تيار الأمة.. نظرات وأطروحات

بقلم / يسري المصري

لا شكَّ أن الشعوب الحرة هي التي تجبر الطغاة على مر العصور على الانصياع والانقياد لرغبتها التامة في عدالة وحياة كريمة يحيا فيها المواطن كامل الحقوق والواجبات حاملاً همَّ وطنِه، ساعياً في نهضته، ملبّياً نداء أمّته وقتما طلبت منه بذلاً لجهد أو عَرَق أو نفير في سبيل رفعتها ومجدها.

ولما كانت الثورات العربية هي نتاج فهم تحرّر وعمل معاً، فإنه حتماً تفرز قيادات تسعى في لمّ الشمل وتوحيد الرؤى بعمل وفهم مثمر ميداني وواعٍ فكرياً ومبدع في الأدوات والسبل الرامية للحصول على الحياة التي يرنو لها الجميع “عيش وحرية وعدالة اجتماعية”.

والثورة المصرية ضربت دروساً باقية في نفس كل ثائر بغض النظر عن مآلات الأمور أو تعسرها، لكنها يقيناً في جذوة نفوس كل شاب على أرض المعمورة تمنى واقعاً معيناً، لكن سرقت البوصلة لفرض واقع جديد أشدّ طغياناً ممن قامت عليهم الثورة.

لذلك كان حتماً أن تسعى الكيانات الثورية في وعي حقيقي للثوار بطرق تصحيحية سليمة واعية أمنياً وحركياً، وفي سبيل تحقيق نتائج تضمد جراح أمتنا ووطننا الحبيب، وكل هذا في سياق العلم والعمل والحركة الجادة البنّاءة التي ينتظرها الجميع.

ومن هولاء تيار الأمة المصرية، وهو كيان معبِّر عن الكثير من الثوار، وله خطّه الفكري والعملي والنظري، وأنا كباحث قرأت الكثير عنه ومنهجيته في التغيير وأطروحاته الفكرية التي لها مريدون وأنصار، ولعل أبرز ما يميز هذا التيار والمشروع التوعوي هي رسائل الاستقلال، وهذا المقال تحديداً هو نظرات بسيطة متجلية عن تلك الرسائل نأخذ منها التطبيق العملي والعلمي.

وأبرز ما في هذه الرسائل هي رسالة العمل وآليات تحرّك الرافضين للظلم، فيقول التيار معبراً عن ذلك: متى تتحرك الشعوب ولماذا؟!

ويجيب التيار عبر أطروحاته وصفحاته ورسائله بأن النجاح الحقيقي للثورة يأتي بعد نجاحه في حسم الطرف الأصيل لها، وهو الشعب أو أغلبه على الأقل، ثم حدد التيار خمسة أمور في خطابه، كيف تنجح الثورة في ضم الشعب إليها؟ وهي:

– المكتسبات.

– المرجعية.

– القيادة.

– المشروع.

– التكلفة.

وقناعتي الشخصية أن هذه المحددات الخمسة فعلاً عوامل جذب أو استنفار، فالخطاب الشديد العملي الواضح الذي يخاطب العقول ويضغط على عوامل الربح والخسارة من فشل الثورة ومميزات نجاحها في تحقيق العدالة الاجتماعية أمر هام في الوصول لقلوب وعقول الشارع والجمهور المتعطش للحياة الطيبة العادلة، ثم المرجعية، وهنا أمر هام فلا مجال للمواربة، نحن نشرف بدائرتنا الفكرية الإسلامية، وتلك المظلة الجامعة لذلك، فالعقيدة الغراء هي من عوامل الانتصار شريطة الأخذ بأسباب حقيقية بعيداً عن دغدغة المشاعر وتخديرها.

المحدد الثالث القيادة، وهنا يكمن الداء وبوضوح شديد أقول: إن مشكلاتنا في قيادتنا وغير مقبول البتة أن نوجه اللوم على الشعب في قضية الانقلاب، فالشعب المصري العظيم منحنا معشر الإسلاميين أصواته في خمسة استحقاقات سياسية، فلم يخذلنا، لكننا -مع الأسف- نحن مَن خذله، لكن في الوقت نفسه أثمن لتيار الأمة عبر دراسته سعيه في تكوين قيادات ميدانية وسياسية حقيقية تعالج كل خطايا الماضى، وتحديداً الأربع سنين الماضية من عمر وطننا تحت انقلاب العسكر الثالث في مصر.

المحدد الرابع المشروع وهنا أيضاً داء عضال، فالشعوب لن تتحرك إلا بمشروع جامع جديد، فالكل عليه تحفظات؛ لذلك فالأمر ليس بالهين، ونحن كرافضين للانقلاب علينا مهام جسيمة في بناء عقول واعية، وأفكر مثمرة تنتج واقعاً ميدانياً جديداً.

إن معركة العمل ليست خطابات سياسية لكن آليات وأطروحات تلبي طموح الغارقين في الفقر، والمظلومين في السجون والمشردين في المنافي؛ لذلك أنادي الجميع بتوحيد الكلمة وإعلاء رايات العدل والسعي لتوظيف الطاقات واستغلال الملكات.

ختاماً.. إن مشروع الأمة الجامع الذي ننتظره جميعاً يجب أن يراعي كل أخطاء الماضي ويتلاشاها، ويأخذ من أفكار الكبار ويبني عليها؛ ليتحول المضمار الفكري لأي مشروع تغييري إلى رغبة ملحّة وتيار جامع ننشده في حياتنا استقراراً وفهماً ومناخاً وطريقاً واضحاً لإسقاط الظالمين وبوضوح حتى الآن ومن خلال ما قرأته عن مشروع تيار الأمة ورسائله القوية أستطيع القول: إنه بارع في هذا الأمر ولديه وعي كامل بمجريات الأمور وتجارب التاريخ وخبرات الأمم وتوظيف طاقات الأفراد، وهنا يكمن العلاج الذي طال غيابه.