دوروا مع الحق حيثما دار

يقول الإمام البنا  محددا مقصد الإخوان المسلمين بقوله “إن الإخوان المسلمين يقصدون أول ما يقصدون إلى تربية النفوس، وتجديد الأرواح، وتقوية الأخلاق، وتنمية الرجولة الصحيحة في نفوس الأمة، ويعتقدون أن ذلك هو الأساس الأول الذي تُبنى عليه نهضات الأمم والشعوب”.

إنَّ بلوغ الأهداف الكبرى في الحياة يستلزم تضحيات كبرى مكافئة لها, ولا ريب أن سمو الأهداف وشرف المقاصد، ونبل الغايات تقتضي سمو التَّضحيات وشرفها، ورقي منازلها, وإذا كان أشرف التضحيات وأسماها هو ما كان ابتغاء رضوان الله تعالى، ورجاء الحظوة بالنعيم المقيم، في جنات النَّعيم, فإن الذَّود عن حياض هذا الدِين، والذب عن حوذته، والمنافحة عن كتابه وشرعه ومقدساته، يتبوأ أرفع درجات هذا الرضوان, ثم إنَّ للتضحيات ألوانا كثيرة، ودروباً متعددة

أينما يكون الحق فأنت معه تدور معه حيثما دار حتي وإن دار الزمان وتبدلت الأحوال فأنت مع الحق ثابت راسخ ومستمر  وفي كل خير تجد نفسك تحمله للناس وفي كل إصلاح لك معه باع تبتغي وجه الله تعالي وإن أساء الناس، حتي يظل الحق مضيئا في نفوسنا حيا في ضمائرنا ظاهرا في سلوكنا منيرا لنا الطريق،

و هذا نبينا يتنادى فينا من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «……. أَلَا إِنَّ رَحَى الْإِسْلَامِ دَائِرَةٌ، فَدُورُوا مَعَ الْكِتَابِ حَيْثُ دَارَ، أَلَا إِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّلْطَانَ سَيَفْتَرِقَانِ فَلَا تُفَارِقُوا الْكِتَابَ. أَلَا إِنَّهُ سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يَقْضُونَ لِأَنْفُسِهِمْ مَا لَا يَقْضُونَ لَكُمْ، فَإِنْ عَصَيْتُمُوهُمْ قَتَلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ أَضَلُّوكُمْ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ نَصْنَعُ؟ قَالَ: «كَمَا صَنَعَ أَصْحَابُ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ، نُشِرُوا بِالْمَنَاشِيرِ وَحُمِلُوا عَلَى الْخَشَبِ، مَوْتٌ فِي طَاعَةِ اللهِ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ فِي مَعْصِيَةِ الله»

فاستقيموا وقفوا  تحت راية القرآن، و دوروا معه حيث دار واعتصموا بحبل الله وتمسكوا بسنة نبيه عند طوفان الفِتن والمِحن وهو «صمام الأمان» للمسلم، فلا عصمة ولا نجاة لنا إلا باللجوء إلى القرآن، والتمسك به، والانطلاق منه، ومواجهة قوى الباطل وتحديهم به.  وقد سار حكام الأمة و تابعيهم في طريق متناقضٍ مع طريق القرآن، مستخدماً الترغيب والترهيب، والإغراء والتهديد وحرصوا على إرضاء أعداء الأمة، وإقصاء شرع الله و  والوا أعداء الله و عادوا أولياء الله و نشروا الفساد في العباد و قتلوا و سفكوا الدماء و هتكوا الأعراض و و اعتقلوا و سجنوا الأحرار! و سنة الله في المواجهة بين الحق والباطل مستمرة  إلى أن تقوم الساعة

فلا تركنوا ولا تداهنون الظلمة المتجبرين على الأمة، ولا تسكتون على ظلم الحكام خوفاً من بطشهم أو طمعاً في رضاهم. فموت في طاعة الله خير من حياة في معصية الله!!

