد نجله الأكبر الذي ذهب إلى ربه شهيداً مع والده وعمره 20عاماً، وكذلك ولده إبراهيم الذي استشهد وعمره 15عاماً، وحذيفة وحمزة ومصعب. ومن الإناث: فاطمة ووفاء وسمية.

بعد عام 1967، وسقوط الضفة الغربية وقطاع غزة في أيدي اليهود، دخل اليهود سيلة الحارثية، وحاول عبد الله عزام مع مجموعة من الشباب من أهل القرية الوقوف في وجه الدبابات الإسرائيلية، فنصحهم أهل القرية بالتريث لأنه ليس بمقدورهم ذلك.

فخرج عبد الله عزام مشياً على الأقدام مع غيره من أهل القرية إلى الأردن، ولكن خروج عبد الله عزام من بلده ما زاده إلا عزماً وتصميماً على الجهاد في سبيل الله، فبدأت فكرة التدريب على السلاح للوقوف في وجه اليهود تلح عليه.

وكان الشيخ عبد الله عزام من أوائل التشكيلات الإسلامية التي انضوت مع حركة فتح للتدريب على الجهاد. قرن الشيخ عبد الله عزام جهاده وتدريبه بانتسابه إلى جامعة الأزهر في مصر لدراسة الماجستير في أصول الفقه.

حصل الشيخ على الماجستير في عام 1969. وقد اشترك الشيخ في تلك الفترة بعدة عمليات جهادية كان أشهرها معركة الحزام الأخضر عام 1969 ومعركة 5 حزيران سنة 1970.

وقد تكبد اليهود في هذه المعارك أعداداً كبيرة من القتلى إلا أن شباب الحركة الإسلامية لم يحاولوا أن ينسبوا هذه العمليات إليهم لأنهم يجاهدون في سبيل الله لا من أجل اكتساب شعبية أو الحصول على الثناء.

وفي عام 1971 ذهب الشيخ عبد الله إلى مصر لتحصيل درجة الدكتوراه وحصل عليها في عام 1973.في مصر وجد الشيخ لنفسه مهمة جهادية أخرى هي مد يد المساعدة لأسر المعتقلين من الإخوان على الرغم من مضايقة المخابرات المصرية له.

لما عاد الشيخ عبد الله عزام إلى الأردن عمل مسؤولاً لقسم الإعلام بوزارة الأوقاف، فكان له الفضل في تنشيط المساجد والوعاظ حيث طعم القسم بطاقات شابة قادرة على الدعوة، وأصدر نشرات لنشر الوعي الإسلامي.

ثم عمل مدرساً وأستاذاً بكلية الشريعة في الجامعة الأردنية مدة سبعة أعوام من عام 1973 ـ 1980، عمل فيها في مجال الدعوة والتدريس، وكان متميزاً بطريقته وأسلوبه في الدعوة إلى الله، ولذلك كان كثيرا من الشباب خارج الجامعة يحرصون على حضور محاضراته، وكان له الفضل في فصل البنات عن البنين في المحاضرات.

كان الشيخ في هذه الأثناء على اتصال دائم مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن طريق اتحاد الطلبة المسلمين حيث كانوا يوافونه بأخبار الجهاد أولاً بأول.

كان الشيخ عبد الله عزام شخصية فريدة من نوعها، وقد استطاع أن ينشر أفكاره في صفوف الطلبة والطالبات في مختلف كليات الجامعة. وفي عام 1981 سافر إلى السعودية للعمل في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، ثم طلب العمل في الجامعة الإسلامية بإسلام أباد في باكستان قريباً من الجهاد الأفغاني، فانتدب لهذا العمل، وعندما اقترب من المجاهدين الأفغان وجد ضالته المنشودة وقال: (هؤلاء الذين كنت أبحث عنهم منذ زمن بعيد).

