إذا كانت رابطة الأخوة في الله هي أعظم الروابط وأوثق العرى و روح الإيمان وحلاوته ولباب المشاعر الرقيقة  وعدة الدنيا والآخرة فإن الحفاظ على هذه الرابطة نقية خالية من أي شوائب من ألزم الأمور التي تجب على المسلم

ولأن هناك بعض الأفات التي تفتت راوبط الأخوة كانت هذه السلسلة بعنوان: “أفات تقطع أواصر الأخوة ” وذلك حتى يحذر المسلم الحريص على الأخوة الوقوع فيها كما كان حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يقول: (كانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي)

اتباع الهوى

إن من أخطرالآفات التي تصيب بعض العاملين لدين الله ويصطلي بنارها العمل الإسلامي هي آفة اتباع الهوى .

وهي السير وراء ما تهوى النفس وتشتهي أو النزول على حكم العاطفة من غير تحكيم العقل أو الرجوع إلى شرع أو تقدير لعاقبة .

فصحب الهوى لا حكَمَةَ له ولا زمام، ولا قائد له ولا إمام، إلهه هواه، حيثما تولت مراكبه تولى، وأينما سارت ركائبه سار، فآراؤه العلمية، وفتاواه الفقهية، ومواقفه العملية، تبع لهواه”

فتراه يبني أحكامه على الأشياه طبقا لما تهواه نفسه لا لما يطلبه منه الشرع والعقل وحكمه على الأشخاص يبنيه على ميل هواه  بدون بينة ولا دليل  لا يقبل النصيحة ولا ينصاع لرشد ، وهذا الأمور وإن كانت محذروة على أي مسلم ولكنها في حق من تربطهم رابطة الأخوة فهي أكثر جرما فمثل هذه الأمور تدمر أوثق الروابط وأقوى العلاقات وتمنع من اقبال الناس على الدعوة و يكون سبباً في حجب ه العون و التأييد الإلهي للدعوة  .

واتباع الهوى بعيدا عن منهج الله ورسوله هو مذموم قال تعالى ” ولا تتبع الهوى فيظلك عن سبيل الله ” وقال تعالى ”  ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله”

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله)

وقال أيضا (حتَّى إذا رأيتَ شُحًّا مُطاعًا، وهوًى مُتَّبعًا، ودُنيا مؤثَرةً، وإعجابَ كلِّ ذي رأيٍ بِرَأيِه، فعَليكَ بنَفسِك، ودَعْ عنكَ العوامَّ)

وأسباب هذه الآفة: ـ

ـ عدم التربية على ضبط الهوى منذ الصغر: فالطفل الذي تعود على الانسياق وراء العواطف والرغائب حتى لو كانت مخالفة للمشروع يصعب تخليه عن ذلك إذ من شب على شئ شاب عليه إلا ما رحم ربي

ـ مجالسة أهل الأهواء ومصاحبتهم: فمن لازم مجالسة أهل الأهواء وأدام صحبتهم، فلابد من تأثره بما هم عليه، لاسيما إذا كان ضعيف الشخصية

عن أبى قلابة قوله : “لا تجالسوا أهل الأهواء ، ولا تجادلوهم ، فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم ، أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون”

ـ الجهل بالعواقب المترتبة على اتباع الهوى: ذلك أن من جهل عواقب محظور من المحظورات وقع في هذا المحظور دون أدنى اهتمام أو مبالاةا

وعلاج اتباع الهوى:

ـ الاستعانة الكاملة بالله – عز وجل –: فإنه سبحانه يعين من لجأ إليه ولاذ بحماه، وطلب العون والتسديد منه

ـ مجاهدة النفس :  وحملها قسراً على التخلص من أهوائها وشهواتها من قبل أن يأتي يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً ، والأمر يومئذٍ لله

ـ الانقطاع عن مجالسة ومصاحبة أهل الأهواء ، مع الارتماء في أحضان أهل الصلاح والاستقامة ، فإن ذلك يعين على تحرير النفس من وقوعها أسيرة الأهواء

ـ متابعة الآخرين ورعايتهم لصاحب الهوى ، تارة بالنصيحة المقرونة بآدابها وشروطها ، وتارة بإيقاع السلوك الأمثل أمامه ، وتارة بالعتاب و التأنيب

ـ الوقوف على سير وأخبار من عرفوا بمجاهدة نفوسهم وأهوائهم وإلزامها بحدود الله مثل عمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، وغيرهم

فالمطلوب من كل حريص على رابطة الأخوة في الله أن يعمل على تنقية نفسه من هذه الآفة وعلاجها وأن يحرص على البعد عن أهل الأهواء الذين يقدمون أهواءهم على العقل والشرع ما دام قد قدم لهم النصيحة ولم يمتثلوا لها.