فن صناعة الأمل

بقلم /حسين العسقلاني

الكثير من الناس يستطيع أن يملأ قلبَك يأسًا وحياتَك قنوطًا، ونفسك تعاسةً، وينتقي لك من الأخبار ما يؤكد وجهة نظره في الشؤم واليأس، بينما القليل جدًا من الناس من يملأ قلبك أملًا ونفسك تفاؤلاً ويؤكد لك وجهة نظره ورؤيته بالكثير من الأحداث والوقائع والتحليل للأوضاع الراهنة، وآليات الانتقال من السيئ إلى الحسن ومن الحسن إلى الأحسن.

الناتج في الحالة الأولى (حالة اليأس) إنسان منهزم نفسيا، متشائم، قانط من أي إصلاح، مدبر عن الحياة، مقبل على هموم ونكد وتعاسة، بينما الناتج في الحالة الثانية (حالة الأمل) إنسان متفائل فرحٌ سعيدٌ مسرورٌ مقبلٌ على الحياة والعمل والإنتاج، لديه أمل لا يغيب في غدٍ أفضل، وحياة أجمل.

إن صناعة الأمل فنٌ لا يتقنه إلا بعض الناس فقط، وهو عملٌ ليس بالسهل اليسير، كما أنه ليس بالصعب العسير، بل يقوم على نظرة تفاؤلية إيجابية للحياة.

تتبنى المعارضة الهدّامة دائمًا عمليةَ اليأس من الإصلاح لتنفير الناس من النظام الحاكم، بينما المعارضة البنّاءة تنتقد النظام القائم لتطوّر منه للأحسن، لا لتهدمه تمامًا وتقوم هي على أنقاضه.

المُصلح الحقيقي مطلوب منه أن يبعث الأمل دائمًا في نفوس الجماهير وأن يبتعد كل البعد عن هواجس اليأس، وبواعث القنوط في أنفس البشر، وهو مُطالبٌ ليس فقط ببعث الأمل في نفوس المؤيدين لتثبيتهم على مواقفهم بل أيضًا في نفوس المعارضين لإثنائهم عن نظرة التشاؤم واليأس التي تطفئ في نفوسهم أي بريق للإصلاح.

وتقوم على عملية نشر اليأس بين الناس أنظمة عالمية تدفع بالمليارات من الأموال لقنواتٍ مأجورة لتبثَّ في الناس الانهزامية والقنوط والنفور عن أي عمل يساعد على الإنتاج والبناء والتقدم، ويساعدها في ذلك الكثير ممن كانوا منتفعين من النظام السابق وممن تقوم حياتهم على السرقات والنهب والرشاوى ولا يستطيعون العيش في مجتمع نظيف خالٍ من الأمراض الأخلاقية قائم على العدل والمساواة بين الناس.

غير أنه في المقابل وبفضل الله تصطدم هذه القنوات وأمثالها من وسائل نشر اليأس بجبال من الأمل مترسّخة في نفوس الجماهير من واقع تجربتها الممتدة مع المنظمة الفاسدة والتي لم يكن أحدٌ يتوقع أن تسقط رؤوسها بتلك السرعة، وكذلك من واقع إيمانها العميق المتأصل في نفوسها بحتمية وجود فترة انتقالية متأرجحة بين نظام كامل الفساد ونظام يسعى لإصلاح ما أفسده من قبله وبناء حضارة جديدة يهنأ بها البشر في الحاضر والمستقبل.

التفاؤل طريق الإصلاح، والأمل دافعٌ للعمل، والعمل طريق الإنتاج، والإنتاج المُتقَن هو أساس الحضارة والرقيّ والرفاهية.

دُعُونَا نتفاءل بغدٍ أفضل وواقعٍ أجمل وحياة هانئة وليكن هذا دافعًا لنا لمزيد من العمل والإنتاج.