تناولنا في الموضوع السابق بعض خصائص التربية الإسلامية التي تميزها عن غيرها من أنواع التربية وفي هذا المقال نستكمل هذه الخصائص ومنها:

تجميعية:

الفرد المسلم الملتزم الحامل للدعوة مثله كمثل قطرة ماء الغيث أو المطر، إنه يشبهها في صفات من صفاتها وخصائص من خصائصها، فطهارته كطهارتها، ثم إنه طهور؛ لأن دوره في تطهير المجتمع مما خالف الإسلام كدورها في تطهير الأشياء من النجاسات، وماء المطر طهور؛ لأنه طاهر في ذاته مُطَهِّر لغيره.

قطرة ماء المطر الطهور إذا وقعت في مستنقع من الماء الآسن الراكد القذر فإنها تفقد طهارتها، ولا يكتسب الماء النجس الذي وقعت فيه القدرة على تطهير غيره لمجرد انضمام قطرة طهور إلى مجموعه، والفرد الطاهر هو كذلك، معرض لأن يفقد طهارته وقدرته على تزكية غيره إذا أحيط به في وسط أغلبية غير نظيفة، ولا سبيل للحفاظ على طهارة كل منا الفردية إلا بالحرص على التواجد وسط من يشاركنا صفة الطهارة نفسها،

لذلك لابد من تجميع القطرات الطاهرة معًا، إذن فتربيتنا تربية تجميعية، فوقوع قليل من قطرات ماء المطر الطاهرة في ماء نجس يسلبها صفة الطهارة، إلا أن يتجمع من هذه القطرات كم كبير وقدر كثير ترجح معه كمية الماء الطاهر على كمية الماء الملوث القليلة.

حركية:

من الناحية العملية ومن قراءة الواقع، فإن الوصول لأنْ نكون نحن أغلبية مطلب عزيز المنال، وقد يتبادر إلى الذهن أن لا أمل، وقد يتطرق اليأس إلى القلوب، لولا خاصية أخرى من خصائص تربيتنا تصمد بنا في مواجهة هذه الحقيقة وهذا الواقع، ألا وهي أن تربيتنا حركية، وعودة إلى مثال ماء المطر، فإن ماء المطر عندما يتحول إلى تيار يجري، فإنه يحتفظ بطهارته وبصلاحيته في تطهير غيره؛ لأن الماء الجاري لا ينجسه شيء،لذلك ترى ماء النهر يجري حاملاً ما حمل من مخلفات، ومازال الوضوء به صحيحًا؛ لأن الماء الجاري لا ينجسه شيء.
وتربيتنا  تكون حركية، عندما تأخذ بالفرد منا فتحركه بإيجابية في المجتمع من حوله، فالتربية الحركية لا تُرَبَّى بين أربعة جدران، لكنها تعتني بإصلاح عمل الفرد وهو يتحرك بين الناس وتدفعه لإصلاحهم. التربية الحركية تجعل الفرد متحركًا بإيجابية في المجتمع من حوله، فالحركة تجعله طاهرًا في نفسه مطهرًا لغيره كالماء الجاري.

((الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ، أَعْظَمُ أَجْرًا مِن الْمُؤْمِنِ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ))

منظمة:

البعض يأخذ علينا مسألة أننا نربي من خلال نظام وتنظيم، والحقيقة أن تربيتنا منظمة، وهي في ذلك ليست بدعة، ففي بيعة العقبة الثانية يقال: إن أهل العقبة كانوا اثنين وسبعين رجلاً وامرأتين، أو ثلاثة وسبعين وامرأتين، فماذا قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال لهم: ((أخرجوا منكم اثني عشر نقيبا))، نعم نقيبًا، فإذا ما عددت المتبقي من أهل العقبة وجدتهم 72 – 12 = 60، الباقي ستون،

فإذا قسمتهم على الاثني عشر نقيبًا علمت أن كل نقيب كان كفيلاً على خمسة، فقد قال صلى الله عليه وسلم  للنقباء: ((أنتم كفلاء على قومكم))، فما هذا؟ إنه النظام في العملية التربوية، إنه النقيب، وإنها الأسرة منذ بيعة العقبة أو قبلها.

متدرجة:

نرتقي خطوة خطوة في كل مجالات التربية ( إيماني , ثقافي , عبادي , اجتماعي , دعوى , ……. ) .

وبعد فتلك نقاط بارزة في خصائص التربية الإسلامية، تميزها عن كل تربية سواها، وتؤكد لدى المنصفين من الناس أنها التربية الوحيدة القادرة على إعداد الناس إعدادا يحقق لهم صالح المعاش والمعاد.