فلا يكون الحق في طريق وأنت بعيد عنه بزعم واه أو وهم كاذب أو التباس أو تعجل أو فهم مغلوط. ففتش دائما وأبدا أين تقف قدماك؟ وابحث عن إخوانك ورفقاء دربك فالحق مع الجماعة والدفاع عن الدين فريضة؛ لأنه الملاذ الآمن لنا والنور الهادي لحيرتنا وطريقنا الذي ارتضاه رب العالمين لأصفيائه قال تعالي: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ﴾ (المائدة: 1516).

بذل الحياة في سبيل الدين

لا حياة للمبادئ من غير تضحية ، ولا قيام للدعوات والأفكار إلا بالتضحية ، وعلى أكتاف المضحين تنهض الدعوات وبتضحياتهم تحيا وتعيش ، وتجتاز المحن والصعاب وتحطم السدود والقيود ، وما كان للجبناء المتخاذلين الذين يُؤثرون الدعة ، ويقدسون المصلحة الشخصية والسلامة الذاتية ، أن يحملوا دعوةً ، أو يدافعوا غن حق ، أو أن يحرسوا أسوار الدين ، ويذودوا عن حياضه ومبادئه.

كان الصحابة تقطع أجسادهم وتفني أرواحهم فداء لهذا الدين وما تزحزحوا قيد أنملة، وحفروا أسماءهم في سجلات التاريخ يعلمون الأجيال كيف تكون حماية الدين ومن قبل سجلوا أسماءهم في صحائف من نور عند رب العالمين، والدفاع عن الدين يعني العمل بالأوامر واجتناب النواهي وإقامة الحق في الأرض ونشر الخير ومقاومة الباطل بكل أشكاله تلك هي خلاصة الحياة في سبيل الله تعالي، وهي إنفاق الوقت والجهد والمال خدمة لدين الله في الأرض، وتكون عملية الإنفاق هذه ابتغاء وجه الله تعالي يقول ربنا سبحانه : ﴿وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ (البينة : 5)، والإنفاق ليس ماديا فقط ولكن هناك الإنفاق المعنوي من العلم والنصح والمشورة والإصلاح ونشر القيم. وكل ما يغذي العقل والقلب لمعرفة الله سبحانه يدخل في دائرة الإنفاق.

فالله الله في ديننا  من كثرة الطاعات والأعمال الصالحات في كل وقت وكل حين فجردوا أقلامكم، وابسطوا ألسنتكم و البذل والعطاء في سبيل الله -جل وعلا و لنعمل للأمانة و البيعة التي في أعناقنا من حمل هذا الدين و العمل لتمكينه و الذود عنه و الدعوة إليه و التحمل و التضحية في سبيله بكل غال و نفيس فإنما هو أمانة سنسأل عنها أمام الله  ماذا قدمت لدين الله -تبارك وتعالى-؟ كم من المال بذلت؟ كم من الوقت بذلت؟ كم من الجهد أنفقت في سبيل نصرة دين الله -جل وعلا-؟ كم من الناس أثرت فيه بأخلاقياتك وسلوكياتك؟﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ا(لأحزاب: 72 (

فاستقيموا ولا تركنوا فالحياة في سبيل الله  أن تبقي راسخ القدمين في معركة الحياة اليومية والناس يميلون حيث تميل الرياح – أن تجوع وأن تظمأ وأن تعري، والناس يأكلون، ويشربون، ويتمتعون لدنيا، وأنت ثابت لا تتنازل عن مبادئك وقيمك، وأن تصدح بالحق في وقت يتغنى الناس ويغازلون فيه الباطل – هذا أشق علي النفس، وأن تجأر بكلمة الحق في وجه سلطان جائر فقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: «إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول له إنك أنت ظالم فقد تودع منهم»(رواه الحاكم و أبو داود والنسائي)، أن تداوم علي الصلاة ،والزكاة ،والذكر ،والاستغفار والأكل من الحلال، وتنشر الخير في كل مكان حللت فيه كل ذلك خدمة لدينك ودفاعا عن الحق، والدفاع عن الدين هو الولاء الحق دفاعا ونصرة وتأييدا فرابطة الدين أقوي من رابطة الدم، والنسب ،والقرابة ،والمصالح. فالدين أغلي من كل شيء في هذا الوجود.