جهاده

بدأ الشيخ عبد الله عزام عمله الجهادي في أفغانستان عام 1982 باستقبال القادمين للجهاد من الشباب العرب، ثم قام في عام 1984 بتأسيس مكتب خدمات للمجاهدين وتفرغ له. ليكون مؤسسة إغاثية جهادية متخصصة بالعمل داخل أفغانستان وقد ساهم هذا المكتب في:

– نقل قضية الجهاد الإسلامي في أفغانستان إلى قضية إسلامية عالمية، والعمل على إيقاظ الهمم واستنفار المسلمين في أرجاء العالم للوقوف بجانب هذا الجهاد المبارك.

– التعريف بقضية الجهاد عن طريق مجلة الجهاد، ونشرة لهيب المعركة والكتب والمنشورات التي كان يصدرها الشيخ عبد الله عزام في باكستان، بالإضافة إلى خطبه في المساجد والمحاضرات المتخصصة التي كان يلقيها للتحريض على الجهاد، وتصوير بطولات المجاهدين إلى العالم أجمع حيث كان النافذة التي يطل الأفغان من خلالها إلى العالم.

– في ميدان التربية والتعليم: إقامة الدورات التدريبية لقادة الجهاد، فتح المدارس داخل الخنادق، وإقامة المراكز التربوية في أرض المعركة، فتح دور القرآن الكريم تحت قصف المدافع، وطباعة الكتب، فقد طبع أربعمائة ألف نسخة من القرآن الكريم في سنة 1988 وأدخل معظمها إلى المدارس في أفغانستان.

– تزويد القوافل وترحيلها وتجهيز الجبهات.

– الاعتناء بضحايا الحرب وجرحاها: بإنشاء خمس مستشفيات في داخل أفغانستان (جاجي، تخار، غزني، فارياب، بنجشير، بالإضافة إلى تأسيس مستشفى مكة المكرمة والمختبر المركزي وعيادة الطب الطبيعي).

– إيقاف سيل الهجرة المتدفق: بكفالة العلماء والقادة الذين يحرضون على الجهاد بين الحمم المتساقطة.

– العناية بأبناء الشهداء وذلك بفتح قسم كفالة الأيتام والأرامل في داخل أفغانستان، وبناء دور للأيتام.

– رفع معنويات الأخوة المجاهدين الأفغان (سنشد عضدك بأخيك).

– انصهار الطاقات الجهادية في بوتقة إسلامية: عربيها وأفغانيها.

– تشكيل لجنة العلماء لإصدار الفتاوى واستنهاض الهمم ودحض الآراء الفاسدة.

ولقد كان الشيخ عبد الله عزام من أوائل السباقين للجبهة يقدم الشباب ويقدم نفسه أمامهم قدوة لهم في الإقدام والتضحية.

من أقواله

– إن الأبطال الحقيقيين هم الذين يخطون بدمائهم تاريخ أممهم ويبنون بأجسادهم أمجاد عزتها الشامخة.

– لقد رأيت أن أخطر داء يودي بحياة الأمم هو داء الترف الذي يقتل النخوة ويقضي على الرجولة، ويخمد الغيرة ويكبت المروءة.

– لقد عودتنا التجارب أن نرى التكالب العالمي على كل قضية إسلامية تقترب من النصر، أو على كل داعية أصبح شامة في جبين الدهر.

– الجهاد بالنفس ضرورة حياتية للمسلم ليتحرر من الخوف والوهم والرعب الذي يغتصب به الطواغيت حقوق الأمم.

– إن البشر لا يملكون إزاء القدر رداً، ولا يبني الأمم إلا الجماجم والأجساد.

– الشهداء هم الذين يخطون تاريخ الأمم، لأن تاريخ الأمم لا يخط إلا بالعرق والدم.

– الشهداء هم الذين يحفظون شجرة هذا الدين من أن تضمحل أو تذوي، لأن شجرة هذا الدين لا تروى إلا بالدماء.

– المسلم أعز ما يكون حينما يكون مجاهداً في سبيل الله.

– لا فرق بين رصاصة شيوعي في باكستان ورصاصة شيوعي في أفغانستان، ورصاصة عميل لليهود أو الأمريكان… الكل قتل في سبيل الله مادامت النية خالصة له… ولقد اخترنا الموت طريقاً للحياة.

