عندما يتعلق القلب بالله

يخبر تعالى بغنائه عما سواه، وبافتقار المخلوقات كلها إليه، وتذللها بين يديه، فقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ}؛ أي: هم محتاجون إليه في جميع الحركات والسكنات، وهو الغني عنهم بالذات؛ ولهذا قال: {وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر:15]؛ أي: هو المنفرد بالغنى وحده لا شريك له، وهو الحميد في جميع ما يفعله ويقوله، ويقدره ويشرعه.

وقوله: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} [فاطر:16]؛ أي: لو شاء لأذهبكم أيها الناس وأتى بقوم غيركم، وما هذا عليه بصعب ولا ممتنع؛ ولهذا قال: {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ} [فاطر:17].

فيخاطب تعالى جميع الناس، ويخبرهم بحالهم ووصفهم، وأنهم فقراء إلى الله من جميع الوجوه:

فقراء في إيجادهم، فلولا إيجاده إياهم لم يوجدوا.

فقراء في إعدادهم بالقوى والأعضاء والجوارح، التي لولا إعداده إياهم بها لما استعدوا لأي عمل كان.

فقراء في إمدادهم بالأقوات والأرزاق والنعم الظاهرة والباطنة، فلولا فضله وإحسانه وتيسيره الأمور لما حصل لهم من الرزق والنعم شيء.

فقراء في صرف النقم عنهم، ودفع المكاره، وإزالة الكروب والشدائد، فلولا دفعه عنهم، وتفريجه لكرباتهم، وإزالته لعسرهم، لاستمرت عليهم المكاره والشدائد.

فقراء إليه في تربيتهم بأنواع التربية وأجناس التدبير.

فقراء إليه في تألههم له، وحبهم له، وتعبدهم، وإخلاص العبادة له تعالى، فلو لم يوفقهم لذلك لهلكوا، وفسدت أرواحهم وقلوبهم وأحوالهم.

فقراء إليه في تعليمهم ما لا يعلمون، وعملهم بما يصلحهم، فلولا تعليمه لم يتعلموا، ولولا توفيقه لم يصلحوا.

فهم فقراء بالذات إليه، بكل معنى، وبكل اعتبار، سواء شعروا ببعض أنواع الفقر أم لم يشعروا، ولكن الموفق منهم الذي لا يزال يشاهد فقره في كل حال من أمور دينه ودنياه، ويتضرع له، ويسأله ألا يكله إلى نفسه طرفة عين، وأن يعينه على جميع أموره، ويستصحب هذا المعنى في كل وقت، فهذا أحرى بالإعانة التامة من ربه وإلهه، الذي هو أرحم به من الوالدة بولدها.

قصد بذلك أن يريهم أنهم لشدة افتقارهم إليه هم جنس الفقراء، وإن كانت الخلائق كلهم مفتقرين إليه، من الناس وغيرهم؛ لأن الفقر مما يتبع الضعف، وكلما كان الفقير أضعف كان أفقر، وقد شهد الله سبحانه على الإنسان بالضعف في قوله: {وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفًا} [النساء:28]، وقال سبحانه وتعالى: {اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ} [الروم:54]، ولو نكر لكان المعنى أنتم بعض الفقراء.

عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن الله تبارك وتعالى: «يا عبادي، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه».

وفي هذا تنبيه للخلق على إدامتهم لسؤاله تعالى، مع إعظام الرغبة وتوسيع المسألة، لما تقرر أن خزائن الله لا تنقص بالعطاء، سحاء الليل والنهار دائمة.

الصمد الذي يصمد إليه جميع الخلائق في حوائجهم ومسائلهم، فهو المقصود إليه في الرغائب، المستغاث به عند المصائب، فإليه منتهى الطلبات، ومنه يسأل قضاء الحاجات، وهو الذي لا تعتريه الآفات، وهو حسبنا ونعم الوكيل، فهو السيد الذي قد كمل في سؤدده، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والعليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته، وهو الذي قد كمل في صفات الكمال، ولا تنبغي هذه الصفات لغير الملك الجليل القادر المقتدر، الذي {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}، {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا}.

وعن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله تعالى: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني، غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا، لأتيتك بقرابها مغفرة».

قال الشافعي:

ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت رجائي دون عفوك سلما

تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك ربي كان عفوك أعظما

فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل تجود وتعفو منة وتكرما

فإن تنتقم مني فلست بآيس ولو دخلت نفسي بجرمي جهنما

ولولاك لم يغوى بإبليس عابد فكيف وقد أغوى صفيك آدما

وإني لآتي الذنب أعرف قدره وأعلم أن الله يعفو ترحما

لا بد على المرء أن يعلق قلبه بالله، ويجعل الثقة به سبحانه وتعالى في كل أحواله، ولا يليق بالمسلم أن ييأس من روح الله، ولا يقنط من رحمته، ولا يكون نظره مقصورًا على الأمور المادية والأسباب الظاهرة؛ بل يكون متلفتًا في قلبه في كل وقت إلى مسبب الأسباب، إلى الكريم الوهاب، متحريًا للفرج، واثقًا بأن الله سيجعل بعد العسر يسرًا، ومن هنا ينبعث للقيام بما يقدر عليه من النصح والإرشاد والدعوة، ويقنع باليسير إذا لم يمكن الكثير، وبزوال بعض الشر وتخفيفه إذا تعذر غير ذلك.

يقول الإمام ابن القيم: «ولا يزال يضرب هذا القلب السليم على صاحبه، حتى ينيب إلى ربه، ويخبت إليه، ويتعلق به تعلق المضطر، الذي لا حياة له ولا فلاح ولا نعيم ولا سرور إلا برضاه وقربه، والأنس به، فبه يطمئن، وإليه يسكن ويأوي، وبه يفرح، وعليه يتوكل، فإذا حصل له هذا سكن وزال اضطرابه، وانسدت تلك الفاقة.

إن في القلب فاقة لا يسدها شيء سوى الله أبدًا، وفيه شعث لا يلمُّه غير الإقبال عليه، وفيه مرضٌ لا يشفيه غير الإخلاص له، وعبادته وحده، فهو دائمًا يضرب على صاحبه حتى يسكن ويطمئن إلى إلهه ومعبوده، فحينئذ يباشر روح الحياة».

وإذا تعلق القلب بالله عز وجل وطاعته أحبه حبًّا عظيمًا يفوق كل المحبوبات، وإذا انشغل القلب بالله تعالى ومناجاته والتضرع إليه لم يشغله شيء أبدًا عن ذلك، قال تعالى: {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأبْصَار} [النور:37].

قلب المؤمن المتعلق بالله سبحانه، أقبل فقُبِلَ، وعرف لماذا خُلِقَ فعَمَل، إذا رجع الناس إلى لذّاتهم عاد هو إلى عبادته، وإذا سكن الخلق إلى أوطانه سكن إلى حُرقات أشجانه، وإذا أقبل التجار على تفقّد أموالهم أقبل على تفقّد أحواله، وإذا التذّ الغافلون بالمنام على جنوبهم تلذّذ في القيام بكلام محبوبه.

وجوب تعلق القلب بالله وحده:

عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب».

إن هذه المضغة، القطعة من اللحم المسماة بالقلب، عليها مدار كل شيء، فهي بالنسبة للجسد ملكه، وما الأعضاء والجوارح، من السمع والبصر والأيدي والأرجل واللسان وغيرها، إلا جنود تحت خدمة هذا السيد المطاع، الذي هو القلب، فإذا كان القلب صالحًا فإنه يأمر جنوده بكل أمر صالح، فلا ينظر الإنسان إلا إلى حلال، ولا يسمع إلا الخير، ولا يمشي إلا إلى خير، ولا يأخذ إلا خيرًا، وإذا كان هذا السيد المطاع الذي هو القلب فاسدًا فإنه يأمر جنوده، التي هي الأعضاء، بالشر والفساد، فلا يرتاح الإنسان إلا إلى النظر للحرام، وسماع المحرم، والمشي إلى الحرام، وأخذ الحرام، وإعطاء الحرام، فالقلب يملي على جوارح الإنسان جميع الأعمال؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم عن هذه المضغة: «إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله».