و تبليغ دعوة الله قد تكون أبلغ من تسديد السهام إلى نحور الأعداء فاستقم على دعوة الناس لله ليتوبوا  و ليعودوا إلى مساجد الله و حضور الصلاوات و لتزيد قيمة التدين و دين الله في المجتمع و تنتشر مظاهره من ذكر و تسبيح و تهليل و صلاة على رسول الله و كذلك فعل الخيرات و ترك المنكرات و لتعود قيمة الحجاب و مظاهره عودة أخرى  و ليكون طريقنا إلى الناس ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ )الرعد: 11(

الولاء للدين والتخلي عن كل ما يخالفه

والولاء لدين الله من أمور العقيدة الراسخة التي لا تقبل المهادنة أو التنازل أو التفريط في حق الدين؛ لأن الدين شريعة وعبادة ومعاملة أغلي ما في الوجود، والولاء الحق يتطلب النصرة بكل ما أوتي الإنسان من قوة مادية ومعنوية، ويفرح بنصر الدين وسيادة شريعته ويأسي لتنكب أهله، والبراء هو التخلي عن كل ما يعطل مسيرة الدين في صياغة الحياة حتي لو كان أقرب الناس.

و من ثمار الولاء أن يكون لأصحابه الأثر الفعال، والقوة الفعالة في بناء الحق والخير الذي أراده الله، إن الإيمان يصبغ السلوك، فإذا به يشع من خلال الحركة والجهد ، الكلمة والابتسامة و السمت والانفعال.

فالدين هو لحمنا ودمنا وأغلي ما في حياتنا جاءنا عبر تضحيات غالية نادرة، ولا يليق في حق من بذلت فيه الدماء أن نضن عليه بالمهج والأرواح وليس معناه الموت في سبيل الله فقط ولكن أيضاً الحياة في سبيل الله التي تتطلب منك انضباطا وسلوكا وتبليغا لدينك ونشرا في العالمين ﴿وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ﴾.(الأنبياء:107)

فاستقم و أظهر لله من نفسك قوة وكن حيث أرادك، وإياك إياك أن يطلبك في مكان فلا يجدك، أطع ربك بغير مجادلة فإنما تطيع من تعاظمت حكمته وتناهت قدرته واستحالت معارضته. فكن مواظبا على الأوراد و الأذكار و محافظا على صلاتك في أوقاتها و ليكن لك من الليل حظ و نصيب و كن أمينا في عملك متقننا له و كن داعيا عاملا لدين الله بإخلاص و مع اخوانك وزوجا عفيفا يعف نفسه وأهله أو زوجة  تطيع زوجها و خدمته و أولادها أو إبنا يعمل جاهدا لإرضاء أبويه و مسلما يعفو ويسامح الآخرين ينشر دين الله و يبني قيم الخير ينشر الفضائل و يحارب الرزائل مفتاحا  لكل خير زغلاقا لكل شر اللهم و اجعلنا كل هذا الرجل

وهو تعبير له تعبير، وأنت يوسف هذه الأحلام،  وإن يدك مع أيدينا لنعمل سويا في هذا السبيل والله ولي توفيقنا وهو حسبنا ونعم الوكيل فنعم المولى ونعم النصير.

توصيات

  1. المحافظة على الوظيفة الكبرى صباحًا ومساءً، فإن ضاق وقتُ الأخ فليقرأ الوظيفة الصغرى. المحافظة على الذكر الدائم في كل المناسبات والأحوال
  2. من أفضل صور الذكر المحافظة على تلاوة القران الكريم و تدبر اياته ( أن يكون لك ورد يومى لا يقل عن جزء).
  3. الحرص على قيام الليل والدعاء فى جوف الليل.
  4. ورد دعاء يومى مع تحرى أوقات إجابة الدعاء
  5. الإهتمام بدعوة الأهل و الأولاد لتلك الطاعات و الأوراد السابقة
  6. دعوة الأرحام و الأصحاب و  زملاء العمل للطاعات و قيم الخير في المجتمع (التدين – الحجاب – إعمار مساجد الله)
  7. الصدقة و البذل سواء لأصحاب الحقوق أو لغيرهم