ابتليت إحدى الصحابيات بنوبات صرع، فسألت النبي أن يدعو لها بالشفاء، فخيرها بين أمرين. إما أن يدعو لها بالشفاء، وإما أن تصبر ولها الجنة، فقالت: بل أصبر يا رسول الله ولكن اتكشف فادع الله أن يسترني فدعا لها النبي فكانت لا تاتيها النوبة إلا وهي ساجدة مطمئنة “وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ” فكانت تمشي على الارض وهي من أهل الجنة بصبرها.

فما أجمل أن يستقبل الإنسان أمر الله في رضا. فيجد حلاوة الأجر في شدة القدر، ومفتاح الفرج في مرارة الصبر. وكما قيل:

الصبر مثل اسمه في كل نائبة ..  لكن عواقبه أحلى من العسل

وأعظم عاقبة وأحلى مكافأة يفوز بها من ذاق مرارة الصبرهي حب الله للصابرين “وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ” نعم الله يحب هولاء الصابرين ،وهل رأيت حبيباً يعذب حبيبه، أو يقطع حبال مودته، أو يستريح لهجره ؟ فكيف إذا كان هذا الحب من الرؤوف الرحيم بعباده؟

ومن كرم الله للصابرين أنَّ لكل أجيرٍ أجره بحساب، أما أجر الصابرين فمفتوح وموكول إلى كرم الله ” إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ”.

 فالجواد الكريم جلّ في علاه لا يبتلي عباده المؤمنين ليشقيهم، وإنما ليضع عنهم الأوزار، ويصرف عنهم النار، وهذه بشرى من النبي إذ يقول: ” ما يَزَال الْبَلاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمؤمِنَةِ في نَفْسِهِ وَولَدِهِ ومَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّه تَعَالَى وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ

  فلو فكر المبتلى في كل  نائبة أو نازلة  أو هم أو كرب نزل بساحته بعقلية المؤمن الواعي، واستوعبها بقلب يرضى عن الله  في كل الاحوال، لأخبره  نبض الإيمان في قلبه بأنَّ الله أحبه فابتلاه، وأنَّ الله أراد له عظيم الاجر والمغفرة فاصطفاه.

ولذلك كان الصحابة يقولون : ” كنا لا نتمنى وقوع البلاء ولكن إذا وقع فرحنا به” لأن قلوبهم  اطمأنت لمقدور الله، وأنَّ ما اختاره لهم الله هو الخير ” وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