فإننا حين نرى مظهر الإنسان مظهرًا سيئًا منحرفًا نستنتج من ذلك أن القلب إما ميت أو مريض، والعكس بالعكس؛ إذا كان مظهر الإنسان مظهرًا حسنًا فإننا نستنتج من ذلك أن القلب فيه حياة وفيه نور.

القلب لا بد له من تعلق؛ لأن الله تبارك وتعالى حين خلق القلب جعله مستودعًا للمشاعر؛ من الحب، والبغض، والرحمة، والحسد، والحقد، وغيرها من المشاعر الطيبة أو المشاعر الخبيثة.

فلا بد أن يكون هذا القلب مملوءًا بشيء، إما بخير أو بشر، لا بد أن يتعلق القلب بشيء، ولننظر الآن في أنواع الأشياء التي يمكن أن يتعلق بها القلب، ونطبقها على واقع حياتنا التي نعيشها في هذا العصر.

قد يتعلق قلب الإنسان، رجلًا كان أو امرأة، بالدنيا وزخارفها، ويمتلئ بمحبة هذه الدار والحرص على الاستمتاع الكامل بها، وهذه ليست من صفات المؤمنين، يقول الله عز وجل: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (15) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (16)} [الأعلى:15-16]

ويقول جل وعلا: {وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الذين يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ} [إبراهيم:2-3]

فاستحباب الحياة الدنيا وإيثارها على الآخرة ليست من صفات المؤمنين، ويقول سبحانه: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16)} [هود:15-16].

لا بد أن تجمع في قلبك ثلاثة معانٍ:

أولًا: حب الله تعالى، والله سبحانه هو الذي أنعم على العبد بجميع النعم، فهو المستحق للحب استحقاقًا كاملًا.

الأمر الثاني: الخوف من الله؛ لأن الله تعالى قوي شديد العقاب، والمعصية مهما صغرت فأنت لا تنظر إلى صغر المعصية، لكن انظر إلى عِظَم من عصيت، وهو الله تبارك وتعالى، فحري بالعبد أن يخاف الله تعالى.

الثالث: هو الرجاء في الله تعالى، بحيث يجمع الإنسان بين حب الله وخوفه ورجائه.

أساس تعلق قلب الإنسان بربه تبارك وتعالى هو معرفته إياه حق المعرفة، فمعرفة الله عز وجل حق المعرفة تجعل تعلق قلب الإنسان بربه تبارك وتعالى أمرًا يسيرًا وسهلًا، فأساس التعلق بالله عز وجل هو معرفته، وإلا فكيف يتعلق الإنسان بشيء لا يعرف عنه شيئًا أو حتى لا يعرفه جيدًا، يجب على من أراد أن يعلق قلبه بالله عز وجل أن يطلع على قدرة الله عز وجل في الكون، وكيفية خلقه له، ولهذا الكون الذي يحمل الكثير من الأمور والشواهد العظيمة، التي لا يستطيع أحد غير الله عز وجل أن يفعلها، فقدرة الله تبارك وتعالى وعظيم قوته، وتحكمه في الكون؛ تجعل قلب الإنسان المسلم والمؤمن متعلقًا بالله جل في علاه.

فالناظر في قدرة الله عز وجل على إدارة هذا الكون، بكل ما فيه من مجرات وأقمار ونجوم وسموات وأرَضين، والناظر في كيفية قدرة الله عز وجل وعظيم حكمته في صنع الإنسان، وحسن الأداء في خلقه إياه يجعل قلب الإنسان متعلقًا بهذا الخالق القوي العظيم؛ خوفًا ووجلًا منه وحبًا له تبارك وتعالى، وإن من أهم الأشياء التي يجب على الإنسان أن يتعرف عليها حتى يصبح قلبه متعلقًا محبًا لله عز وجل هو معرفته لصفات خالقه وأسمائه، فالله عز وجل يحمل من الأسماء والصفات ما هو كفيل بتعلق قلوب العباد بربهم من خلالهم، إذا هم وقفوا على معاني تلك الأسماء والصفات وتدبروها جيدًا.

فمعرفة الإنسان بأن الله عز وجل خالقه ورازقه، ومعرفته أن الله عز وجل من صفاته الرحمة، وأنه جل في علاه أرحم بالإنسان من الإنسان في نفسه، كفيلة بجعل قلبه معلق بربه عز وجل، وذلك من أجل إرضائه والوقوع في رحماته.

وإن من أهم الأمور أيضًا، والتي تساعد الإنسان على تعلقه بالله عز وجل هو معرفته أن الله عز وجل دائم القرب منه، مجيبًا للدعاء إذا دعاه، وأن الله عز وجل يفرح بدعوته له، وطلبه لأموره منه، وليس كما الناس يغضبون عند سؤالك لحوائجك منهم، وذلك مصداقًا لقوله عز وجل في كتابه الكريم: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة:186].

فمعرفة الإنسان بقرب ربه تبارك وتعالى منه على الدوام يجعل قلبه معلقًا به بشكل مستمر، فالدعاء يساعد الإنسان على تعلقه بربه تبارك تعالى.

ومن الأمور التي تساعد الإنسان على تعلقه بربه تبارك وتعالى أيضًا هي الصلاة؛ وذلك أن الصلاة تشكل اتصالًا بين الإنسان وبين ربه تبارك وتعالى، وتمثل الصلاة هذه الأهمية الكبيرة لما فيها من وقع على النفس، فهي تضع في النفس الطمأنينة والراحة؛ ونتيجة لذلك يبقى الإنسان محافظًا على الصلاة، التي تقربه بالتالي لربه تبارك وتعالى، وتجعل قلبه معلقًا بالله عز وجل بشكل مستمر ومتواصل، وهناك الكثير من الأمور التي تساعد الإنسان على التعلق بالله عز وجل؛ كالتدبر بالقرآن الكريم ونحو ذلك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «كل من علَّق قلبه بالمخلوقات أن ينصروه، أو يرزقوه، أو أن يهدوه؛ خضع قلبه لهم، وصار فيه من العبودية لهم بقدر ذلك، وإن كان في الظاهر أميرًا متصرفًا بهم، فالعاقل ينظر إلى الحقائق لا إلى الظواهر، فالرجل إذا تعلق قلبه بامرأة، ولو كانت مباحة له، يبقى قلبه أسيرًا لها، تَحكُم فيه وتتصرف بما تريد، وهو في الظاهر سيدها؛ لأنه زوجها، وفي الحقيقة هو أسيرها ومملوكها، تحكم فيه بحكم السيد القاهر الظالم في عبده المقهور، الذي لا يستطيع الخلاص منه، فإن أسر القلب أعظم من أسر البدن، واستعباد القلب أعظم من استعباد البدن، فإن من استُعبد بدنه واستُرق لا يبالي إذا كان قلبه مستريحًا من ذلك مطمئنًا، وأما إذا كان القلب، الذي هو الملك، رقيقًا مستعبدًا متيمًا لغير الله، فهذا هو الذل والأسر المحض، والعبودية لما استعبد القلب»، ثم قال: «ومن أعظم هذا البلاء إعراض القلب عن الله، فإن القلب إذا ذاق طعم عبادة الله والإخلاص له لم يكن عنده شيء قط أحلى من ذلك، ولا ألذ ولا أطيب».

وقال الإمام ابن القيم: «أعظم الناس خذلانًا من تعلق بغير الله، فإنَّ ما فاته من مصالحه وسعادته وفلاحه أعظم مما حصل له ممن تعلق به، وهو معرض للزوال والفوات، ومثل المتعلق بغير الله كمثل المستظل من الحر والبرد ببيت العنكبوت أوهن البيوت».

وتتأكد هذه الحقيقة عند أهل الإيمان بأربعة أمور:

الأول: أنَّ الله عز وجل غني عن طاعات العباد: فالله جل وعلا غني عن عباده، وليس في حاجة إلى عبادتهم وطاعتهم، قال الله عز وجل: {وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [لقمان:12]، وقال تعالى: {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر:7]

وقال تعالى: {وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل:40]، وقال تعالى: {وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُوا أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} [إبراهيم:8].

قال قتادة وغيره من السلف: «إن الله سبحانه لم يأمر العباد بما أمرهم به لحاجته إليه، ولا نهاهم عنه بخلًا منه؛ بل أمرهم بما فيه صلاحهم، ونهاهم عما فيه فسادهم».

الثاني: أن قبول الأعمال إنما هو من فضل الله ورحمته: ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله، لا أدري وأنا رسول الله ما يُفعل بي ولا بكم».

فإذا كان هذا هو حال سيد ولد آدم عليه أفضل الصلاة والسلام فكيف بغيره من الناس؟! ومَن قرأ قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لن ينجي أحدًا منكم عملُه»، قالوا: «ولا أنت يا رسول الله؟!»، قال: «ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته» ؛ أيقن بضعفه وعجزه، وازداد تضرعًا وافتقارًا لربه جل وعلا، ولم يتعاظم في نفسه، أو يُعجب بجهده وعمله.

قال الإمام ابن القيم: «كلما شهدت حقيقة الربوبية وحقيقة العبودية، وعرفت الله، وعرفت النفس، وتبيَّن لك أن ما معك من البضاعة لا يصلح للملك الحق، ولو جئت بعمل الثقلين؛ خشيت عاقبته، وإنما يقبله بكرمه وجوده وتفضله، ويثيبك عليه أيضًا بكرمه وجوده وتفضله».

وكلما شعر العبد بهذه الحقيقة بانت له عظمة الخالق جل وعلا، وعرف مقدار نفسه، وهكذا ربَّى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم، فها هو ذا أجلّهم وأعلاهم منزلة، أبو بكر الصديق رضي الله عنه، يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: «علمني دعاءً أدعو به في صلاتي»، والنبي صلى الله عليه وسلم أعرف الناس بصاحبه، ومع ذلك قال له: «قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم».

إنها تربية ربانية، تحدُّ من استعلاء العبد، وتجعله دائم الافتقار لربه، دائم الانكسار بين يديه، وإذا كانت هذه هي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنهما، وهو مَنْ هو إمامة وجلالة وجهادًا، ونصرة لدينه وذبًا عن نبيه؛ فكيف يكون حالنا ونحن المذنبون المفرطون؟!

وكنت أعجب من حال عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ كيف يخشى النفاق على نفسه، وهو الفاروق الذي بشّره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة؟! ثم عرفت أن العبد كلما ازداد عبودية وافتقارًا إلى ربه ازداد ازدراءً للنفس وخوفًا عليها، وتعلق قلبه بربه سبحانه وتعالى.

قال ابن رجب الحنبلي: «كان الصحابة ومن بعدهم من السلف الصالح يخافون على أنفسهم النفاق، ويشتد قلقهم وجزعهم منه، فالمؤمن يخاف على نفسه النفاق الأصغر، ويخاف أن يغلب ذلك عليه عند الخاتمة فيخرجه إلى النفاق الأكبر، كما تقدم أن دسائس السوء الخفية توجب سوء الخاتمة».

الثالث: أن المنة لله جميعًا: فالمؤمن ينسب ما به من نعمة وما عنده من طاعة إلى ربه ومولاه عز وجل، فله الفضل والمنة، ولا يزعم أن ذلك من حوله وكده وجهده، قال الله تعالى: {فَمَن يُرِدِ اللهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء} [الأنعام:125]، وقال تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَان} [الحجرات:17].

