شهداء الحرية
المعتز بالله وأحمد وعبد الحميد
فازوا ورب الكعبة
﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ۝ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ﴾[آل عمران: 169، 170].
هذه الأرواح الكريمة علي الله العزيزة علينا والتي ارتقت اليوم، شهداء، فداء لحرية الوطن، بيد طاغية متعطش للدماء، فازت ورب الكعبة، مع غيرهم من آلاف ارتقت أرواحهم من قبل في ميادين ومعتقلات وتصفيات!!! فالشهادة في سبيل الله درجة عالية لا يَهبُها الله إلا لمن يَستحقُّها، ممَن اعتنق الحق، وأخلص له، وضحى في سبيله، وبذل دمه ليروي شجرة الحق به. فهي اختيار من العلي الأعلى للصفوة من البشر ليَعيشوا مع الملأ الأعلى،﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ﴾ [آل عمران: 140]، إنها اصطفاء وانتقاء للأفذاذ من البشر ليكونوا في صحبة الأنبياء ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء: 69].
ما أروع هذا النعيم (أرواحُهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرَح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطَّلع إليهم ربهم اطِّلاعةً فقال: هل تشتهون شيئًا؟ قالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شِئنا؟! ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يُتركوا من أن يسألوا قالوا: يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نُقتَل في سبيلك مرةً، أخرى فلما رأى أن ليس لهم حاجة تُركوا))؛ رواه مسلم، والترمذي وقال: حسن صحيح، وابن ماجه، والطبراني، وغيرهم
رسالة الي أهل الشهيد
أبشروا !! «الشهيد يشفع في سبعين من أهله»
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن للشهيد عند الله ستَّ خصال؛ «يُغفَر له عند أول دفعة من دمه، ويرى مكانه في الجنة، ويأمن الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما عليها، ويُزوَّج ثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويَشفع في سبعين من أهله»؛ رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الشيخ الألباني؛ عن المقدام بن معدي كرب.
رسالة الشهيد الي اخوانه وهو يحلق في السماء
استمروا واصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون
لا تـحـــزَنوا يا إخوتي إني شَهيــد المـِحــنـةِ
وكـرامتي بشَهادتــــي هي فرحتي ومسرَّتي
ولئن صرعتُ فذا دمي يـــــوم القيامة آيتي
الريــح منـــه عــاطــر واللـون لــون الوردةِ
آجـالنــا محــــدودة ولقاؤنــا في الجنــــةِ
ولقاؤنــــــا بحبيبنــــا بمحمَّــد والصُّحبـــــــةِ
وســلاحنــا إيماننـا وحياتنــا فـــــي عـزَّةِ
رسالة الي الطغاة
اعلموا أن من سنة الله مع الطغاة أنه يمهلهم في غيهم وطغيانهم ﴿وَكَأَيِّنْ مَنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ (الحج:48) فيستدرج الله الطغاة ليزدادوا إثماً ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ، وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾(القلم:44 ـ 45) فالله سبحانه وتعالى يمهل لهؤلاء الطغاة ويمدهم بأسباب القوة ، والقدرة على الحرب كيداً ومكراً بهم لا حباً لهم ونصراً ، ثم يأخذهم على حين غرة وثبت في الحديث :”إن الله تعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته “. إنها مسألة وقت ” ولكنكم تستعجلون وإن الشر مهما استعلاء وطغى وبغى فلا بد له من نهاية مريرة. والطغاة قد تخدعهم قوتهم وسطوتهم المادية، فينسون قوة الله وجبروته، فيهلكهم الله عز وجل. فالبغي إذا تمرد وتكبر فإنه يهلك نفسه بنفسه فيهيئ الله المستضعفين المعتدى عليهم أن يسحقوا هذا الباطل الأشر: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ (القصص:5) حين استعلي الإيمان، في القلوب واستعدوا لاحتمال التعذيب وهم مرفوعو الرؤوس يجهرون بكلمة الإيمان في وجه فرعون دون تلجلج ودون تحرج، ودون اتقاء للتعذيب. عند ذلك تدخلت يد القدرة لإدارة المعركة. وإعلان النصر الذي تم قبل ذلك في الأرواح والقلوب.
﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