مؤلفاته

الشهيد عبد الله عزام خاض تجربة رائدة في العمل الإسلامي الجهادي… ومن خلال هذه التجربة اكتسب عمقاً بعيداً في الجهاد، وقدم تراثاً ضخماً ليكون زاداً للأجيال.

ويتمثل هذا التراث في مؤلفاته من الكتب :

كتاب (العقيدة وأثرها في بناء الجيل).

كتاب (الإسلام ومستقبل البشرية).

كتاب (السرطان الأحمر).

كتاب (آيات الرحمن في أفغانستان).

المنارة المفقودة.

الدفاع عن أراضي المسلمين أهم فروض الأعيان.

إلحق بالقافلة.

في الجهاد آداب وأحكام.

عبر وبصائر للجهاد في العصر الحاضر.

جهاد شعب مسلم.

بشائر البصر.

حماس (الجذور التاريخية والميثاق).

كلمات من خط النار الأول الجزء الأول.

جريمة قتل النفس المؤمنة.

في خضم المعركة، في ثلاثة أجزاء.

مجموعة محاضرات مسجلة على أشرطة كاسيت تزيد على (300) شريط.

مجموعة محاضرات مسجلة بالفيديو كاسيت تزيد على (50) محاضرة.

مجموعة مقابلات صحفية نشرت في عدد من الصحف والمجلات.

عشرات المحاضرات التي ألقاها في عدد من البلدان العربية والأجنبية في أثناء جولاته من أجل الجهاد.

مئات المقالات التي كتبها في الصحف والمجلات وخاصة مجلة الجهاد ونشرة لهيب المعركة التي كان يصدرها في بيشاور.مجموعة من الكتب لم تطبع بعد.

مقتطفات من كتاب آيات الرحمن في جهاد الافغان

حدثني (عمر حنيف) في بيت (نصر الله منصور) قائد جبهة الإنقلاب الإسلامي و(عمر) هذا اسمه (قائندا محمد) وهو قائد عسكري في منطقة (زرمت وأرجون) في محافظة (بكتيا) أفغانستان فقال:

لم أنظر شهيدا واحدا متغير الجسم أو منتن الرائحة.

لم أر (أشاهد) شهيدا واحدا نهشته الكلاب رغم أن الكلاب تأكل الشيوعيين.

لقد كشفت عن اثني عشر قبرا بنفسي بعد سنتين أو ثلاث ولم أجد واحدا متغير الرائحة.

لقد رأيت شهداء بعد أكثر من سنة جروحهم حية تنزف دما .حدثني إمام قال: رأيت الشهيد (عبد المجيد محمد) بعد قتله بثلاثة أشهر كما هو ورائحته كالمسك.حدثني (عبد المجيد حاجي): رأيت إمام مسجد قرية لايكي بعد استشهاده بسبعة أشهر كما هو إلا أنفه.

حدثني الشيخ (مؤذن) عضو مجلس الشورى للجهاد مكث الشهيد (نصار أحمد) تحت التراب سبعة أشهر ولم يتغير.

حدثني عبد (الجبار نيازي): رأيت أربعة شهداء بعد ثلاثة إلى أربعة أشهر؟ فأما ثلاثة منهم فهم كما هم وطالت لحاهم وأظافرهم وأما الرابع فقد ظهر تلف في جزء من وجهه.واستشهد أخي (عبد السلام) وبعد أسبوعين أخرجناه كما هو.

حدثني (أرسلان) استشهد معنا (عبد البصير) طالب علم وفي الظلام جئت أبحث عنه مع مجاهد آخر اسمه (فتح الله) فقال لي (فتح الله) أن الشهيد قريب لأني أشم رائحة طيبة ثم بدأت أشم نفس الرائحة فوصلنا الشهيد متتبعين رائحته؟ ولقد رأيت لون الدم في الظلام على النور الذي ينبعث من الجرح.

