تتميز التربية الإسلامية بالعديد من الخصائص التي تجعلها في مكانة رفيعة وتميزها عن غيرها من أنواع التربية غير الإسلامية، ومن هذه الخصائص:

ربانية:

فإن الله تعالى هو الذي خلق الإنسان وهو الأكثر قدرة على معرفة ما يحتاجه وما يناسبه، وهذا يجعل التربية تتصف بالعدل والمساواة والقدسية، فلا يمكن لأي شخصٍ أن يعترض عليها وإنما يقدّسها وينفذها بصورتها، بينما مناهج التربية التي يضعها الإنسان تحتوي على الكثير من الأخطاء والثغرات نتيجة قصور عقل الإنسان في إحاطة جميع أنواع البشر وصفاتهم وخصائصهم، كما أن البشر يتفاوتون في مدى تقبلهم لما يؤمرون به، وعندما يكون هذا المنهج من عند البشر فإن بعض الأشخاص لا يقبلون به بسبب نعرة الفوقية وعدم الانصياع والانقياد، قال تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ وَلا يَزيدُ الظّالِمينَ إِلّا خَسارًا).

وكذلك فالتربية الإسلامية ترتكز على عملية إيقاظ الإيمان، وتتميز عملية إيقاظ الإيمان بأنها وظيفة مستمرة لا تنتهي، إنها كسب مستمر لخبرات إيمانية تؤثر في الوجدان والسلوك.

الشمول والتكامل:

التربية الإسلامية هي التي تعنى بإعداد الإنسان إعدادا يتناول كل جانب من جوانب حياته الروحية والعقلية والجسدية، وحياته الدنيا وما فيها من علاقات ومصالح تربطه بغيره، وحياته الأخرى وما قدم لها في حياته الدنيا من عمل يجزى عليه فينال رضوان ربه أو غضبه وذلك هو الشمول والتكامل الذي يميز الإنسان منهجاً ونظاما على سائر النظم والمناهج، فهو يتناول كل جانب من تلك الجوانب تناولا مفصلا دقيقا.

التوازن والاعتدال:

إن التربية الإسلامية وهى تعد الإنسان الصالح، تعنى فيه بأن يكون متوازنا في طاقاته وأهدافه ووسائله وأقواله وأعماله توازنا في كل شيء.

وتوازن الطاقات يعنى: ألا تطغى طاقة من طاقاته على أخواتها، أو تتجاهل طاقة لتظهر أخرى. وتلك من أبرز ميزات الإسلام في منهجه ونظامه.

توازن بين طاقة الروح وطاقة العقل وطاقة البدن، توازن بين معنويات الإنسان ومادياته، بين ضروريات الإنسان وكمالياته، توازن بين واقعه وما ينشده من كمال، توازن بين نزعاته الفردية ونزعاته الجماعية، توازن بين إيمانه بعالم الغيب وعالم الشهادة، توازن في طعامه وشرابه وملبسه ومسكنه ومنكحه، لا إسراف ولا تقطير وإنما هو توازن يؤدى إلى التوسط والاعتدال. (وكذلك جعلناكم أمة وسطا)  وسطا في كل شيء.

بل إن التوازن نظام فرضه الله على كافة مخلوقاته، من إنسان وحيوان ونبات وجماد وكواكب وأفلاك، كلٌ يسير حسب منهج فطرى وضعه خالق الكون للكون.

الإيجابية والتفاعل:

ومما يمز التربية الإسلامية، أنها تدفع بالفرد إلى أن يكون دائما ذا حركة وفعالية في حياته كلها، مع نفسه ومع من يعايشهم، بل مع الكون نفسه ومكوناته، يعمر الأرض ويفيد من البحر والجو، والحيوان و النبات، والجماد؛ من منطلق أن هذا كله قد سخره الله له، فلا يستطيع أن يكون سلبيا متواكلا مع نفسه، أو مع المجتمع الذي يعيش فيه، أو الكون الذي سخره الله له، بل هي الإيجابية والتفاعل، في ظل هذا الدين العظيم وهذه الأخلاقيات الرفيعة القدر.

مسايرة الفطرة:

ولقد تميزت التربية الإسلامية بخاصية مسايرة الفطرة البشرية في واقعها البشرى الأرضي المادي، كما تساير قدرة هذا الإنسان على أن يكون مثاليا، يحقق لنفسه ولدينه ولمجتمعه ما يعود عليه بالنفع والخير، كل ذلك داخل في إطار ما أحل الله وما شرع، فيعترف الإسلام للإنسان بتلك الفطرة التي خلقها الله، وفيها ضعف للإنسان إزاء التكاليف والواجبات، كما فيها ضعفه إزاء الشهوات والمغريات، ولكي يواجه الإسلام الضعف البشرى إزاء التكاليف جاء قوله تعالى : (هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج) ولمواجهته الضعف إزاء المغريات جاء قوله سبحانه (زين للناس حب الشهوات من النساء و البنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة و الأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب).