عقبات في الطريق

الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد؛

فمن روائع الإمام الرباني ابن القيم- رحمه الله – وصفه لمكر الشيطان بالإنسان ومحاولة جره إلى الهاوية بكل حياة ما استطاع إلى ذلك سبيلا .

ذلك أن الشيطان يريد أن يظفر بابن آدم في عقبة من تلك العقبات السبع:-

1- عقبة الكفر بالله وبدينه ولقائه وبصفاته الإعتقادية أو التعبدية فإن نجا الإنسان من هذه العقبة ببصيرة الهداية طلبه الشيطان على …

2- عقبة البدعة الإعتقادية أو التعبدية بإعتقاد خلاف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم أو التعبد بما لم يأذن به الله، فإن نجا انتظره الشيطان على ….

3- عقبة الكبائر أو إغراه برحمة الله وعفوه ” ويقولون سيغفر لنا ” فإن نجا العبد من ذلك طلبه الشيطان على …

4- عقبة الصغائر وأغراه بأن اجتنابه الكبائر يُكفرها وحقَّرها في عينيه ليستكثر منها فإن تدارك العبد نفسه وتاب ترصد له الشيطان على ….

5- عقبة المباحات ليشغله بها عن الإستكثار من الطاعات أو يستدرجه بها للوقوع في المكروهات فإن أدرك صاحب البصيرة نفسه ووفر وقته وعمره وتقلل منها كان الشيطان له بالمرصاد على …

6- عقبة الأعمال المرجوحة فشغله بها عن الأعمال الراجحة وقنَّعه بالأدنى دون الأعلى من الأعمال فإن وفق الله عبده لحفظ مراتب الأعمال حاصره الشيطان من العقبة التي لم ينجُ منها أحد من الأنبياء أو الصالحين وهى…

7- عقبة تسليط جنده على المؤمن بأنواع الأذى المادي والمعنوي وهذا من حجة ابتلاء الله للمؤمنين.

” لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ”
ولاحيلة للعبد في هذه الحالة إلا الصبر والتقوى و التهيؤ الروحي والنفسي لخوض المعركة أمام عدوه وأتباع عدوه بعبودية المراغمة والإجتهاد في كل عمل يغيظ عدو الله وعدوه، والإستعداد لطول المعركة التي تستمر حتى ينزل العبد بشاطئ الفردوس الأعلى.

أما الشيطان فلا ييأس من العبد مهما بلغ من درجات الإيمان ويظل يكابر ويكيد له حتى تبلغ الروح الحلقوم .

وقد قيل أن الإمام أحمد بن حنبل وهو يحتضر جعل من عنده يلقنونه الشهادتين فيقول لا بعد … لا بعد … فلما أفاق سألوه فقال : لم أكن أقول لكم ولكن الشيطان كان واقفاَ ببابي عارضاَ علي يده يقول : فتني ياأحمد …. فتني يا أحمد … فأقول لا بعد …حتى تبلغ الروح الحلقوم .

وهكذا يكون كيد الشيطان الذي توعد وأقسم بين يدي الله أن يغوي عباد الله أجمعين إلا عباده منهم المخلصين ، وعلى طريقته يسير أتباعه من شياطين الإنس ويسعون لإستدراج المؤمن إلى تشكيكه في دعوته وتاريخها وأهدافها ورجالها فإن فشلوا سعوا لإقناعه بتغييرها وتعديل مسارها بحجة الإصلاح .

فإن فشلوا سعوا إلى الوقيعة بين أبنائها ورجالها فإذا أعيتهم الحيلة لجأوا إلى الضغط على أبناء الدعوة بالإعتقالات والتعذيب والمحاكمات الجائرة والأحكام القاسية ثم أرسلوا أذنابهم يوهمون الشباب بالتوقيع على وثيقة العار التي يسمونها “وثيقة المصالحة ”

على أمل أن تثمر المعاناة قبولاَ في نفوس الشباب فيبدأون بالتوقيع على هذه الورقة وبذلك يبدأون طريق “الزوحليقة” خطوة فخطوة بإعلان التخلي عن الدعوة والتبرؤ من الإرتباط بها ثم الإساءة إلى رموزها وابنائها ثم التصنت والتجسس على أعوانهم، ثم نبذ كل ما كانوا متمسكين به من أخلاق حتى ينتهوا إلى ترك الفرائض جملة وتفصيلا .
كل ذلك بمجرد وعد كذوب بالإفراج يطلقونه وهم عازمون على نكثه، وبذلك ينتهي من يستجيب لهم بالضياع فلا دينه أبقى ولا دعوته وفَّى ولا على إخوانه حافظ ولا بشيئ مما أطمعوه به تحقق ولا حول ولا قوة إلا بالله….

فليحذر الأخ العاقل ذلك وليُحذر إخوانه من تبعة ومغبة سوء عاقبته، وليكن أمله في نصر الله وفرجه وهو آت لا شك فيه ….
والله معكم ولن يتركم أعمالكم….