أرسلان يصيبه النعاس

حدثني مولوي (أرسلان): أنه نام في أثناء المعركة في (شاهي كو) مدة عشرة دقائق والقذائف من جميع الأنواع تلقى علينا.

حدثني (عبد الرحمن): في معركة (دبكي) هاجمتنا الدبابات وكان عدد الدبابات والآليات (150-200) ولكثرة القذائف صار المجاهدون لا يسمعون لمدة يومين أو ثلاثة؟ ثم ألقي النوم علينا أثناء المعركة وقمنا مطمئنين؟ وضرب أحد المجاهدين دبابة فأحرقها وسقطت قطعة محترقة على سيارة ذخيرة فانفجرت نتيجة لذلك سبعة سيارات وغنمنا خمسة سيارات.

حدثني (عبد الله) حارس حكمتيار قال: ألقي النوم علي عدة مرات في أثناء المعارك فكنت أعتبر هذا أمنة من الله ونعمة.

حدثني (عبد الرشيد عبد القادر) بغمان: شاهدت ثلاثة مرات النعاس يصيب (يغشى) المجاهدين عند هجوم الروس فينام المجاهدون (2-3) دقائق فيقومون بعزم جديد وينتصرون على الروس.

حفظ الله للمجاهدين

(وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ) (آل عمران: 145) (فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين) (يوسف: 64)

(1) (أختر محمد) الدبابة تمر عليه:

حدثني (محمد منجل) (غزني-شلجر) قال: رأيت بعيني الدبابة مرت على (أختر محمد) فلم يمت وعندما رأوه حيا عادت ومرت عليه فلم يمت؟ ثم أخذوه مع اثنين من المجاهدين وأطلقوا على الثلاثة النار من الرشاش فلم يمت؟ واستشهد الاثنان وسقط الثلاثة على الأرض؟ وجاءوا وواروه بالتراب؟ وبعد أن ذهب الشيوعيون قام وعاد إلى المجاهدين؟ ولا زال حيا يجاهد.

(2) (نصر الله) تصيبه رصاصتان وتسقطان في جيبه:

حدثني (محمد منجل) حدثني (نصر الله) وكان مجاهدا في غزني؟ فأصابته رصاصتان ولم تجرحاه وسقطتا في جيبه فأراهما للمجاهدين معه وشهد له المجاهدون.

 (3) أربعة عشرة قذيفة نابالم حول الدوشكا:

حدثني (محمد نعيم) قائد بغمان أن طائرة ألقت عليهم أربعة عشرة قذيفة انفجرت ثلاثة عشرة على مقربة منه ولم تصب أحدا .

(4) الرصاص لا يخترق أجسادهم:

أنا (عبد الله عزام) رأيت بعيني قميص (خوجا محمد) محروقا من شظايا قذيفة هاون فيه خمسة ثقوب ولم يجرح إلا جرحا واحدا .

 (5) سيارة إبراهيم تمر على لغم ولم ينفجر وانفجر بدبابة:

حدثني (إبراهيم) كنا ثلاثين رجلا في زرمت وكان العدو معه ثلاثمائة بين دبابة ومصفحة وناقلة فهزم العدو وغنمنا مدفعين وسيارة وثلاثمائة قذيفة وألغام وثلاثين ألفا من الرصاص وستة كلاشنكوفات؟ فوضعنا الذخيرة في السيارة وكان السائق اسمه (محمد رسول) وأنا بجانبه ومرت السيارة على لغم ولم ينفجر ومرت دبابة على نفس اللغم فانفجر بها.

الطيور مع المجاهدين

أصبح من المتواتر أن الطيور تأتي قبل الطائرات فيعرف المجاهدون بقدوم الطائرات؟ وإذا جاءت الطائرات تكون الطيور تحت الطائرات تسابقها؟ مع العلم أن سرعة الطائرات ضعفي أو ثلاثة أضعاف سرعة الصوت.ويجمع المجاهدون أنه إذا اشتركت الطيور تكون الخسائر قليلة أو معدومة.