وفي الحديث القدسي قال الله تعالى: «يا عبادي، كلكم ضال إلا من هديته؛ فاستهدوني أهدكم»(20)، ومن عجائب آي الذكر الحكيم ما ورد في مطلع سورة المدثر، فعندما أُمر النبي صلى الله عليه وسلم بالنذارة بادئ الأمر وُضِّح له طبيعة الطريق، فقال عز وجل: {وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ} [المدثر:6].

إنها وصية واضحة لا غموض فيها، تجرد العبد من استعلائه وإدلاله على ربه؛ تملأ القلب مهابة وإجلالًا لله عز وجل صاحب الفضل والمنَّة.

ومن لطائف هذا الباب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما طُعن وجعل يألم، قال له عبد الله بن عباس مواسيًا: «يا أمير المؤمنين، ولئن كان ذاك، لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راض، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راض، ثم صحبت صحبتهم فأحسنت صحبتهم، ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون».

وبعد هذا الثناء العظيم على أمير المؤمنين رضي الله عنه تأمّل جوابه عندما قال لابن عباس: «أمّا ما ذكرت من صحبة رسول صلى الله عليه وسلم ورضاه فإنما ذلك منٌّ من الله تعالى عليَّ، وأمّا ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذاك منٌّ من الله جل ذكره من به علي، وأمّا ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك، والله، لو أن لي طلاع الأرض ذهبًا لافتديت به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه».

الرابع: أن العبد لا يأمن على نفسه الفتنة: فقد ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء».

فالعبد مهما بلغت منزلته لا يأمن على نفسه الفتنة، ويخشى أن تجرفه رياح الأهواء والفتن، ولهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم مصرف القلوب صرِّف قلوبنا على طاعتك».

فإمام المتقين يتضرع إلى الله عز وجل بهذا الدعاء افتقارًا إلى الله تعالى، فكيف بنا ونحن الفقراء المحاويج؟! ومن كان لا يأمن على نفسه رأيته أشد وجلًا على نفسه، وأشد انكسارًا بين يدي مولاه العظيم سبحانه وتعالى.

ولهذا فإن من أدرك هذه الحقائق الأربعة علم أن إعجاب المرء بطاعته، وإدلاله بها على ربه من أعظم الأدواء والآفات التي تُسقط العبد، وتجعله على شفا جرف من الضلال والانتكاس، والعياذ بالله.

قال مطرف بن عبد الله الشخّير: «لأن أبيت نائمًا وأصبح نادمًا أحبّ إليَّ من أن أبيت قائمًا فأصبح معجبًا».

وقال الإمام ابن القيم: «إنك إن تبيت نائمًا وتصبح نادمًا خير من أن تبيت قائمًا وتصبح معجبًا، فإن المعجب لا يصعد له عمل، وإنك إن تضحك وأنت معترف خير من أن تبكي وأنت مدل، وأنين المذنبين أحب إلى الله من زجل المسبّحين المدلين، ولعل الله سقاه بهذا الذنب دواءً استخرج به داءً قاتلًا هو فيك ولا تشعر».

وقال في وصف مشهد الذل والافتقار: «يشهد في كل ذرة من ذراته الباطنة والظاهرة ضرورة تامة، وافتقارًا تامًا إلى ربه ووليه، ومَنْ بيده صلاحه وفلاحه، وهداه وسعادته، وهذه الحال التي تحصل لقلبه لا تنال العبارة حقيقتها، وإنما تُدرك بالحصول، فيحصل لقلبه كَسْرة خاصة لا يشبهها شيء؛ بحيث يرى نفسه كالإناء المرضوض تحت الأرجل الذي لا شيء فيه، ولا به ولا منه، ولا فيه منفعة، ولا يُرغب في مثله.

