الثقة بالنفس

إنَّ من أولى الأولويات التي تعين الداعية على الثبات في زمن الفتن وغربة الدين بعد الثقة في الله ؛ هي ثقته في نفسه . ولذلك كانت هي أول أهداف الأعداء فأكثروا من تصويب السهام نحوها .

فتارة بتسليط الآلة الإعلامية لتشويه صورته وإلقاءه بالتهم الجزاف طعنا في ذمته وعرضه ودينه .

وتارة بتهيج وإثارة العوام ضده لتنفيرهم من خطبه ومواعظه .

وتارة بإظهاره المنهزم الذي لا طائل من التعاطف معه .

وتارة أخرى برميه بالخيانة والعمالة والعنف …وغيرها من التهم التي من  شأنها أن تقلل من قيمة الدعاة والمصلحين .

فكادت هذه السهام أن تصيب بعض الدعاة في مقتل ؛ فتزعزع ثقتهم بأنفسهم . تلك الثقة التي طالما امتاز بها الدعاة وكانت مظهر من مظاهر العاملين لدين الله.

وهذة الثقة  أكتسبوها من :ـ

أولا :  من الثقة في الله وموعوده لهم قال تعالى ” وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ” وقال تعالى ” وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ* إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ* وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ

ثانيا : الثقة في المنهج  فالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة هما منبع هذا المنهج الذي يسير على ضوئه وقد تكفل الله بحفظه فقال ” إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ

هذا المنهج وهذا الطريق الحق الذي سلكوه يظهر صوابه من النظر فيمن يقف في صفه ومن يقف ضده ، فإذا كان كل من يقف ضد هذا المنهج أعداء الله من غير المسلمين ومن خلفهم أهل الفجور والانحلال واللصوص ممن يدعون أنهم مسلمون ،  فالفطرة السليمة تحكم بصواب المنهج وسلامة الطريق

فالدعاة إلى الله يحتاجون إلى ترميهم ثقتهم بأنفسهم

 ـ  لأنَّ الله قد وصفهم في قرانه بأنهم هم أهل الفلاح فقال ” وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

ـ لأنهم الطليعة الأولى التي تقود جمهور الأمة في إخراج الناس من الظلمات إلى النور قال تعالى ” كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ” وكما قيل: ” إذا كانت لك ثقة في نفسك ستلهم الآخرين الثقة

ـ لأنه يستحيل أن يعيش الداعية إلى الله بدون ثقة فهذا يكون حبس أسوء من الزنزانة له وتدمير لشخصية مريديه وأتباعه.  

فهيا أيها الدعاة إلى الله رمموا ثقتكم بأنفسكم يقينا في موعود ربكم وثقة في منهجكم وطريقكتم ، فأنتم طليعة الأمة وقبطان سفينتها .