استشهاده

استشهد الشيخ عبد الله عزام في مدينة بيشاور في باكستان، حيث يقطن وعائلته رحمه الله بتاريخ 24/11/1989 في أثناء توجهه لتأدية صلاة الجمعة عندما تعرضت سيارته لانفجار مروع دبرته يد أعداء الإسلام الغادرة، مما أدى إلى استشهاده مع ولديه (محمد وإبراهيم) الذين تناثرت أشلاؤهم على مساحة واسعة حول السيارة التي انشطرت إلى قسمين من قوة الانفجار.

وصية الشهيد عبد الله عزام

يا أيها المسلمون :

حياتكم الجهاد، وعزكم الجهاد، ووجودكم مرتبط ارتباطا مصيريا بالجهاد.

يا أيها الدعاة :

لا قيمة لكم تحت الشمس إلا إذا امتشقتم أسلحتكم وأبدتم خضراء الطواغيت والكفار والظالمين.إن الذين يظنون أن دين الله يمكن أن ينتصر بدون جهاد وقتال ودماء وأشلاء هؤلاء واهمون، لا يدركون طبيعة هذا الدين.

إن هيبة الدعاة وشوكة الدعوة وعزة المسلمين لن تكون بدون قتال ، ” ولينزعن الله من قلوب أعدائكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن “، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال : ( حب الدنيا وكراهية الموت )

يا دعاة الإسلام :

إحرصوا على الموت توهب لكم الحياة ولا تغرنكم الأماني ولا يغرنكم بالله الغرور، وإياكم أن تخدعوا أنفسكم بكتب تقرأونها، وبنوافل تزاولونها، ولا يحملنكم الإنشغال بالأمور المريحة عن الأمور العظيمة { وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم… } ، ولا تطيعوا أحدا في الجهاد : لا إذن لقائد في النفير إلى الجهاد، إن الجهاد قوائم دعوتكم وحصن دينكم وترس شريعتكم.

يا علماء الإسلام :

تقدموا لقيادة هذا الجيل الراجح إلى ربه، ولا تنكلوا وتركنوا إلى الدنيا وإياكم وموائد الطواغيت، فإنها تظلم القلوب وتميت الأفئدة وتحجزكم عن الجيل وتحول بين قلوبهم وبينكم.

يا أيها المسلمون :

لقد طال رقادكم، واستنسر البغاث في أرضكم، وما أجمل أبيات الشاعر:

طال المنام على الهوان      فأين زمجرة الأسود

واستنسرت عصب البغاث   ونحن في ذل العبيد

قيد العبيد من الخنوع        وليس من زرد الحديد

فمتى نثور على القيود

متى نثور على القيود

يا معشر النساء :

إياكن والترف، لأن الترف عدو الجهاد والترف تلف للنفوس البشرية، واحذرن الكماليات واكتفين بالضروريات، وربين أبناءكن على الخشونة والرجولة وعلى البطولة والجهاد، لتكن بيوتكن عرينا للأسود.

وليس مزرعة للدجاج الذي يسمن ليذبحه الطغاة، اغرسن في أبنائكن حب الجهاد وميادين الفروسية وساحات الوغى، وعشن مشاكل المسلمين وحاولن أن تكن يوما في الأسبوع على الأقل في حياة تشبه حياة المهاجرين والمجاهدين، حيث الخبز الجاف ولا يتعدى الإدام، جرعات من الشاي.

يا أيها الأطفال :

تربوا على نغمات القذائف ودوي المدافع وأزيز الطائرات وهدير الدبابات، وإياكم وأنغام الناعمين وموسيقى المترفين وفراش المتخمين.