وأنه لا يصلح للانتفاع إلا بجبر جديد من صانعه وقيّمه، فحينئذ يستكثر في هذا المشهد ما منّ ربه إليه من الخير، ويرى أنه لا يستحق قليلًا منه ولا كثيرًا، فأي خير ناله من الله استكثره على نفسه، وعلم أن قدره دونه، وأن رحمة ربه هي التي اقتضت ذكره به، وسياقته إليه، واستقل ما من نفسه من الطاعات لربه، ورآها، ولو ساوت طاعات الثقلين، من أقل ما ينبغي لربه عليه، واستكثر قليل معاصيه وذنوبه، فإن الكَسْرة التي حصلت لقلبه أوجبت له هذا كله».

ثم قال ابن القيم: «فما أقرب الجبر من هذا القلب المكسور! وما أدنى النصر والرحمة والرزق منه! وما أنفع هذا المشهد وأجداه عليه! وذرة من هذا ونَفَس منه أحب إلى الله من طاعات أمثال الجبال من المدلين المعجبين بأعمالهم وعلومهم وأحوالهم، وأحب القلوب إلى الله سبحانه قلب قد تمكنت منه هذه الكسرة، وملكته هذه الذلة، فهو ناكس الرأس بين يدي ربه، لا يرفع رأسه إليه حياءً وخجلًا من الله».

خامسًا: خشية الله في السر والعلن: الخوف من الله تعالى من أجلّ صفات أهل الإيمان، قال عز وجل: {إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال:2]، وقال عز وجل: {وَبَشِّرِ المُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الحج:34-35].

وخشيته عز وجل في السر والعلن من أعظم آيات الافتقار والفاقة إليه سبحانه، فمن عرف الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وأدرك عظمته وجبروته، وسلطانه الذي لا يقهر، وعينه التي لا تنام، وقدَّره حق قدره؛ خاف منه حق الخوف؛ ولهذا قال الله عز وجل: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن:46]، وقال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى (40) فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأْوَى (41)} [النازعات:40-41]، وقال تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} [إبراهيم:14].

ومن كانت هذه هي حاله رأيته متيقظ القلب، يرتجف خشية وإشفاقًا، دائم المناجاة لربه، يستجير به ويستغيث استغاثة المفتقر الذليل، قال الله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُون} [الزمر:9]، وقال سبحانه وتعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [السجدة:16].

وقال: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: 64]، قال الحسن البصري: «تجري دموعهم على خدودهم فَرَقًا من ربهم».

وتأمل معي قول الحق جل وعلا: {قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)} [الإسراء:107-109].

فهو الافتقار التام لله عز وجل، والانكسار بين يديه تذللًا وإنابة، قال الأستاذ سيد قطب: «إنهم لا يتمالكون أنفسهم، فهم لا يسجدون ولكن {يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا}، ثم تنطلق ألسنتهم بما خالج مشاعرهم من إحساس بعظمة الله وصدق وعده: {سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا}، ويغلبهم التأثر فلا تكفي الألفاظ في تصوير ما يجيش في صدورهم منه، فإذا الدموع تنطلق معبرة عن ذلك التأثر الغامر الذي لا تصوّره الألفاظ».

وشرط الخشية الصادقة أن تكون بالغيب؛ لأن القلب لا يتعلق إلا بالله، ولا يلتفت إلى ما سواه، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [الملك:12]، وقال تعالى: {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء:49]، وقال تعالى: {وأُزْلِفَتِ الجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (33)} [ق:31-33].

وفي الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله…»، وذكر منهم: «ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه».

قال الحافظ ابن حجر: «خاليًا: أي من الخلو؛ لأنه يكون حينئذ أبعد من الرياء، والمراد: خاليًا من الالتفات إلى غير الله ولو كان في ملأ».

والخوف من الله عز وجل عبادة قلبية، تدفع العبد إلى الحرص والجدية والإقبال على الطاعة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن خاف أدلج، ومَن أدلج بلغ المنزل».

ولهذا قال الحافظ عبيد الله بن جعفر: «ما استعان عبد على دينه بمثل الخشية من الله»