ثوروا توهب لكم الحياة ..

بقلم / شرين عرفة

يحذرونك ، إذا خرجت على الحاكم لتطالب بإرجاع كرامتك المهدرة وحقوقك المضيعة، فلن يكون لك مستقبل سوى في الخيام مع المشردين ، وعلى أرصفة الدول الأخرى داخل صفوف اللاجئين ، ستغتصب زوجتك أمام عينيك ، ويهدم منزلك فوق رأسك،

تسألهم ببساطة : من سيجرؤ على فعل ذلك ؟!

كيف سنحصل على مصير سوريا أو العراق ، هل تهددوننا بما فعلته الجيوش هناك ، إما أن تحكمونا أو تقصفونا بالطائرات والدبابات ؟!

قالها الإعلام المصري صراحة على لسان النظام: يا نحكمكم يا نقتلكم ، الأمور باتت على المكشوف،

ألا يعجبكم #السيسي الذي ارتكب مذبحة رابعة والنهضة وقتل الآلاف ، فلديكم #بشار الأسد الذي قتل ما يقرب من نصف مليون سوري ، وأصاب ثلاثة أضعافهم ، وهجر 12 مليونا من السوريين؟!!

ووالله لو خُيّرَ السوريون بين واقعهم الذي هم فيه وواقع المصريين الآن ، ما اختاروا واقعنا ابدا ،

فعلى الأقل هم يقتلون فقط بالبارود، يموتون ورؤوسهم مرفوعة وأياديهم على الزناد، بينما في مصر ،فلدينا تشكيلة مفتخرة من كل أنواع الموت المخلوطة بالذل،والمعجونة بالهوان،

فإن لم ترغب في أن تموت مقتولا في الشوارع والميادين وأنت تطالب بحقك في الحرية والعدالة والمساواة، فارض بحياتك كما هي ، وسِر بجانب الحائط ، لا.. بل داخل الحائط ، وإياك أن تعترض على ما يلقى إليك من الفتات،

وإن كنت تظن أنك بذلك قد حميت نفسك من مصير الثوار، فاسمح لي أن أقول لك : مِسكين ،

فمن يضمن لك ألا تموت مقتولا على يد أمين شرطة طالبته بحقك في الأجرة إذا كانت سائق ميكروباص(حدث بالفعل في 2016 بالمعادي)،
أو كنت عامل شاي ورفضت أن تسمع منه إهانتك وطعنه في عرض أمك(حدث بالفعل في 2016 بالرحاب)،

ثم كيف تضمن لك، ألا يبطش بك قاض جاءته مكالمة هاتفية تأمره بإعدامك في قضية ملفقة،
بعد أن ألبسك إياها ضابط أذاقك قبلها ألوان العذاب (حدث بالفعل مع 6 شباب في قضية “عرب شركس” والتي ثبتت براءتهم عقب الإعدام)

أو تصفيتك وقتلك (كالخمسة مصريين الذين قتلوا بزعم اتهامهم بقتل الباحث الإيطالي ريجيني) وحاول النظام المصري تقديمهم لإيطاليا ككبش فداء.

أو ربما تموت مقتولا فوق مدرجات ستاد رياضي “مذبحة بورسعيد” ، أو على بواباته قبل أن تبدأ حتى المباراة “مذبحة التراس وايت نايتس” ، أو مُقطعا داخل قطار تالف خرج عن قضبانه المتهالكة (حدثت عشرات المرات)، أو متفحما داخل سيارة للترحيلات (حدثت في أغسطس 2013 )،

أو تنقلب بك السيارة على طرق هي الأسوأ والأخطر في العالم بواقع إحصاءات وتصنيفات، أوربما تموت على فراشك تحت القصف داخل منزلك في سيناء برفح والشيخ زويد ، من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل ،بتهجير أهلها وإقامة منطقة عازلة (كما اعترف السيسي بنفسه في نوفمبر 2014 في حديثه مع “فرانس 24”)

أو حتى في القاهرة ؛ بفعل مياه ملوثة وشبكة متهالكة للمجارير، وجبال قمامة في الشوارع وهواء غير نظيف ، لتحاصرك الأمراض المهلكة من فشل كلوي وكبدي و سرطانات (مصر هي الأولى على العالم في تلك الأمراض)،
أو ربما تموت قهرا وكمدا في أي محافظة من المحافظات، إذا لم تحصل على حقك في وظيفة أنت الأكفأ والأنسب لها ، لكنك لا تمتلك الواسطة التي تحتاجها،

أو حزنا على تفوقك الذي لم ينفعك، لأنه زاملك في الكلية ابن الأستاذ بالجامعة أو ابن القاضي أو اللواء،

ولن تجد قطعا عند مرضك سرير نظيف في مشفى يحترم آدميتك، ولا مأوى عند كبرك تلتجأ إليه عند ضعفك وشيخوختك،

وإذا قررت أن تهرب من هذا الواقع البائس اللعين ، وركبت البحر يائسا مهاجرا، فقد تموت غرقا كما يموت العشرات من العرب والمصريين على شواطيء أوروبا كل عام،

الموت هو الموت، هو اللحظة الأخيرة للحياة ، سواء كان بالسكتة القلبية أوبقصف الأباتشي من الأعداء ،..هكذا قال الشهيد البطل “عبد العزيز الرنتيسي” قائد المقاومة الإسلامية “حماس” ،

فلا تجعلهم يخيرونك بين الموت والموت ، بل علينا ان نختار بين الموت والحياة،

ثوروا توهب لكم الحياة