أما أنت أيتها الزوجة :

ففي النفس الكثير والكثير أريد أن أبثه إليك يا أم محمد، جزاك الله عني وعن المسلمين خير الجزاء. لقد صبرت معي طويلا على لأواء الطريق وتجرعت معي كؤوس الحياة حلوها ومرها. وكنت خير عون لي على آن أنطلق في هذه المسيرة المباركة وأن أعمل في ميدان الجهاد؛

لقد تركت على كاهلك البيت سنة (1969م) أيام أن كان لدينا طفلتان وولد صغير فعشت في غرفة واحدة من الطين لا مطبخ لها ولا منافع، وتركت على عاتقك البيت يوم أن ثقل الحمل وزادت العائلة، وكبر الأولاد وكثرت معارفنا وزاد ضيوفنا، فاحتملت لله ثم من أجلي القليل والكثير، فجزاك الله عني خير الجزاء ولولا الله ثم صبرك على غيابنا الطويل عن البيت ما استطعت أن أحتمل هذا العبء الثقيل وحدي.

لقد عرفتك زاهدة في الحياة، ليس للمادة أي وزن في حياتك، لم تشتكي أيام الشدة من قلة ذات اليد ولم تترفي ولم تبطري أيام أن فتح علينا قليل من الدنيا، لم تكن الدينا في قلبك بل كانت معظم الوقت في يدك، إن حياة الجهاد ألذ حياة ومكابدة الصبر على الشظف أجمل من التقلب بين أعطاف النعيم وجوانب الترف، الزمي الزهد يحبك الله، وازهدي بما في أيدي الناس يحبك الناس.

القرآن هو متعة العمر، وأنس الحياة، والقيام وصيام النافلة والإستغفار في الأسحار يجعل للقلب شفافية، وللعبادة حلاوة وصحبة الطيبات وعدم التوسع في الدنيا والبعد عن المظاهر وعن أهل الدنيا راحة القلوب، وأمل من الله أن يجمعنا في الفردوس كما جمعنا في الدنيا.

وأما أنتم يا أبنائي :

إنكم لم تحظوا من وقتي إلا بالقليل، ولم ينلكم من تربيتي إلا اليسير، نعم لقد شغلت عنكم ولكن ماذا أصنع ومصائب المسلمين تذهل المرضعة عن رضيعها، والأهوال التي ألمت بالأمة الإسلامية تشيب نواصي الأطفال، والله ما أطقت أن أعيش في قفص معكم كما تعيش الدجاجة مع فراخها، لم أستطع أن أحيا بارد النفس ونار المحنة تحرق قلوب المسلمين.

لم أرض أن أبقى بينكم طيلة وقتي وأحوال المسلمين تمزق كل من له قلب أو بقية من لب، ليس من المروءة أن أعيش بينكم أتقلب بين أعطاف النعيم، توضع لي صحفة وترفع صفحة بين أطباق اللحوم وأنواع الحلويات، والله لقد كنت في حياتي أمقت الترف سواء كان ذلك في ثياب أو طعام أو مسكن، وحاولت أن أرفعكم ما استطعت إلى مقام الزاهدين وأبعدكم عن مستنقع المترفين؛

أوصيكم بعقيدة السلف أهل السنة والجماعة وإياكم والتنطع، أوصيكم بالقرآن تلاوة وحفظا ، وبحفظ اللسان، وبالقيام والصيام، وبالصحبة الطيبة، وبالعمل مع الحركة الإسلامة، ولكن اعلموا أنه ليس لأمير الحركة أي سلطة عليكم بحيث يمنعكم من الجهاد أو يزين لكم البقاء للدعوة بعيدا عن مصانع الرجولة وميادين الفروسية، لا تأخذوا إذن أحد للجهاد في سبيل الله، إرموا واركبوا ولأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا.

أوصيكم يا أبنائي بطاعة أمكم واحترام أخواتكم (أم الحسن وأم يحيى) وأوصيكم بالعلم النافع الشرعي، وأوصيكم بطاعة أخيكم الكبير محمد واحترامه وأوصيكم بالمحبة فيما بينكم، وبروا جدكم وجدتكم وأكرموهما كثيرا وبروا عمتيكم (أم فايز وأم محمد) فلهما بعد الله فضل كبير علي ، و صلوا أرحامنا وبروا أهلنا، وأوفوا بحق صحبتنا لمن صاحبنا.